هل يمكن لمجلس مدينة حلب هدم 1500 بناء آيل للسقوط؟
بدأ مجلس مدينة حلب في ديسمبر 2022 هدم بعض الأبنية المتضررة بشدة وغير المأهولة في أحياء حلب الشرقية، فيما يبدو مقدمة لإزالة 1500 عقار آيل للسقوط.
وهدم المجلس في 28 ديسمبر بناءً ضخماً في حي الشعار بالقرب من كراج الانطلاق الشرقي، وأزال أنقاضه ونقلها خارج مدينة حلب. في 23 ديسمبر، هدم المجلس بالتعاون مع فرع مؤسسة الإسكان العسكري بحلب، بناءً من 5 طبقات في منطقة المواصلات القديمة، وأزيلت أنقاضه. في 6 ديسمبر، هدم المجلس وأزال بناءً في حي الصفا، بمؤازرة من مديرية الخدمات المركزية في محافظة حلب.
رئيس مجلس مدينة حلب، كان قد قال في 9 نوفمبر 2022، بأنه “تم التوقيع على إخلاء 1500 بناء آيل للسقوط”، مضيفاً بأن قرارات الإخلاء تحتاج إلى مُصادقة. كلام رئيس المجلس جاء رداً على مداخلات للأعضاء خلال اجتماع للمجلس، ولكنه لم يحدد من هي الجهة التي وقعت على قرارات الإخلاء، ولا الجهة التي يجب أن تصادق عليها.
وغالباً ما تقوم مجالس الوحدات الإدارية بتشكيل لجان سلامة عامة لمعالجة قضايا السلامة الإنشائية للأبنية المعرضة للانهيار. وتلك اللجان مسؤولة عن تحديد مستويات المخاطر على بناء ما، وتقديم توصيات تتراوح بين إزالته، أو تدعيمه، أو الإبقاء عليه بصورته الراهنة.
وكانت لجنة السلامة العامة في حلب، قد أعلنت في أكتوبر 2020، بأن حوالي 3000 مبنى آيل للسقوط في حلب قد تم إعداد تقارير سلامة بشأنها ويجب إزالتها. وليس واضحاً لماذا انخفض عدد الأبنية الآيلة للسقوط إلى النصف في تصريح رئيس مجلس حلب الأخير.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، قال إن مجلس مدينة حلب ليس في وضع مالي يسمح له بتعويض السكان، ولا منحهم مساكن مؤقتة أو بديلة، حتى لو تمت عمليات الإخلاء بشكل تدريجي. ولذلك، فأن عمليات الهدم التي باشرها مجلس مدينة حلب، استهدفت أبنية غير مأهولة، شبه مدمرة وآيلة للسقوط. في حين أن جزءاً كبيراً من الأبنية الأيلة للسقوط، والمنوّي اخلائها وهدمها، ما زالت مأهولة. ولذا، فإن هناك مشكلة كبيرة تتعلق بمصير قاطني تلك الأبنية.
رئيس المجلس قال بأن عملية إخلاء السكان وتأمين سكن بديل لهم بحاجة لخطة عمل. أي أن لا خطة عمل موجودة بعد لتعويض المتضررين، أو منحهم مساكن بديلة.
مراسل سيريا ريبورت قال بإن الأبنية المقرر إزالتها تتوزع على 40 حياً في حلب الشرقية، أهمها الفردوس والعامرية وصلاح الدين وكرم الجبل والصالحين. ومعظم تلك الأحياء هي مناطق عشوائية طالها قصف كثيف جوي ومدفعي، وبالبراميل المتفجرة، من قبل قوات النظام خلال فترة سيطرة المعارضة عليها ما بين العامين 2012-2016، ما تسبب بدمار واسع النطاق فيها.
وقد ظهرت آثار القصف غير المباشر على الأبنية غير المدمرة، كالتشققات في الجدران، وتضرر الأساسات الهشة بالأصل بفعل تسرب الماء من شبكات الصرف الصحي المتهالكة. غالباً ما تكون الأبنية المخالفة من دون أسس هندسية متينة، أكثر عرضة للانهيار، كما حدث في أيلول 2022، في أحياء العامرية والفردوس.
ومن الملفت أن حركة بيع العقارات في حلب الشرقية قد تحسنت بعد تصريحات رئيس مجلس المدينة بخصوص عمليات الإزالة. ويشير مراسل سيريا ريبورت بأن وراء تنشيط حركة البيع تلك هم المهجّرون من أحياء حلب الشرقية إلى مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري. إذ سرت اشاعات بين أولئك المهجرين بأن عقاراتهم ستهدم من دون مقابل. ولذا، عرض بعض أولئك المهجرون عقاراتهم في حلب الشرقية للبيع بأسعار منخفضة خوفاً من الخسارة الكلية لها. ويشير المراسل بأن تجار عقارات يتبعون لمليشيات محلية موالية للنظام مسيطرة على حلب الشرقية هم أبرز مشتري تلك العقارات.
من جانب آخر، سرت إشاعات بأن المليشيات المسيطرة على حي العامرية، ستسمح لشركات تطوير عقاري تابعة لها بهدم وإزالة عقارات في المنطقة، وتنفيذ مشاريع تطوير عقاري محلها. وتسيطر على حي العامرية حالياً مليشيات محلية موالية للحرس الثوري الإيراني، وتمنع الجزء الأكبر من الأهالي من العودة إلى منازلهم. ويخشى كثير من الأهالي بأن تتم إزالة عقاراتهم وعدم تعويضهم بشيء بذريعة أنها مناطق عشوائية.
ويبدو ملفتاً أن عشرات الأبنية المقرر هدمها في أحياء النيرب والمرجة والفردوس والمعادي والميسر تعود ملكيتها لأبناء عشائر مقربة مليشيا لواء الباقر الموالي للحرس الثوري الإيراني. وتنظر مليشيا الباقر إلى هدم تلك الأبنية كفرصة توفر عليها تكاليف الهدم وترحيل الأنقاض، وتسهيلات في ترخيص إعادة البناء.