الإدارة الذاتية تشغل عقارات الغائبين من دون مقابل أو تستأجرها بالقوة
خلال السنوات الماضية استولت هيئات الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا على كثير من عقارات الغائبين عن المنطقة. وفي حال عاد أولئك الغائبون وطالبوا باسترداد عقاراتهم، تعرض عليهم الهيئات الشاغلة لعقاراتهم استئجارها، من دون أي تعويض عن فترة الإشغال السابقة.
الاستيلاء على عقارات الغائبين هي غصب للعقارات من دون رضى أصحابها أو علمهم، ومن دون توفر سند قانوني بالملكية أو وجود سبب مشروع.
وقد وضعت هيئات مختلفة من الإدارة الذاتية، يدها على عقارات سائبة أو خالية أصحابها غائبون، ومنها مبانٍ ومحال تجارية ودور سكنية. ومعظم الغائبين هم مغتربون من أبناء المنطقة، وقد استولت هيئات الإدارة على عقاراتهم من دون الحصول على موافقتهم المسبقة، أو حتى تبليغهم اصولاً. الكثير من أولئك اضطروا للعودة الدائمة أو المؤقتة، أو توكيل من ينوب عنهم، لمراجعة الهيئات واضعة اليد على عقاراتهم ومقاضاتها. في معظم الحالات أمكن الوصول لصيغة تعاقدية بين الطرفين، بحيث تدفع الجهة واضعة اليد إيجاراً شهرياً أو سنوياً للمالك، بموجب عقد إيجار .وتحفظ تلك الصيغ التعاقدية حقوق المؤجرين، وتتضمن بنوداً تتعلق بمدة الإيجار، ومهلة الإخلاء، وشروط بعدم إجراء تعديلات على العقار.
بحسب مراسلة سيريا ريبورت في المنطقة، فإن السيدة ك.ر، وكّلت محامياً بموجب وكالة مصدقة من السفارة السورية في السويد، لاسترداد عقار لها في مدينة القامشلي كان قد اتخذه اتحاد المهندسين التابع للإدارة الذاتية مقراً له منذ العام 2018. وعندما طالب وكيل السيدة ك.ر، اتحاد المهندسين بإخلاء العقار، عرض الاتحاد استئجار العقار وتنظيم عقد ايجار به. الوكيل رفض ذلك، وقال للمراسلة بأنه السيدة ك.ر تحملت اشغال عقارها أربعة أعوام من دون أي تعويض، وهي قلقة من فقدان حيازته. وقد أخلى الاتحاد بالفعل نهاية العام 2022 العقار من دون دفع أي تعويض لصاحبته عن سنوات الإشغال السابقة.
وليس الأمر دائماً بهذه السهولة. مثلاً، لجنة حماية الأديان التابعة للإدارة الذاتية، شغلت منزل المغترب السيد الخاتوني، في حي الوسطى بمدينة القامشلي، من دون إعلامه. السيد الخاتوني وكّل شقيقه لاستعادة المنزل. وبالفعل، وافقت لجنة الأديان على إخلاء المنزل لكنها طالبت بقيمة التحسينات التي أجرتها على المنزل. السيد الخاتوني، وافق على دفع قيمة التحسينات مقابل الإخلاء، لكن اللجنة عادت وساومته على أخذ خزانات الماء ومعدات أخرى كانوا قد وضعوها في المنزل، رغم أن قيمة التحسينات تشملها. وحين رفض السيد الخاتوني ذلك، تراجعت اللجنة عن إخلاء المنزل، وبقيت من دون دفع إيجار له.
ومن الملفت أن محاكم الإدارة الذاتية لا تقبل دعاوى المنازعات العقارية ذات الطابع المدني في المناطق المنظمة، إلا بعد قيام قسم الشكاوى العقارية في اتحاد الأصناف بالنظر في الشكوى، وتوسطه للمصالحة بين أطراف القضية. واتحاد الأصناف هو منظمة تابعة للإدارة الذاتية تهدف لتنظيم عمل المهن في الأسواق. وإن لم تفلح جهود الوساطة، ترسل لجنة الشكاوى العقارية تقريرها إلى المحكمة “ديوان العدالة” لتبت في النزاع.
من جانب آخر، بدأت لجنة حماية أملاك السريان والأشوريين الغائبين منذ مطلع العام 2022، سياسة جديدة مع هيئات الإدارة الذاتية التي تشغل عقارات المسيحيين الغائبين في مدن القامشلي وديرك والقحطانية في محافظة الحسكة. وباتت اللجنة تتقاضى من تلك الهيئات إيجارات عن العقارات التي تشغلها. في معظم الحالات تتفاوض اللجنة مع هيئات الإدارة الذاتية شاغلة عقارات المسيحيين، من دون تفويض أو علم من أصحاب العقارات. وبحسب مراسلة سيريا ريبورت، فإن اللجنة باتت تقتطع لنفسها نسبة 35% من قيمة الإيجار التي تدفعها الهيئة الشاغلة للعقار، وتذهب البقية لصاحب العقار. وليس واضحاً ماذا يحدث في الحالة التي يكون فيها صاحب العقار متوفى وليس له ورثة.
وكانت الإدارة الذاتية قد شكّلت لجنة حماية أملاك السريان والآشوريين الغائبين، في العام 2014، كهيئة مدنيّة تتدخل أمام محاكم الإدارة الذاتية في النزاعات القضائية التي يكون أحد أطرافها من المسيحيين الغائبين. وتتلقى اللجنة شكاوى تتعلق بغصب عقارات الغائبين أو إشغالها، كما تنظر في طلبات مُستأجرين أملاك المسيحيين الغائبين بخصوص بدلات الإيجار والفروغ والإخلاء.
على سبيل المثال، هيئة التموين التابعة للإدارة الذاتية استولت على بناء السيد المغترب ع.غ، من دون مقابل منذ العام 2015. في تشرين الأول 2022 أبلغت لجنة حماية أملاك الغائبين، هيئة التموين، بضرورة إخلائه أو التعاقد الرسمي معها، بقيمة إيجار تعادل القيمة الرائجة. وبالفعل توصل الطرفان إلى اتفاق وتعاقد. الملفت أن السيد ع.غ لم يوكل لجنة الحماية بالتفاوض عنه ولا بتأجير عقاره. وهنا، فإن أية منازعة أو شكوى من صاحب الملك الأصلي حول التعاقد ستوجه للجنة التي قامت بالتأجير بالنيابة عنه.