مفتاح: قانون الرسوم القضائية الجديد يزيد الأعباء المالية للدعاوى العقارية
في نيسان الماضي، أصدر الرئيس بشار الأسد، قانون الرسوم والتأمينات والنفقة القضائية رقم 6 لعام 2023 الذي ألغى العمل بقانون الرسوم القضائية القديم رقم 1 لعام 2012 وتعديلاته بالقانون رقم 38 لعام 2014. وبدأ تنفيذ أحكام القانون 6 اعتباراً من 1 أيار 2023.
القانون 6 رفع من قيمة الرسوم المفروضة على المعاملات القضائية عموماً، والدعاوى العقارية على وجه التحديد. وقد ظلت تلك الرسوم ثابتة وفق أحكام القانون 1، منذ العام 2012، رغم انخفاض قيمة العملة السورية خلال السنوات الماضية. لكن، القانون الجديد حمل في طياته العديد من التعقيدات تجاه قضايا حقوق الملكية والأرض والسكن، كما أثقل من جهة أخرى كاهل المواطنين بأعباء مالية إضافية في ظل تردي الأوضاع الاقتصادية في سوريا.
ومن رسوم المعاملات القضائية؛ الرسم القضائي هو مبلغ تستوفيه الخزينة العامة عن الأعمال التي تؤديها الدوائر القضائية، ومنها رسم تسجيل الدعوى ورسم استخراج الحكم وتنفيذه. أما رسم التأمين القضائي فهو مبلغ يدفعه من يتقدم بالطعن في حكم ما، ومنها تأمين الطعن بالاستئناف، وتأمين الطعن بالنقض. بينما رسم النفقة القضائية فهي كل ما يدفعه الخصوم أثناء الدعوى من مصاريف، ومنها أجور الخبرة ونفقات انتقال المحكمة وأتعاب المحاماة.
القانون الجديد رقم 6، نص في مادته الـ24، على احتساب الرسوم على أساس القيمة الرائجة للعقار لدى الدوائر المالية، في كل ما يتعلق بدعاوى الملكية العقارية، والتصرف بالأراضي الأميرية، ودعاوى الانتفاع والرقبة.
ودعاوى الملكية العقارية هي الدعاوى التي تنصب على ملكية العقار، ومنها دعاوى تثبيت الملكية العقارية الإقرارية التي يقوم فيها البائع بالإقرار ببيعه العقار للمشتري، ليحصل المشتري على حكم قضائي بملكية العقار، وكذلك دعاوى الخصومة العقارية وهي إقامة الدعوى عند حصول نزاع على ملكية العقار، فيقدم كل طرف ما لديه من أدلة ودفوع تدعم ملكيته أمام المحكمة.
في حين تعرّف دعوى التصرف بالأراضي الأميرية، بأنها الدعوى التي يقيمها الحائز الذي يضع يده على أرض زراعية أميرية ويقوم بزراعتها، فيحق له المطالبة بتثبيت التصرف بها بعد مرور عشر سنوات.
أما دعاوى الانتفاع والرقبة، فهي أن يقوم شخص بالتنازل على عنصر الانتفاع بعقاره لشخص آخر، مع احتفاظ البائع بأساس الملكية أي برقبة العقار.
المادة 24 من القانون 6، حددت نسبة الرسم وقدره 0.01 من القيمة الرائجة للعقار، لكل أنواع الدعاوى السابقة، دون التمييز بينها، على عكس القانون القديم الملغى، الذي كان يفرض على دعاوى الملكية الإقرارية ودعاوى الانتفاع والرقبة، نصف الرسم المحدد لدعاوى الخصومة العقارية ودعاوى التصرف بالأراضي الأميرية.
فضلاً عن ذلك، فإن نسبة واحد بالعشرة آلاف تشكل مبلغاً كبيراً بالنظر إلى الارتفاع في قيمة العقارات. ولذلك، فإن فرض القانون الجديد لرسوم مرتفعة على دعاوى الملكية العقارية، دون مراعاة نوع الدعوى، سيمنع البعض من اللجوء إلى القضاء لتثبيت الملكية العقارية.
والقيمة الرائجة للعقار، هي القيمة التي باتت تعتمدها الدوائر المالية مستعينة بلجان، بعد صدور قانون البيوع العقارية رقم 15 لعام 2021. ولم تكن القيمة الرائجة متبعة في قانون الرسوم القضائية القديم، الذي كان يعتمد في حساب رسوم دعاوى الملكية العقارية ودعاوى التصرف، على أساس القيمة المحددة للعقار في الدوائر المالية، وهي قيم ثابتة لا تعبر عن القيمة الحقيقية للعقار.
القانون الجديد، ألزم بتسديد نصف الرسم المحدد بـ0.01 من القيمة الرائجة للعقار، عند تسجيل الدعوى، والنصف الآخر عند اكتساب الحكم الدرجة القطعية. وهذا أيضاً جديد لم يكن متبعاً في القانون القديم، الذي كان ينص على دفع الرسم عند صدور حكم محكمة الدرجة الأولى. التعديل الجديد قد يتسبب في تأخير تسجيل دعاوى الملكية العقارية، وما يستتبعه من فتح الباب للتلاعب عبر اللجان، وضياع حقوق المُلاك. إذ أن قيمة العقارات الرائجة في كثير من المناطق العقارية ما زالت غير مخمّنة بعد، وتحتاج لتخمين إلى قيام لجنة التقدير البدائية في الدوائر المالية بتقدير قيمة العقار فيها وفقاً لبيان المساحة والمخطط الافرازي المحفوظ لدى السجلات العقارية، وكذلك للكشف العيني على العقار لرصد أي تغيير في أوصافه. لذا، قد يمر وقت طويل، بين تسجيل الدعوى، وصدور الحكم، ما قد يعني تغير القيمة الرائجة للعقار بينهما، وبالتالي اختلاف الرسوم.
الرسم المفروض على دعاوى الملكية وفق القانون الجديد، يزيد من الأعباء المالية المفروضة على أصحاب الممتلكات العقارية عموماً. ويُضاف ذلك إلى الضريبة المالية التي فرضها قانون البيوع العقارية رقم 15 لعام 2021، على عمليات نقل الملكية العقارية. وكذلك ما فرضه قانون ضريبة ريع العقارات والعرصات رقم 53 لعام 2006، من ضريبة سنوية على جميع العقارات والإنشاءات على اختلاف أنواعها، سواء كانت تامة البناء أو على الهيكل، لأغراض سكنية أو تجارية أو صناعية.
وهنا يجب التمييز بين الرسوم القضائية والضرائب العقارية، الضريبة تُفرضُ على المكلف بصفة نهائية دون مقابل يحصل عليه، بعكس الرسم الذي يعود على من يقدمه بالنفع الخاص. كما أن الهدف من فرض الضريبة هو تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية ومالية، بينما الرسم يهدف إلى تحقيق الإيراد المالي للخزينة.