وزارة التجارة الداخلية تخلي مستأجري مجمع الثورة الاستهلاكي
استعادت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مبنى مجمع الثورة الاستهلاكي وسط العاصمة دمشق، بعدما كان مخصصاً للجمعية التعاونية الاستهلاكية في مدينة دمشق. وتسبب ذلك بإغلاق صالات بيع رغم اعتراض المستأجرين.
مجمع الثورة والجمعية التعاونية
مجمع الثورة يقع في منطقة حيوية في شارع الثورة وسط العاصمة دمشق، أحد أكثر الشوارع ازدحاماً. والمجمع من أكبر التجمعات التجارية في دمشق، ومؤلف من عشرة طبقات، ومساحته 3000 متر مربع، ويضم فندقاً مؤلفاً من ثلاثة طوابق بسعة 45 غرفة، إضافة إلى مطعم في الطابق الأخير.
وأقيم المجمع، وبضعة أبنية مجاورة له، على أراضي حي ساروجا، وتم افتتاحها في العام 1985. أحد أسباب بناء تلك الأبنية هو إيجاد بديل لسوق الخجا القديم الذي تمّ هدمه خلال مشروع كشف السور الأثري لقلعة دمشق من الجهة الغربية. ومن تلك المباني سوق الخجا الجديد، ومؤسسة التسليف الشعبي.
وقد خُصصّ مجمع الثورة منذ البداية لوزارة التموين (أصبح اسمها وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك) لكنّ الحكومة أعطت الجمعية التعاونية الاستهلاكية في دمشق الحق باستثماره، بغرض التدخل الإيجابي لصالح المستهلك في جميع أنواع البضائع. ولكن، الجمعية مع الوقت حوّلت معظم صالاتها في مجمع الثورة لعرض وبيع السجاد، وحوّلت عدداً من منافذ البيع التابعة لها إلى مستودعات وأجّرتها للغير.
وقد أنشأت الجمعية التعاونية الاستهلاكية في دمشق عام 1956، بموجب أحكام قانون التعاونيات رقم 317 لعام 1956. والهدف منها هو استيراد البضائع الاستهلاكية، وبيعها بأسعار التكلفة لأعضاء الجمعية، وبأسعار أقل من أسعار السوق للمستهلك العادي. وتم تعديل القانون 317 بقانون الجمعيات والمؤسسات الخاصة رقم 93 في العام 1958. كما صدرت مجموعة قرارات وتعليمات وتعاميم لتنظيم عملها، عن وزارة التموين، وكذلك النظام الداخلي الموحد للجمعيات التعاونية الاستهلاكية الصادر بموجب قرار وزارة التموين رقم 743 لعام 1995.
ونظرياً، تعمل الجمعيات التعاونية باعتبارها جمعيات أهلية مستقلة، إلّا أنّ سلسلة القرارات الحكومية السابقة حدّت كثيراً من استقلاليتها ووضعتها تحت إشراف مديرية التعاون الاستهلاكي في وزارة التموين.
إجراءات وزارة التجارة الأخيرة
وزير التجارة الداخلية عمرو سالم أصدر، في 24 تشرين الأول 2022، القرار رقم 3073، القاضي بحل مجلس إدارة الجمعية الاستهلاكية في مدينة دمشق، بناءً على تقرير من الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش. وسبق ذلك صدور قرار وزارة المالية رقم 1929 في 17 آب 2022، بالحجز الاحتياطي على أملاك ثلاثة من أعضاء مجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية بدمشق، وذلك ضماناً لتسديد مبلغ 107 ملايين ليرة. وليس واضحاً مصدر هذا المبلغ.
كما اتخذت وزارة التجارة الداخلية أيضاً قراراً بتشكيل مجلس إدارة مؤقت للجمعية التعاونية الاستهلاكية، مهمته تثبيت النظم المالية والإدارية والقانونية في عمل الجمعية، والتحضير لجلسة انتخابات خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخه، بالإضافة إلى عمليات الجرد الفعلي لمستودعات مجمع الثورة. الوزير اتهم الجمعية بالسرقة لموجودات المجمع الذي “تحوّل لمسكن للجرذان وأصبح بحالة مزرية جداً” بحسب قوله.
