ما الجديد في باسيليا سيتي؟
في 8 أيلول الماضي، نقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا”، أن مديرية تنفيذ المرسوم التشريعي رقم 66، التابعة لمحافظة دمشق، قد سلّمت نحو 47438 سند ملكية للأسهم التنظيمية، للمالكين في باسيليا سيتي، من أصل 93829 مالكاً. ودعا مدير المديرية المهندس دياب، بقية المالكين إلى مراجعة المديرية لاستكمال الثبوتيات اللازمة، لإصدار السندات وتسليمها لهم “ما سيسمح بفتح باب التداول بأقرب وقت”.
ويبدو هذا التصريح غريباً، لجهة أن مديرية المرسوم 66، كانت قد سمحت منذ أيار الماضي، بتداول الأسهم التنظيمية في باسيليا سيتي، لمدة عام كامل. هذا التناقض بالإعلانات قد يكون نتيجة لعدم وجود حركة فعلية لتداول الأسهم التنظيمية على الأرض، بحسب مصادر سيريا ريبورت. إذ تؤكد المصادر، بأن الجهة الوحيدة التي تبدي “اهتماماً نظرياً” بشراء الأسهم هي مجموعة من سماسرة العقارات تنشط في وسائل التواصل الاجتماعي خاصة عبر مجموعات “واتس آب”، وتقول إنها مستعدة لدفع ما بين 2-3 ليرات سورية مقابل السهم الواحد.
المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 نص على إحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق إحداها هي المنطقة التنظيمية الثانية التي تقع جنوبي المتحلق الجنوبي، والمعروفة باسم باسيليا سيتي، وتبلغ مساحتها 954 هكتاراً، وفيها أكثر من 100 ألف سند ملكية. وبحسب المرسوم 66، وكذلك القانون 10 لعام 2018، تتم إعادة توزيع عقارات المنطقة على أصحاب الحقوق بعد التنظيم عبر الأسهم التنظيمية، وهي عبارة حصص سهمية على الشيوع في المقاسم المعدّة للبناء.
وبحسب المرسوم 66\2012، يتم تقدّير قيم الأراضي والعقارات القائمة في المنطقة قبل التنظيم بالليرة السورية، ثم يتم تحويل المنطقة ملكاً شائعاً مشتركاً بين أصحاب الحقوق فيها، ثم يتم حساب قيمة المقاسم التنظيمية المعدة للبناء المخطط لها والمخصصة لأصحاب الحقوق بالليرة السورية، وبعدها يتم تقسيم قيمة تلك المقاسم التنظيمية على أصحاب الحقوق، بشكل أسهم تسمى أسهماً تنظيمية.
ولا يحصل كل سكان المنطقة قبل التنظيم على هذه الأسهم. بل، يحصل المالك الشاغل لعقاره قبل التنظيم، على أسهم تنظيمية وحق الاكتتاب على السكن البديل غير المجاني. أما إذا كان مالكاً غير ساكن في عقاره، فيحصل على أسهم تنظيمية فقط. أما إذا كان شاغلاً فقط للعقار فيحصل على حق الاكتتاب على السكن البديل غير المجاني.
محافظة دمشق كانت قد قالت في تموز 2021، إن أصحاب الحقوق سيحصلون لقاء المتر المربع الواحد من عقاراتهم الأصلية على 35 ألف سهم تنظيمي. ودعت المحافظة أصحاب الحقوق لاستلام سندات ملكية بأسهمهم التنظيمية طيلة العام 2022. وبعد الانتهاء من توزيع تلك السندات، بدأت مرحلة تداول الأسهم منتصف أيار 2023.
مديرية المرسوم 66، حددت حينها، بشكل غير رسمي، السعر الأولي للسهم التنظيمي الواحد بليرة سورية واحدة. وحددت مديرية مالية دمشق، الضريبة على السهم الواحد 2%، ويضاف إلى ذلك رسوم إعادة الإعمار والمجهود الحربي بقيمة 20% من قيمة الضريبة، لتصبح القيمة الإجمالية للسهم 1.024 ليرة.
