مفتاح: سوق الإيجارات في مدينة إدلب
تسببت حملة القصف الجوي والمدفعي التي تشنها قوات النظام والطيران الحربي الروسي، منذ شهرين تقريباً، على إدلب الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، بنزوح آلاف السكان خاصة من مدينة إدلب. ومع ذلك، لم تنخفض أسعار إيجارات المساكن في المدينة، وما زال الحصول على مسكن فيها مهمة شاقة تمر حصرياً عبر المكاتب العقارية الخاصة.
يُقدر عدد سكان مدينة إدلب بحوالي 380 ألف نسمة، بينما يبلغ عدد سكان محافظة إدلب في مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، حوالي 3,484 مليون نسمة، 51 في المئة منهم نازحون، ينتشرون على مساحة قدرها 5,651 كيلو متراً مربعاَ، وفق آخر إحصائية صادرة عن وحدة تنسيق الدعم ACU في كانون الأول 2022.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، قال بأن أسعار الإيجارات في مدينة إدلب تزيد عن الضعف بالمقارنة مع ريفها القريب. ويزداد الطلب على الإيجار في المدينة، بسبب تركز المؤسسات البلدية والخدمية فيها، وكذلك المشافي والجامعة. وفي مدينة إدلب نحو 100 مكتب عقاري مرخص، بحسب ما قاله لسيريا ريبورت مدير الخدمات الفنية في المدينة. وغالباً ما تتفق هذه المكاتب فيما بينها، على ما يشبه تسعيرة موحدة لأسعار الإيجارات في المدينة بحسب المواقع.
لترخيص مكتب عقاري في إدلب يجب تقديم طلب لديوان وزارة الإدارة المحلية والخدمات في حكومة الإنقاذ، وارفاق قيد عقاري ومخطط مساحي للمكتب أو عقد إيجار له، بالإضافة للبيانات الشخصية لأصحاب المكتب. وتقوم وزارة الإدارة المحلية والخدمات بمنح تلك المكاتب دفاتر عقود رسمية لتوثيق عمليات التأجير، ويفترض أن يتم تصديق تلك العقود لدى الكاتب بالعدل. وسواء أكانت مرخصة أم لا، فلا توجد لدى حكومة الإنقاذ قرارات أو إجراءات متبعة، للإشراف على عمل المكاتب، وفرض عقوبات على المخالف منها.
وتتقاضى المكاتب عن كل عملية تأجير سكني، عمولة بقيمة إيجار شهر واحد، نصفها من المستأجر ونصفها الآخر من المؤجر. فإذا كانت قيمة الايجار 150 دولاراً شهرياً، يتقاضى المكتب العقاري 300 دولار عن الشهر الأول، 150 قيمة الإيجار و150 عمولة لمرة واحدة. وبذلك، يدفع المُستأجر في الشهر الأول 225 دولاراً، والمُؤجر 75 دولاراً.
والمتوسط بين الإيجارات، هو مسكن مساحته 100 متر مربع، ضمن بناء طابقي، في الأحياء الغربية والجنوبية من المدينة، بقيمة تتراوح بين 150-250 دولاراً شهرياً. في حين قد تصل الإيجارات في بعض أحياء مدينة إدلب الفخمة مثل القصور والروضة إلى 600 دولار تقريباً للمنازل الكبيرة المنفردة ذات الإكساء الممتاز. وغالباً ما تستأجر هذه المساكن منظمات غير حكومية، بغرض تحويلها إلى مكاتب. ويمكن أيضاً استئجار مساكن صغيرة مساحتها 50 متراً مربعاً، في حارات شعبية وأبنية قديمة، بما لا يتجاوز 50 دولاراً شهرياً.
عائلة نازحة من ريف إدلب الجنوبي تقيم مسكن في حي الضبيط من مدينة إدلب منذ العام 2021، تدفع ايجاره 125 دولاراً شهرياً، وقد انتهت مدة عقد إيجارها في تشرين الأول الماضي. الملفت، أن هذه الفترة كانت تشهد فيها مدينة إدلب قصفاً مدفعياً من قبل قوات النظام، ما دفع الكثير من السكان للنزوح عنها إلى مناطق أكثر استقراراً في ريف إدلب الشمالي. ومع ذلك، رفض المكتب العقاري المسؤول عن المنزل تجديد العقد للعائلة إلا بعد رفع قيمة الإيجار إلى 175 دولاراً. وأوضح صاحب المكتب بأن المنزل عليه طلب أنه طابق أرضي، وبالتالي فهم أكثر حماية لسكانه من الطوابق العليا.
وكانت حكومة الإنقاذ، التابعة لهيئة تحرير الشام، قد فرضت في قرارها رقم 121 الصادر في شباط 2022، ضرورة توثيق عقود الإيجار لدى وزارة العدل، وتحديد مدة الإيجار بسنة واحدة قابلة للتجديد. كما فرض القرار تحديد قيمة الإيجار الشهرية في العقد صراحة، بالليرة التركية أو الدولار الأميركي. وأعطى القرار المُؤجّرَ الحق بإخلاء المستأجر عند انتهاء مدة الايجار.
مراسل سيريا ريبورت، قال إن عمليات توثيق عقود الإيجار قليلة بالعموم، وذلك يعود بشكل رئيسي لأن المكاتب العقارية تفضل التهرب من الإجراءات الرسمية، رغبة بعدم الالتزام بقواعد تتعلق بمدة العقود وقيمة الايجار. إذ تفضل المكاتب إيجاد مستأجرين يقبلون بعقود قصيرة الأجل وسط إمكانية رفع قيمة الإيجار. بعض المكاتب العقارية تقوم باستئجار مساكن، أصحابها يقيمون خارج إدلب، بعقود سنوية، وتقوم بدورها بتأجيرها وفق عقود غير موثقة من قبل أي جهة رسمية، لمستأجرين آخرين.