مفتاح: الوكالة وأثرها على حقوق السكن والأرض والملكية
نظّم القانون المدني رقم 84 لعام 1949، أحكام الوكالة، وهي تُعرّف باسم الوكالة العدلية التي ينظمها شخص يسمى الموكل أمام دائرة الكاتب بالعدل لشخص آخر يسمى الوكيل.
ويستطيع الوكيل بموجب هذه الوكالة مراجعة كافة الدوائر، كالسجل العقاري والدائرة المالية في المحافظة، للقيام بأعمال وتصرفات لها آثار قانونية على حقوق والتزامات الموكل، كشراء عقار أو بيعه أو تأجيره، قبض راتب، وغيرها. والوكالة العدلية تختلف عن الوكالة القضائية التي ينظمها شخص ما لمحامٍ حصراً، أمام مندوب نقابة المحامين، بغرض مباشرة دعوى قضائية عن الموكل أمام المحاكم.
للوكالة العدلية نوعان:
الأول؛ الوكالة العامة، والأصل أنها لا تخول الوكيل إجراء أعمال التصرف بأموال الموكل، كالبيع أو التنازل عن الحقوق أو الإقرار. المادة 667 من القانون المدني، قالت بأن الوكالة الواردة في ألفاظ عامة لا تخصيص فيها لنوع العمل القانوني، لا تخول الوكيل القيام إلا بأعمال الإدارة المعتادة فقط. ومن تلك الأعمال؛ الإيجار لأقل من ثلاث سنوات، وتحصيل الحقوق وسداد الديون، وإمكانية القيام بأعمال التصرف التي تحتاجها أعمال الإدارة، مثل بيع المحصول أو البضاعة المعرّضة للتلف. وبذلك، فإن المفهوم القانوني للوكالة العامة الواردة في ألفاظ عامة ينحصر في نطاق أعمال الإدارة فقط، لا أعمال التصرف.
ولكن، شاع استعمال نموذج مطبوع تحت عنوان “وكالة عامة” صادر عن وزارة العدل، يتضمن كل أنواع أعمال التصرف والإدارة. ومن ذلك؛ صلاحية البيع والفراغ وقبول الشراء لجميع الحقوق بمختلف أنواعها والأموال المنقولة وغير المنقولة. ويجري توثيق هذه الوكالة أمام الكاتب بالعدل، على أنها وكالة عامة، تخول الوكيل حق التصرف بجميع أموال الموكل. وهذا ما جعل الأمر محل التباس. لكن، الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض استقر على أن العبرة ليست لشكل الوكالة، وإنما لما تتضمنه من حيث نوع التصرف كالبيع، أو من حيث محله كتحديد رقم العقار. فإن، لم تتضمن الوكالة نوع التصرف، كانت وكالة عامة لأعمال الإدارة فقط.
أما، إذا تضمنت تحديد نوع التصرف دون تحديد محله، كانت الوكالة خاصة في نوع التصرف وعامة في محله. وفي ذلك تقول محكمة النقض في قرارها رقم 2049 لعام 1998، أنه طالما الوكالة لها صفة العموم والخصوص، فلا يوصم الوكيل بالتجاوز على حدود الوكالة وسعتها.
الهيئة العامة لمحكمة النقض السورية، أعلى مرجع قضائي سوري، أكدت في قرارها رقم 71 لعام 2002، على قاعدة إمكانية تحديد نوع التصرف في الوكالة دون تحديد محله. وبالتالي، فإن الوكالة تعتبر خاصة في نوع التصرف وعامة في محله، بغض النظر عن شكل الوكالة. ولذلك فإن الوكالة العامة التي تضمنت نصاً بالبيع دون تحديد نوع العقار هي وكالة صحيحة من الناحية القانونية وتخوّل الوكيل التصرف بأموال الموكل.
الثاني؛ الوكالة الخاصة، وهي الوكالة التي يتحدد بها العمل أو الأعمال القانونية المطلوب القيام بها، والتي يمكن أن تشمل أعمال إدارة ومراجعة الدوائر العامة وقبض المعاشات وغيرها. بمعنى أنها تكون أكثر تخصيصاً لنوع العمل المراد إجراءه على وجه التحديد. والأصل أن أعمال التصرف كالبيع والتبرع والرهن تحتاج إلى وكالة خاصة. إذ يكفي تحديد التصرفات القانونية دون تحديد محلها. بمعنى تعتبر الوكالة الخاصة صحيحة إذا تضمنت البيع دون تحديد محل البيع وفقاً للمادة 668 من القانون المدني.
ومن حيث المبدأ، جميع الوكالات، مهما كانت مسمياتها تكون قابلة للعزل. أي يمكن للموكل أن يعزل الوكيل وينهي الوكالة أو يقيدها في أي وقت. إلا إذا تضمنت الوكالة الخاصة في متنها نصاً يفيد أنها صادرة لصالح الوكيل، أو لصالح الغير، فتكون في هذه الحالة فقط وكالة خاصة غير قابلة للعزل. وهنا لا يجوز للموكل أن ينهي الوكالة أو يعزل الوكيل دون رضا من صدرت لمصلحته. وذلك، وفقاً لما نصت عليه المادة 681/2 من القانون المدني. ولذلك، نجد أن جميع وكالات كاتب العدل الخاصة ببيع العقارات تستند إلى نص المادة 681/2، لأنها تجعل من الوكالة غير قابلة للعزل، وبمثابة بيع قطعي موثق بسند رسمي.