لجان تقييم أضرار الزلزال في إدلب
في إدلب الخاضعة لسيطرة حكومة الإنقاذ، دعت نقابة المهندسين، بعد يوم واحد على زلزال 6 شباط 2023، كافة المهندسين ذوي الخبرة، للتطوع والمساهمة في تقييم الأضرار على الأبنية المتصدعة، وتقييم سلامتها الإنشائية، إن كانت صالحة للسكن، وهل يجب إخلاؤها أو ترميمها.
وكانت نقابة المهندسين الأحرار قد تأسست في العالم 2014 في مناطق سيطرة المعارضة، ولها فرعان؛ فرع إدلب وفرع حلب. في العام 2020، أعيد تشكيل فرع إدلب باسم نقابة المهندسين السوريين-فرع ادلب. وهنا يجب التمييز، بين هذا الفرع، وفرع أخر يحمل نفس الاسم “نقابة المهندسين السوريين-فرع إدلب” والذي ينشط في مناطق سيطرة النظام في محافظة إدلب. في الحالتين، تسود هيكلية تنظيمية وإدارية وقانونية متماثلة في الفرعين، مع اختلاف تبعيتهما السياسية.
ومباشرة بعد دعوة 7 شباط 2023، شكلت نقابة المهندسين-فرع إدلب، بالتعاون مع وزارة الإدارة المحلية والخدمات التابعة لحكومة الإنقاذ، ومديرية الخدمات الفنية التابعة لمحافظة إدلب، لجاناً لتقييم أضرار الزلزال، من أولئك المهندسين المتطوعين، وُتم توزيعها على مناطق إدلب المتضررة.
في البداية، تألفت كل لجنة من أربعة مهندسين. ولكن، نتيجة حجم الطلبات الكبير من الأهالي لتقييم أوضاع مساكنهم المتصدعة، تمَّ تخفيض عدد أعضاء كل لجنة إلى ثلاثة، اثنان منهما مهندسين استشاريين ممن مضى على انتسابهما للنقابة عشرة أعوام على الأقل، والثالث من العاملين في مديرية الخدمات الفنية ويهتم بالتوثيق والإحصاء. ورافق كل لجنة ممثلون عن المكاتب الفنية لمجالس البلديات التي يقيمون الأضرار فيها. في كل الأحوال، اعتمدت اللجان في عملها التقييمي على خبرة أعضائها، باستخدام أدوات هندسية بسيطة، ليس منها أي تقنيات حديثة.
وكانت المجالس المحلية البلدية قد عممت على السكان الذين تضررت مساكنهم بالزلزال، ضرورة تسجيل أسمائهم لديها، لتوجيه اللجان بالكشف عليها تباعاً. وبالفعل زارت اللجان المواقع الأكثر تضرراً، وفحصت الأبنية المتصدعة فيها. تركيز اللجان انصب على فحص الجمل الانشائية في الطوابق الأرضية، أي العناصر الخرسانية الحاملة للمبنى من أعمدة وجسور، وكذلك أساسات البناء.
اللجان صنفت المباني التي عاينتها، في سجلات خاصة، ضمن أربع خانات:
أولاً؛ مبنى سليم غير متضرر قابل للسكن على وضعه الحالي من دون ترميم أو تدعيم. ثانياً؛ مبنى قابل للسكن، ولكن يحتاج إلى ترميم. ثالثاً؛ مبنى غير قابل للسكن يجب إخلاؤه، وعدم السماح لسكانه بالعودة إليه، إلا بعد تدعيمه وترميمه. رابعاً؛ مبنى خطر آيل للسقوط يجب إزالته لوجود ضرر كبير وتحطم في عناصره الإنشائية الحاملة له لا يمكن تدعيمها. وفي الحالة الرابعة، أي عندما تقرر اللجنة إزالة بناء ما، يجب أن يخضع البناء للكشف والتقييم مرة أخرى من قبل لجنة أخرى مركزية، تعطي قراراً نهائياً بالإزالة أو عدمها، ثم تنظر المحكمة في القرار قبل الحكم بتنفيذه. وليس واضحاً بعد كيف سيتم تشكيل هذه اللجنة المركزية.
وعلى الفور، باشرت لجان تقييم أضرار الزلزال إعداد تقارير فنية لكل بناء متضرر عاينته. ويجب أن يوقع على التقرير كل أعضاء اللجنة. على سبيل المثال، في يوم عمل واحد، عاينت إحدى اللجان 17 بناء، اتضحت الحاجة إلى إخلاء وترميم عشرة منها، في حين 6 منها كانت قابل للسكن، وواحد فقط يجب إزالته.
وبحسب تقديرات اللجان حتى 19 شباط، في مدينة سلقين لوحدها يوجد حوالي 200 مبنى طابقي بحاجة لإعادة ترميم الجدران. ويتألف كل بناء منها بشكل وسطي من خمسة طوابق. وهناك أيضاً، حوالي 200 مبنى طابقي بحاجة إلى إخلاء وترميم، و15 مبنى طابقي بحاجة الى إزالة كلية. في سلقين كان قد انهار 58 مبنى كلياً بفعل الزلزال.
وقد واجهت اللجان العديد من المعوقات، أبرزها حجم العمل الكبير والمستعجل، لأن الأهالي يريدون بسرعة معرفة إمكانية العودة إلى منازلهم المتضررة بفعل الزلزال. وكانت اللجان عندما تحضر إلى منطقة ما، تجد بانتظارها عشرات الأهالي الذين يضغطون عليها لمعاينة منازلهم. بعض التصدعات في المنازل تكون بسيطة كتشقق في الجدران، لكن المخاوف كبيرة لدى الأهالي. في كثير من الحالات لجأ الأهالي إلى مهندسين من خارج اللجان لمعاينة مساكنهم.