من جهته، رفض مجلس إدارة الجمعية الاستهلاكية في مدينة دمشق، تلك القرارات، ورفض تسليم الإدارة إلى المجلس المؤقت، مستنداً إلى أنه مجلس منتخب لا يحق للوزارة حلّه. ولكن بطلب من الوزارة، اقتحمت الضابطة العدلية والشرطية مجمّع الثورة، من خلال الكسر والخلع لأبوابه وأبواب الصالات، وختمتها بالشمع الأحمر.
وفعلياً، فالقرار 3073 مخالف لمجمل قوانين الجمعيات التعاونية التي تضع سلطة حل مجلس الإدارة بيد الجمعية العمومية للجمعية التعاونية أو القضاء. الوزير أشار إلى وجود حكم قضائي بحل مجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية في مدينة دمشق، وإلى إن التحقيقات لا تزال جارية في بعض التجاوزات. سيريا ريبورت لم تتمكن من التأكد من وجود هذا القرار القضائي.
المستأجرون
وبحسب ما قاله وزير التجارة الداخلية في مؤتمر صحفي عقده في 14 نوفمبر 2022، فقد تعاملت الجمعية كمستثمر ومنحت الآخرين ميزة الاستثمار والعمل في المجمع، وأجّرت العديد من الصالات وفق عقود توريد بالأمانة، أي جلب بضائع ووضعها برسم الأمانة لدى الجمعية التعاونية لبيعها مقابل نسبة من الأرباح تذهب لصالح الجمعية. ويتم تقدير تلك الأرباح مسبقاً ودفعها سلفاً.
وخلال المؤتمر الصحفي للوزير، قال ممثلون عن مستأجري صالات السجاد التي تم إغلاقها، بأن لديهم عقود توريد بالأمانة لـ5 سنوات، رسمية موقعة، مع الجمعية تمّ تجديدها مؤخراً. وعلى أساس تلك العقود، عدل أصحاب الصالات في ديكور الصالات، واستقدموا بضائعهم من السجاد الذي بلغت قيمته مئات ملايين الليرات.
ورداً على مداخلاتهم، قال الوزير بأن تلك العقود لم تكن مع الوزارة، وهي ليست عقود استثمار، بل عقود توريد للجمعية لتأمين مواد لها. وقد تصرّف أصحاب العقود، بحسب الوزير، كمستثمرين استأجروا الصالات، وحولوها للبيع المباشر، وهو أمر مخالف للقانون. إذ أن الجمعية ليست مستثمراً، وأصحاب العقود ليسوا مستأجرين، ولا يحق لهم الاستثمار في الصالات.
رئيس مجلس إدارة الجمعية المؤقت، قال لصحيفة تشرين الرسمية، بأن جميع عقود المستثمرين من شاغلي صالات السجاد، هي عقود بيع بالأمانة، وليست عقود استثمار أو إيجار. ولكن، مارس أصحاب تلك العقود عملاً استثمارياً بحتاً، ما خالف العقود الموقعة مع الجمعية. وأضاف بأن عقود البيع بالأمانة لم ترسو على أصحابها بالمزاد العلني، مشيراً إلى وجود شبهات فساد في توزيع عقود البيع بالأمانة.
وبحسب ما نقلته الصحف الرسمية، فقد تعهد الوزير بإزالة الشمع الأحمر عن أبواب الصالات المغلقة بالشمع الأحمر، وعرض على المستثمرين توقيع عقود مؤقتة لبضعة أشهر مع الوزارة، ما يتيح لهم بيع منتجاتهم في المجمع ريثما يتم إيجاد مكان آخر لهم. وأشار الوزير إلى أن مجلس الوزراء سيطرح المجمع للاستثمار عن طريق هيئة الاستثمار. كما أشار الوزير إلى وجود دراسة لمشروع قانون جديد للتعاون الاستهلاكي.