مراسل سيريا ريبورت، أوضح وجود مؤشرات على أن سماسرة العقارات المهتمين بشراء الأسهم التنظيمية، ربما يتبعون لجهة واحدة، غير ظاهرة حالياً. إذ ما يزال السعر المعروض من قبل السماسرة ذاته تقريباً، على الرغم من مرور نصف مدة التداول القانونية. يشير المراسل إلى غالبية أصحاب الأسهم الذين تحدث إليهم لا يفضلون البيع بهذا السعر، وينتظرون تحسنه، أو ربما حدوث تطورات من شأنها رفع السعر. مثلاً، البدء بهدم وإزالة العقارات القديمة القائمة في بعض المواقع ضمن باسيليا سيتي، أو الانتهاء من أحد أبراج السكن البديل التي تقوم بتنفيذها المؤسسات الإنشائية.
وينقل المراسل عن بعض أصحاب الأسهم، القاطنين في دمشق، بأن مشروع باسيليا سيتي ما زال حتى اللحظة مشروعاً على الورق، بمعنى أن كل الإجراءات التي تحدث بيروقراطية تتضمن؛ توزيع سندات ملكية الأسهم التنظيمية، ورفع الإشارات عن السندات وترقينها، أو توزيع الحصص بين الورثة. المراسل نقل عن مصادر مطلعة نفيها حدوث عمليات بيع حقيقة للأسهم التنظيمية حتى اللحظة، ووصف أحدها ما يحدث “لعبة عض أصابع بين أصحاب الأسهم، وجهات استثمارية”، لم يسمّها.
أحد أصحاب الأسهم، محمد، قال لمراسل سيريا ريبورت، أن الوضع في باسيليا ستي “لا ينذر بالخير”، مستغرباً عدم قيام شركات أو جهات استثمارية معروفة أو ذات مصداقية، بإعلان رغبتها الاستثمار في باسيليا سيتي، ما يتيح لأصحاب الأسهم التواصل معها مباشرة، لبيع الأسهم لها، أو توقيع عقود شراكة معها.
إذ يحق نظرياً بحسب المرسوم 66، لصاحب الأسهم، ثلاثة خيارات: أن يحوّل أسهمه إلى مقسم تنظيمي، أو أن يبيع أسهمه بالمزاد العلني، أو أن يُشكّل أو ينضّم إلى شركة مساهمة مغفلة.
وأضاف محمد، إنه على الرغم من أهمية مشروع المنطقة التنظيمية باسيليا سيتي، وموقعها غربي العاصمة، وكبر مساحتها، إلا أن مديرية المرسوم 66، لم تضع خطة واضحة بعد لطريقة استكمال مراحل المشروع المتعددة، ولا تصوراً واضحاً عن كيفية تمويلها، ولا تنفيذها.
مصدر محلي من سكان المنطقة حالياً، أكد لمراسل سيريا ريبورت، أن أغلب المناطق الخاضعة للتنظيم في باسيليا، ما زالت مأهولة باستثناء قلة منها أبرزها منطقة العسالي التي لم تسمح المحافظة بعودة سكانها منذ سيطرة قوات النظام عليها منتصف 2018. وأوضح أنه ضمن المناطق المأهولة في باسيليا لم يتم إخلاء أي منها حتى الآن، ولا تسليم إنذارات بالإخلاء للسكان.
في حين قال محمد، أن أي خطوة لإخلاء تلك المناطق، وهدمها، ستدفع الكثير من السكان إلى النزوح مجدداً، من دون وجود أي مؤشرات على اقتراب المؤسسات العامة الإنشائية، من الانتهاء من تنفيذ أي من أبراج السكن البديل للمستحقين من سكان المنطقة التنظيمية.
محمد، قال بأنه لن بيع أسهمه بالسعر المطروح حالياً، “حتى ولو اضطررت للتبرع بها للأوقاف”. وأوضح؛ الشقة متوسطة المساحة تُكلفُّ حوالي 40 مليون سهم تنظيمي، على المخطط. أي أن هذا التقدير، لا يتضمن كلفة التنفيذ، التي باحتسابها يمكن أن يزيد التقدير كثيراً. وأضاف محمد، أن لديه 55 مليون سهم، ولو باعها بالسعر الحالي لن يستطيع شراء غرفة واحدة في مدينة دمشق ومحيطها.
ولم تتمكن سيريا ريبورت من معرفة العلاقات الحسابية بين الأسهم على الشيوع، الأسهم التنظيمية، والمساحة.