هل يجوز استملاك عقارات الغائبين لتأمين مساكن للمتضررين من الزلزال؟
انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض وسائل الإعلام الرسمية، دعوات للاستيلاء على مساكن الغائبين، وتوزيعها أو تأجيرها للمتضررين من زلزال 6 شباط. وأطلق تلك الدعوات رجال أعمال ومسؤولون، ممن طالبوا السلطة التنفيذية بوضع يدها على أملاك الغائبين دون موافقة أصحابها.
وطالب أولئك بقانون جديد يسمح للدولة باستملاك عقارات الغائبين، أو وضع اليد على كل الأملاك التي لا يسكنها أصحابها، أو مصادرة كل مسكن إضافي يملكه شخص ما ولا يسكنه. تلك المطالبات استندت إلى قانون الإيجار القديم رقم 111 لعام 1952 الملغى بقانون الإيجار تم إلغاؤه بقانون الإيجار رقم 6 لعام 2001، أو قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983.
في الحالتين، تبدو المطالبات غير واقعية، وتنتهك حقوق ملكية الغائبين من دون سند قانوني. إذ أن قوانين الإيجار الجديدة، وقانون الاستملاك، لم تتضمن أي نص يسمح بتجريد المالك من عقاره وتقديمه للغير تحت أي سبب كان. كما أن هذه المطالبات تعتبر مخالفة لدستور العام 2012، الذي اعتبر في مادته الـ15 أن الملكية الخاصة مصانة، لا يجوز نزعها إلا وفق أصول وإجراءات محددة.
قانون الإيجار 111
قانون الايجار القديم رقم 111 لعام 1952، كان يمنح الدائرة الاجتماعية التابعة للوحدة الإدارية الحق في تأجير عقار ما دون موافقة صاحبه. وتتولى الدائرة الاجتماعية تسجيل عقود الإيجار بين المؤجر والمستأجر، وتوثيقها. وكانت الدائرة الاجتماعية تخضع لإشراف قضائي، إذ كان يرأسها قاضي الصلح في المحافظة، بموجب القانون 111. ثم أصبحت الدائرة تحت إشراف إداري، إذ يرأسها أمين العاصمة (المحافظ) أو رئيس البلدية المختص، بموجب المرسوم 187 لعام 1970.
كما أجاز القانون 111 للدائرة الاجتماعية مهمة تسجيل العقارات الشاغرة المعدة للسكن بالأجرة. بل وفرض القانون على أصحاب العقارات المعدة للسكن، وجوب تسجيلها في الدائرة الاجتماعية، خلال 15 يوماً من تاريخ إخلائها. كما فرض القانون عقوبات جزائية، تصل إلى الحبس حتى سنة والغرامة المالية، بحق مالك البناء السكني أو مالك الشقة السكنية، الذي يُخفي شغور عقاره ويخالف أحكام القانون.
القانون 111 أوكل إلى ممثلي السلطة التنفيذية، من مخاتير أو رؤساء مخافر وموظفي الدائرة الاجتماعية، مهمة البحث عن العقارات الشاغرة وتسجيلها وتأجيرها، من دون موافقة المالك. بل وأوجب القانون على المستأجر الذي أخلى داراً، أن يُخبر الدائرة الاجتماعية بهذا الإخلاء خلال خمسة عشر يوماً.
في العام 2001 صدر قانون الإيجار رقم 6 الذي ألغى العمل بقانون الإيجار 111\1952، ثم صدرت بعد ذلك عدة قوانين للإيجار كان آخرها القانون 20 لعام 2015. وفي كل تلك القوانين الجديدة لم يعد للدائرة الاجتماعية صلاحية تأجير عقار دون موافقة مالكه. قانون الإيجار رقم 20 لعام 2015، منح الدائرة الاجتماعية فقط صلاحية تسجيل عقود الإيجار وتوثيقها. وبالتالي، يصبح عقد الإيجار سنداً تنفيذياً يخوّل المؤجر وضعه في دائرة التنفيذ لدى المحكمة، بغرض إخلاء المُستأجر عند نهاية عقد الإيجار.
ولذا، فالاستناد إلى قانون ملغى، لتبرير الاستيلاء على عقارات سكنية بغيّة تأجيرها للمتضررين من زلزال 6 شباط، غير صحيح قانونياً، ومخالف لأحكام القوانين السارية.
قانون الاستملاك
استملاك الشقق المغلقة أو الفارغة بغاية تأجيرها، يخالف أحكام قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983. إذ حدد القانون الغاية من الاستملاك بتنفيذ مشاريع ذات النفع العام، وهي؛ مشاريع الطرق والثكنات والمطارات والسكك والمستشفيات والمدارس ومشاريع الأعمال الزراعية والري ومشاريع النفط والطاقة والثروة المعدنية ومشاريع الأمن والدفاع. وليس من بين تلك المشاريع استملاك الأبنية الخاصة من أجل تأجيرها.