المساكن مسبقة الصنع في جبرين؛ لمتضرري الزلزال، أو لأعضاء الميليشيات الموالية للحرس الثوري الإيراني؟
أكد مصدر محلي في مجلس مدينة حلب، لمراسل سيريا ريبورت، أن ميليشيا الحشد الشعبي العراقي الموالية للحرس الثوري الإيراني، قد نقلت إلى حلب قرابة 450 مسكناً مسبق الصنع مخصصة لمتضرري زلزال 6 شباط. المصدر أشار إلى أن 300 مسكن منها فقط وجدت طريقها إلى منطقة جبرين، المخصصة لإقامة المساكن المؤقتة للمتضررين من الزلزال. بينما استولت ميليشيات محلية في حلب، موالية للحرس الثوري، على 120 مسكناً ونقلتها إلى ثكنات ومواقع عسكرية تسيطر عليها في عزان وعسان والحاضر في ريف حلب الجنوبي، ونبل والزهراء في ريف حلب الشمالي. كما استولت ميليشيا لواء الباقر على 30 مسكناً، نصبتها بالقرب من معقلها في حي البللورة في حلب الشرقية.
في 15 نيسان الماضي، نقلت وكالة سانا الرسمية، عن عضو مكتب تنفيذي في مجلس محافظة حلب، أن المحافظة خصصت لمبادرة الحشد الإغاثي الشعبي، مساحة 13 هكتاراً في جبرين. الحشد الإغاثي العراقي، هو ذراع مدنية لميليشيا الحشد الشعبي العراقي المؤلفة من فصائل شيعية عراقية مسلّحة. منسق مبادرة الحشد الإغاثي الشعبي العراقي كان قد قال في حديث سابق لسانا، إن مشروع المبادرة يستهدف إقامة 500 وحدة سكنية. وتبلغ مساحة كل شقة 36 متراً مربعاً، ومؤلفة من غرفتين وصالون وملحقاتها، ومزودة بلوح طاقة شمسية. ويدخل الحديد كمادة أساسية في تصنيع هذه الوحدات، مع مواد العزل الصوتي والحراري، وسيتم تجهيزها بالفرش المنزلي اللازم لحياة الأسرة، وتبلغ قدرتها الاستيعابية من 6 إلى 8 أفراد. في كل الأحوال، تبدو تلك المساكن التي نفذها الحشد الإغاثي الشعبي، أشبه بأكواخ صفيح، بحسب الصور التي نشرت لها.
مراسل سيريا ريبورت، أشار إلى أن غموضاً يحيط بعملية توزيع تلك المساكن مسبقة الصنع على متضرري الزلزال في حلب. إذ لم يصدر مجلس مدينة حلب لحد اليوم، لوائح بأسماء المستحقين لتلك المساكن، ولا توضيحاً لكيفية الاكتتاب عليها، والمعايير المعتمدة لتحديد المستحقين لها. وتنتشر شائعات بين الأهالي في حلب، بأنه سيتم توزيع تلك المساكن على أعضاء الميليشيات الموالية للحرس الثوري في حلب.
وكانت غرفة عمليات محافظة حلب، قد اعتمدت في آذار الماضي، مخططاً لإشادة وحدات سكنية مؤقتة مسبقة الصنع مخصصة لإيواء المتضررين من الزلزال، على مساحة 50 هكتاراً في جبرين. وتقع جبرين بالقرب من مطار حلب الدولي، وتحيط بها المنطقة الصناعية ومحطة حلب للقطارات، وقد ضمّت إلى الحدود الإدارية لمدينة حلب في العام 1996. وقد أقيم فيها في العام 2017 مركز إيواء ومخيمات للنازحين.
ومعظم الأراضي في جبرين هي أملاك عامة، سبق واستملكتها الدولة على مراحل مختلفة منذ ثمانينيات القرن الماضي. وفي الأصل أراضي جبرين زراعية خاصة، كانت ملكاً لأهالي قرية جبرين. وقد استملك مجلس مدينة حلب، 323 هكتاراً فيها في العام 1981 لإقامة منطقة صناعية. كما خطط المجلس لإقامة منطقة حرفية في جبرين مخصصة لورشات صيانة السيارات. وتم تنفيذ العديد من المقاسم الصناعية والحرفية، خلال العقود الماضية، بالتعاون بين محافظة حلب ومجلس مدينة حلب، واتحاد الحرفيين، لكن المدينة الصناعية والمنطقة الحرفية لم تريا النور فعلياً.
