مفتاح: ضريبة المُسقّفَات والسكن العشوائي
رفضت الدولة السورية الاعتراف بواقع المساكن في المناطق العشوائية، وأصرت على اعتبارها أرضي غير معمورة، إن كانت زراعية خاصة يمنع البناء عليها أو أملاك عامة. في الوقت ذاته، وفرت مؤسسات الدولة الخدمات الأساسية لمناطق السكن العشوائي، من مياه وكهرباء وشبكات هاتف، وبنت فيها المدارس وعبّدت الطرقات.
ويدفع سكان العشوائيات بعض الرسوم المالية كالنظافة، وفواتير الكهرباء والماء، عدا عن تكليفهم بضريبة المسقفات أي ضريبة على كل سقف قائم. وتُعرّف المُسقفات بأنها جميع الأملاك العقارية المبينة أياً كان نوعها، كالأبنية السكنية والمحلات والمنشآت، التي تكون مطرحاً للضرائب العقارية. ولم يضع القانون تعريفاً محدداً لضريبة المسقفات، ويمكن تعريفها عموماً بأنها: كل رسم أو ضريبة تفرض على جميع العقارات من قبل الدولة، وتدفع هذه الضريبة للدوائر المالية في المحافظات، ومثالها الأبرز ضريبة ريع العقارات والعرصات.
قانون ضريبة ريع العقارات والعرصات الصادر بالمرسوم 53 لعام 2006، فرض ضريبة سنوية على جميع المسقفات، أياً كان نوعها، كالأبنية السكنية والمحلات والمنشآت، في المناطق المنظمة والعشوائية على حد سواء. والأصل، أن تفرض تلك الضريبة على المالك للعقار بموجب قيود السجل العقاري. ولكن، القانون 53 أجاز للدوائر المالية في المحافظات، أن تُكلّفَ الشاغل للعقار، بدفع هذه الضريبة، حتى لو لم تثبت ملكيته بموجب وثائق السجل العقاري. ويكفي أن يتقدم ذلك المالك، بوثائق تقبل بها الدوائر المالية بغرض التكليف بالضريبة، كفواتير تسديد الماء والكهرباء أو عقد البيع العادي. كما يجوز تكليف واضع اليد على الأملاك العامة الذي بنى عليها بناء غير مرخص. ونص القانون 53 صراحة أن الضريبة لا تعتبر وثيقة لنقل الملكية أو إثباتها.
ويعني ذلك، أن الأصل في ضريبة المسقفات أن تفرض على المالك قيداً الذي تثبت ملكيته في السجل العقاري، لأن ذلك دليل قانوني على أنه منتفع بالعقار. ولكن، يمكن للدوائر المالية أن تفرض الضريبة على المنتفع بالعقار، كما هو حال المشتري العقار بموجب حكم محكمة. إذ يمكن فرض الضريبة عليه طالما أنه يحوز العقار وينتفع به. ويمكن لهذا المالك الفعلي، تقديم أي وثيقة يمكن أن تستند إليها الدائرة المالية، لتبرير تقاضي الضريبة منه. فالدوائر المالية يهمها تقاضي الضريبة فقط، خاصة أن القانون يعتبر دفع الضريبة وما يصدر عن الدائرة المالية من وثائق بخصوص تسديدها لا يمكن اعتباره وثيقة لإثبات الملكية.
وقياساً على ذلك فإن الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض الصادر بالقرار رقم 50 أساس 385 عن الهيئة العامة لمحكمة النقض عام 2018، وفي سياق البحث في التكليف الضريبي على حق فروغ المتجر، نص على أنه لا يمكن الاستناد للتكليف الضريبي لتحديد المالك لبدل فروغ المتجر من عدمه، ولا سيما عند وجود نزاع قضائي على الملكية. ويقصد بالفروغ عقود تأجير المتاجر غير محددة المدة، الموقعة قبل صدور قانون الإيجار رقم 10 لعام 2006، والخاضعة لنظام التمديد الحكمي بغض النظر عن رغبة وإرادة المؤجّر.
كما يعني ذلك أن دفع ضريبة المسقفات في مناطق السكن العشوائي، لا يمنحها اعترافاً قانونياً. ولأن العشوائيات، بكل ما فيها من مساكن، غير ملحوظة في سجلات المصالح العقارية، فأصحاب العقارات فيها هم شركاء على الشيوع حصصهم سهمية غير مُفرَزَة “محددة”. قانون التنظيم رقم 46 لعام 2004، كان قد سمح لأصحاب الأسهم في العشوائيات بترخيص البناء القائم، حتى لو كان مخالفاً، وتحويله إلى مقسم منظم. وذلك، مقابل استيفاء تأمين مالي لقاء نفقات مرافق تخديم المنطقة تقدره السلطات الإدارية. وكان ذلك مدخلاً ممكناً للاعتراف القانوني بالمسقفات ضمن مناطق السكن العشوائي. القانون 46 لم يحدد ضريبة محددة بعينها يتوجب دفعها لترخيص البناء، وبالتالي يمكن اعتبار أي ضريبة مفروضة على العقار كضريبة مُسقفات.
إلا أن القانون 46 بقي دون تطبيق حتى تم إلغاؤه بموجب قانون التخطيط وعمران المدن رقم 23 لعام 2015. القانون 23 سمح لمالك الأرض الواقعة خارج التنظيم، بأن يتقدم بطلب تحويلها إلى مقاسم معدة للبناء، على أن يدفع النفقات اللازمة لإيصال المرافق العامة إليها من طرقات وأرصفة وماء وكهرباء. وألغى القانون بذلك إمكانية ترخيص مخالفات الأبنية ضمن المناطق التنظيمية.