عراقيون وديريون يشترون مساكن في مدينة قدسيا بريف دمشق
على غرار ما يحدث في مدينة معضمية الشام بريف دمشق، يشتري تجار من محافظة ديرالزور عقارات في مدينة قدسيا في ريف دمشق.
تقع مدينة قدسيا غربي مدينة دمشق، على طريق بيروت-دمشق القديم، ويمر فيها نهر بردى. وكانت وحدات من الجيش، أهمها الحرس الجمهوري، قد استملكت مساحات واسعة من أراضي مدينة قدسيا وبلدة الهامة المجاورة، وأقامت عليها تجمعات سكنية لعائلات الضباط، ما انقلب إلى مصدر للتوتر الأهلي والصراع منذ العام 2011. كما أقامت كثير من التعاونيات السكنية مشاريع إسكانية لأعضائها في قدسيا والهامة، وجزء كبير منهم ليسوا من أبناء المنطقة.
قبل العام 2011 كان يسكن مدينة قدسيا حوالي 150 ألف نسمة، ولكن ازداد العدد كثيراً بسبب النزوح إليها خلال فترة الحرب، ويقدر عددهم حالياً بحوالي 400 ألف نسمة، من ضمنهم آلاف النازحين الفلسطينيين. شكلت مدينة قدسيا مع بلدة الهامة منطقة عسكرية واحد في العام 2012، سيطرت عليها فصائل المعارضة المسلحة، وشهدت معارك مع قوات الحرس الجمهوري. وفي تشرين الأول 2016، تم التوصل إلى اتفاق مصالحة برعاية روسية نص على إجلاء المعارضين إلى الشمال السوري.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، أشار إلى أن تجار من محافظة ديرالزور وأيضاً يعض العراقيين، اشتروا خلال العامين الماضيين حوالي 120 شقة في مدينة قدسيا. هذا الطلب على العقارات في المدينة المزدحمة، رفع أسعار العقارات فيها بشكل ملموس.
ويوضح المراسل بأن عمليات البيع والشراء في المنطقة يشترك فيها وسطاء من السماسرة وتجار العقارات، يمكن تقسيمهم إلى مجموعتين؛ الأولى من أهل قدسيا وهم يبحثون عن العقارات المعروضة للبيع في المدينة، والثانية هي من ديرالزور ممن يتكفلون بإيجاد المشترين. يتنافس سماسرة المكاتب العقارية في قدسيا في البداية على العقارات المعروضة للبيع، ويخوضون مزايدات غير علنية بينهم، ويتوصلون إلى اتفاقات ضمنية فيما بينهم على الأسعار ومواقع البيع. وبعد اتفاقه مع صاحب العقار على البيع، يتصل السمسار بأحد سماسرة ديرالزور، ويعرض عليه العقار. السمسار الديري، يعرض العقار بدوره، على مشترين محتملين من ديرالزور أو عراقيين، من المهتمين بشراء العقارات في قدسيا.
وكانت مدينة قدسيا، وأيضاً مدينة الهامة المجاورة، من المناطق التي قصدها النازحون العراقيون بعد حرب العراق في العام 2003. وهناك ساحة في قدسيا باتت تسمى شعبياً، منذ ذلك الحين، بساحة الفلوجة، بسبب تركز العراقيين في محيطها. بعض العراقيين المستقرين في قدسيا لم يتركوها حتى خلال فترة الحصار والحرب السورية.
خلال العامين الماضيين تركزت البيوع في منطقة جمعية الخياطين السكنية على أطراف مدينة قدسيا، رغم أن الخدمات فيها أسوأ من قلب مدينة قدسيا. والمنطقة مسماة باسم جمعية الخياطين التعاونية السكنية، التي اشترت أراضي وأقامت عليها أبنية طابقية قبل العام 2011، لصالح مكتتبين سوريين في الجمعية. ولأن جزءاً كبيراً من أولئك المكتتبين ليسوا من أهالي قدسيا، فقد باعوا شققهم للتجار العراقيين، مدفوعين بمخاطر العودة إلى المدينة التي ما زالت تعيش تبعات المصالحة من حصار جزئي مفروض عليها من قبل قوات النظام.
منذ بداية العام 2022 ارتفع سعر المتر المربع على العظم في حارة الخياطين من 400 ألف إلى 600 ألف ليرة، وبات معادلاً للأسعار في قلب مدينة قدسيا. ووصل سعر المتر المربع في بعض الشقق المكسية في الحي إلى أكثر من مليوني ليرة سورية.
وأصبح هذا الحي بمثابة تجمع سكني للمشترين السوريين من ديرالزور، والعراقيين. ولكن، لا يبدو أن جميعهم من المدنيين. مراسل سيريا ريبورت نقل عن مصدر مطلع في المدينة قوله بأنه تعرّف على أحد العراقيين القاطنين في جميعة الخياطين، وتبين له أنه منتمٍ إلى ميليشيا “حركة حزب الله النجباء” العراقية التابعة للحرس الثوري الإيراني والتي قاتلت في مواقع متعددة في سوريا ضد المعارضة المسلحة، خاصة في حلب. المصدر أضاف أن بعض سكان حي الخاطين، يترددون بشكل مستمر إلى منطقة عسكرية في بلدة الهامة، تتخذها ميليشيات موالية للحرس الثوري الإيراني مقراً لها. وبعض السكان الجدد في حي الخياطين هم من عائلة المراسمة الديرية، التي يسكن بعض أفرادها مدينتي جديدة الفضل ومعضمية الشام، بريف دمشق.
المراسل أوضح أن أحداً لم يشر إلى حدوث أي تزوير أو تلاعب أو ضغط واجبار، في عمليات الشراء للشقق في قدسيا. وأوضح أيضاً يأن السماسرة يتجنبون أملاك المعارضين، المحجوز عليها، ولا يعرضونها على المشترين الجدد.