كل تلك الاستملاكات الهائلة التي طالت أراضي تابعة لبلدة جبرين، لم تعد عليها بأي نفع. إذ ما زالت البلدة تعاني من غياب كامل للخدمات الرئيسية من كهرباء وماء وصرف صحي، ومعظم البناء فيها غير مرخص. ومع ذلك، لم تتوقف الاستملاكات في جبرين. إذ أصدر وزير الري القرار رقم 1739 في العام 2004 لتنفيذ قناة جرّ المياه من القناة الرئيسية في مسكنة غرباً إلى نهر قويق، والقرار رقم 840 لعام 2005، لتنفيذ قنوات مغذية لسهول حلب الجنوبية. الأمر الذي قاد بدوره إلى استملاك الكثير من العقارات وأجزاء العقارات في البلدة وما تبقى من أراضيها.
في العام 2005 صدر المرسوم رقم 840، لاستملاك معظم المحضر رقم 466 في جبرين، لتنفيذ مشروع إرواء سهول حلب الجنوبية الشرقية. وقد تسبب المشروع باقتلاع 15 ألف شجرة زيتون وفستق حلبي وعنب، عدا المساحات السليخ التي تزرع بالحبوب. في العام 2006 صدر المرسوم رقم 460 لعام 2006، الذي نص في مادته الأولى على الدفع النقدي لبدل استملاك العقارات وأجزاء العقارات المستملكة في مشروع إرواء سهول حلب الجنوبية الشرقية. ولكن، لم تحصل، بحسب مراسل سيريا ريبورت، غالبية المتضررين في منطقة جبرين، على أي تعويضات بدلاً عن أراضيهم المستملكة.
خلال سنوات الحرب الماضية، بقي موقع مشروع منطقة جبرين الصناعية تحت سيطرة قوات النظام بحكم قربها من مطاري حلب المدني والعسكري. وفعلياً، تحولت الصناعية إلى منطقة تنشط فيها الميليشيات المحلية الموالية للحرس الثوري الإيراني، ومن بينها لواء القدس الذي يتخذ من مخيم النيرب المجاور معقلاً رئيسياً له. مصدر محلي في منطقة جبرين قال لمراسل سيريا ريبورت، أنه ما بين العامين 2012-2016، سكن نازحون من أحياء حلب الشرقية المقاسم المبينة في المدينة الصناعية في جبرين. بينما خصصت الميليشيات الموالية بعض المقاسم كمستودعات لآلياتها وأٍسلحتها وذخائرها.
وبعدما سيطرت قوات النظام على أحياء حلب الشرقية، نهاية العام 2016، وعد مجلس المدينة بإعادة تأهيل مدينة جبرين الصناعية، وإكمال عمليات التنفيذ وتسليم المقاسم للمكتتبين، وتشجيع عملية نقل المهن والحرف من داخل مدينة حلب إلى جبرين. لكن وعود المجلس بقيت مجرد أمانٍ غير محققة، وبقيت منطقة جبرين الصناعية على حالها.
في العام 2017 افتتح في منطقة جبرين الصناعية مركز إيواء للمهجرين. في ذلك العام نفسه، قال مجلس مدينة حلب، أنه بدأ العمل على استكمال المرحلة الأولى من المنطقة الحرفية لصيانة السيارات في منطقة جبرين، بعدما تم تقسيم الموقع الى أكثر من مرحلة-مشروع. ولم يحدث أي تقدم في المشروع على الأرض.
في العام 2018 خصص مجلس المدينة المركز لاستقبال مهجري كفريا والفوعة الشيعيتان في ريف إدلب. خلال الشهور القليلة الماضية، نقلت ميليشيا فيلق المدافعين عن حلب، التابعة لحزب الله السوري، أكثر من 400 عائلة من أبناء كفريا والفوعة، من مركز إيواء جبرين إلى شقق في مناطق سيطرتها في أحياء باب النيرب والمرجة والفردوس والبلورة وكرم حومد والمعادي. وتلك الشقق يملكها في الأصل غائبون من المهجرين قسرياً إلى مناطق المعارضة في شمال غرب سوريا.
في العام 2019، شكّل مجلس مدينة حلب لجنة متابعة لإعادة تأهيل منطقة جبرين الصناعية تمهيداً لنقل الحرفيين إليها. وهناك عدد كبير من المكتتبين والمخصصين على المقاسم في منطقة جبرين الصناعية، إن كانت مبنية أو ما زالت على المخطط بعد. معظم المكتتبين هم من الغائبين المهجرين قسرياً والنازحين. وبحسب اتحاد الحرفيين، سيتم إلغاء اكتتاب أولئك، بذريعة التخلف عن دفع الأقساط.