مشروع السكن الحكومي لمتضرري الزلزال في ضاحية المعصرانية بحلب الشرقية
ضمن المرحلة الثالثة طويلة المدى من خطة العمل الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال- الإنسان أولاً، التي أعلن عنها مجلس الوزراء في 15 شباط وأقرها في 15 نيسان، جرى الإعلان عن مشاريع إسكان حكومية للمستحقين من متضرري زلزال 6 شباط. وبالإضافة إلى تأمين سكن للمتضررين من الزلزال، تستهدف هذه المشاريع تنظيم بعض العشوائيات في حلب الشرقية وإعادة إعمارها، كما في عشوائية المعصرانية في حلب الشرقية.
وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبداللطيف، تفقد في 3 حزيران الماضي، مراحل العمل في مشروع بناء السكن الحكومي للمستحقين من متضرري الزلزال. وفي 10 حزيران اطلع رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس على المشروع. ويتألف المشروع من أربعة مبان تضم 120 شقة، تتراوح مساحة الشقة الواحدة منها بين 65 و90 متراً مربعاً، بمساحة طابقية اجمالية تبلغ 10 آلاف متر مربع، بقيمة إجمالية تقدر بـ18,6 مليار ليرة سورية. وبلغت نسبة الإنجاز في المشروع، بحسب الإعلانات الرسمية في حزيران الماضي، نحو 28 بالمئة. ويقوم بتنفيذه مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع.
مصدر في مجلس مدينة حلب، قال لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، أن مشروع السكن الحكومي للمستحقين من متضرري الزلزال، سيقام على أنقاض أبنية غير مرخصة، متضررة جزئياً أو كلياً بالأعمال القتالية، سبق وهدمها مجلس المدينة في آذار ونيسان 2021، في محيط شارع السيدة زينب ومعمل الدهان، في المعصرانية. حينها، نفذ مجلس مدينة حلب حملة هدم استهدفت 50 بناء القسم الأكبر من أصحابها من الغائبين المُهجرين قسرياً إلى مناطق المعارضة في شمال غرب سوريا. ولم يتم الإعلان حينها عن عمليات الهدم تلك، وأدرجها المجلس ضمن خطة تجميلية لتأهيل الطرق وشبكات الصرف الصحي والمياه في المعصرانية. الخطة تضمنت هدم أبنية غير مرخصة متضررة جزئياً أو كلياً من العمليات القتالية، خلال فترة سيطرة المعارضة على حلب الشرقية بين العامين 2012-2016. ورفض المجلس منح تراخيص ترميم للأبنية المتضررة جزئياً منها، بذريعة أنها مناطق مخالفات جماعية.
وليس واضحاً إن كان مشروع السكن الحكومي للمستحقين من متضرري الزلزال يقام على جزء من الأرض المستملكة في المعصرانية لصالح وزارة الأشغال العامة والإسكان والتي تنفذ فيها منذ العام 2002 مشروعاً للسكن الشبابي.
ويقع حي المعصرانية على طريق حلب-الرقة، بالقرب من مطار حلب الدولي. وفي الأصل، المعصرانية هي أراض زراعية يمنع البناء عليها، كانت تملكها عائلات الصابوني والبنقسلي والجبلي من حلب. ولكن، بدأت العشوائيات بالظهور في المنطقة في العام 1971 ومعظم سكانها من المهاجرين إلى مدينة حلب من أريافها القريبة، ونسبة جيدة منهم من الموظفين في المؤسسات الحكومية والوزارات، الشرطة والجيش. لذا كان الوافدون يشترون مقاسم ومحاضر أرض صغيرة، ويبنون عليها مساكن غير مرخصة. ودرجت العادة أن يرفع المشتري دعوى قضائية على البائع، لتثبيت البيع، يحصل بموجبها على حكم من المحكمة بصحة البيع، وهي الوثيقة الوحيدة التي تثبت ملكية الأرض. بينما لا تقوم المصالح العقارية بتوثيق بيع محضر الأرض التي ترفض الاعتراف بتقسيمها وفرزها ووجود البناء عليها.
في العام 1982 استملك الدولة أراضي زراعية في المعصرانية القريبة من مطار حلب الدولي، منها 36 بشكل جزئي. ومع ذلك، لم تتوقف عملية البناء غير المرخص على المحاضر المستملكة بشكل جزئي، والممتدة من البحوث العلمية شرقاً، المعروفة سابقاً باسم حارة معمل الدهان، إلى حارة مسجد السيدة زينب جنوباً، وأيضاً إلى الغرب في حارة الشَّلبة.
مجلس المدينة اعتبر المعصرانية بالكامل منطقة مخالفات جماعية. في العام 2002، نُقِلت ملكية المحاضر الـ36 المستملكة جزئياً، لصالح مؤسسة الإسكان العامة، التي أطلقت عليها مشروع سكن شبابي لبناء 4000 شقة سكنية على أرض مساحتها 68 هكتاراً في المعصرانية. وخصص من تلك الشقق 215 شقة، كسكن بديل غير مجاني، للمنذرين بهدم مساكنهم غير المرخصة في منطقة المشروع.
في العام 2007 هدم مجلس مدينة حلب هدم 50 مسكناً غير مرخص مشاداً مسبقاً في منطقة مشروع السكن الشبابي. وقامت قوات حفظ النظام بتطويق المنطقة، واعتدت بالضرب على من حاولوا مقاومة عملية هدم مساكنهم. وتعهد مجلس المدينة للذين تم إخلائهم بأن يكون لهم الأفضلية في الاكتتاب على السكن البديل غير المجاني في منطقة المشروع. ومع حلول العام 2010، لم يكن قد أنجز من كامل المشروع إلا جزء بسيط، على غرار كل مشاريع السكن الاجتماعي.
وتحولت المعصرانية، منذ العام 2012 إلى منطقة خطرة بسبب قربها من المطار، وتعرضت حتى العام 2016، لحملات قصف جوية من قبل النظام ما تسبب بدمار واسع النطاق. في كانون الأول 2016، تم تهجير كامل سكان المعصرانية الى خارج مدينة حلب. وفي 20 كانون الأول 2020 ألغت مؤسسة الإسكان العامة اكتتاب المنقطعين عن تسديد الأقساط لمدة تزيد عن سنة متصلة في المشروع، وطال ذلك معظم المكتتبين من المهجرين قسرياً عن المنطقة.