مفتاح: الاستملاك ومشروعية اقتطاع الربع المجاني من العقار
منح قانون الاستملاك الصادر بالمرسوم 20 لعام 1983، بعض الجهات العامة صلاحية اقتطاع ما يعادل ربع مساحة كامل العقار المستملك جزئياً، مجاناً من دون أي تعويض أو مقابل. قانون الاستملاك برر ذلك بأن قيمة الجزء الباقي من العقار سترتفع من جراء عملية التحسين التي طرأت على العقار.
وبالتالي، أصبح للجهات العامة، سلطة قانونية للاستملاك من دون مقابل، لربع مساحة عقار ما، بشرط أن يقع الاستملاك على جزء من العقار، بينما يبقى الجزء الآخر بيد المالك قابلاً للانتفاع به.
المادة 31 من قانون الاستملاك 20/1983، نظمت أحكام الربع المجاني، وحددت شروطه، ومنها ما يرتبط بالجهة الإدارية التي يحق لها الاستملاك، ومنها مرتبط بالمشاريع التي يجوز عند تنفيذها اقتطاع الربع المجاني، وأيضاً منها ما يتعلق بالعقار المستملك بحد ذاته.
الفقرة الأولى من المادة 31 من القانون 20، تنص على أن “تقتطع الجهات الإدارية والوحدات الإدارية، والمؤسسات العامة للخطوط الحديدية السورية والمديرية العامة للطيران المدني والمديرية العامة للموانئ، مجاناً ولمرة واحدة ما يعادل ربع مساحة أرض كامل العقار الذي يستملك جزئياً، لشق الطرق والشوارع أو توسيعها، وإنشاء وتوسيع البحيرات والمطارات والمرافئ والساحات والحدائق العامة والأسواق، وتنفيذ مشاريع الخطوط الحديدية ومشاريع الري والشرب والنفط والغاز والكهرباء، متى كان القسم المتبقي من العقار قابلاً للانتفاع به”.
وتنحصر بموجب هذه المادة الجهة التي يحق لها استملاك الربع المجاني في الجهات العامة الوارد ذكرها، ولا يجوز لجهات غيرها اقتطاع الربع المجاني. كما اشترط الاجتهاد القضائي الصادر في القرار 474 أساس 2101 لعام 1986، في هذه الحالة، أن يجري وضع اليد من قبل الجهة العامة وفقاً لمستند قانوني، يتمثل في مرسوم الاستملاك. أما إذا لجأت الإدارة إلى وضع اليد على العقار بشكل غير مشروع خلافاً للقانون الذي حمى حق الملكية، فتكون قد اعتدت على حق الأفراد، وليس لها بالتالي حق اقتطاع الربع المجاني.
كما حددت المادة 31 المشاريع التي يمكن للجهات الإدارية أن تقتطع الربع المجاني لتنفيذها، وذكرتها صراحة في النص. ولا يجوز الاقتطاع المجاني عند تنفيذ أي مشروع لم يذكر صراحة في نص المادة القانونية. ويأتي ذلك منعاً لزيادة حالات الاستملاك دون مقابل، الذي يشكل اعتداءً على حق الملكية. وقد أكد الاجتهاد القضائي للمحكمة الإدارية العليا، في القرار 227 أساس 135 تاريخ 10/5/1965، أنه لا يجوز اقتطاع الربع المجاني إذا كان الاستملاك لمشاريع استثمارية.
ولكي تقتطع الجهة العامة الربع المجاني، يجب عليها أن تستملك جزءاً من العقار، لا كله. عند استملاك كامل العقار يجب أن تدفع الجهة الإدارية بدل الاستملاك عن كامل العقار. وتطبيقاً لذلك إذا استملكت الإدارة جزءاً من العقار واقتطعت الربع المجاني، ثم قررت فيما بعد استملاك كامل العقار، فيجب عليها أن تدفع قيمة الربع الذي لم تدفع قيمته، أي أن تدفع بدل استملاك كامل العقار.
ويجب أن يكون الجزء المتبقي من العقار، غير المستملك، قابلاً للانتفاع به من قبل مالك العقار. أما إذا كان الجزء المتبقي لا يصلح للانتفاع به، فيمكن لمالك العقار أن يطلب من الإدارة أن تستملكه كاملاً خلال ثلاث سنوات من تاريخ وضع اليد على الجزء المستملك سابقاً، وفقا للمادة 11 من المرسوم 20 لعام 1983. الاجتهاد القضائي في القرار رقم 417 أساس 1056 بتاريخ 20 نيسان 1992، أكد ذلك بالقول إن جواز اقتطاع الربع المجاني رهين ببقاء قسم من العقار المستملك قابلاً للانتفاع به، فإذا تخلف هذا الشرط واستملك العقار كاملاً لزم دفع بدل الاستملاك كاملاً.
في كل الأحوال، الاستملاك من دون مقابل باسم اقتطاع الربع المجاني، يخالف المبادئ الدستورية التي نص عليها الدستور السوري الصادر عام 2012، والتي تؤكد على حماية الملكية الخاصة وعدم جواز الاستملاك إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل. وتبرير قانون الاستملاك لحق اقتطاع الربع مجاناً، بأنه سيعود على القسم المتبقي من العقار بالفائدة ضمن عملية التحسين. وهذا افتراض غير مبني على أساس واقعي، بل على العكس من ذلك يمكن أن يتسبب ذلك الاستملاك بإلحاق الضرر بالجزء المتبقي من العقار.