مفتاح: قانون التحوّل الإلزامي إلى الري الحديث
في 19 حزيران 2023، أصدر الرئيس السوري القانون رقم 10 المتضمن إحداث صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث، بغرض تنظيم خطة التحوّل الإلزامي إلى الري الحديث في الأراضي الزراعية المروية.
وألغى القانون الجديد العمل بأحكام المرسوم التشريعي رقم 91 لعام 2005 وتعديلاته، والقانون رقم 20 لعام 2010، اللذين كانا ينظمان عملية تنفيذ خطة التحول إلى الري الحديث. القانون الجديد طوّر من هيكلية اللجان التي تمر عبرها مراحل التحول وصولا إلى إصدار القرار النهائي، وزاد نسب مبالغ الغرامات المفروضة على المستفيدين المتخلفين عن تنفيذ الالتزامات.
ويتم إحداث صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث، لدى وزارة الزراعة، ويكون مركزه في دمشق، مع إمكانية إحداث فروع له في محافظات أخرى. وتودع مبالغ تمويل الصندوق في حسابٍ جارٍ خاص لدى المصرف الزراعي، ويتم صرف أموال الصندوق على شكل منح وقروض للمستفيدين، لتمويل تجهيزات ونفقات المزارعين في عملية التحول. والمستفيد من الري الحديث، هو كل من يقوم بالاستثمار الزراعي سواء أكان مالكاً، أم منتفعاً، أو مستأجراً أو مزارعاً. واشترط القانون 10 لمنح القروض للمستأجرين أو المزارعين، موافقة المالك على ذلك، أو تقديم ضمانة أخرى يقبلها المصرف الزراعي التعاوني.
القانون 10 وضع استراتيجية لتنفيذ عملية التحول إلى الري الحديث إلزامياً، وتمر هذه الاستراتيجية عبر أربع لجان:
اللجان الفرعية في المحافظات، ويتم إحداثها بقرار من وزير الزراعة، ويرأس كل لجنة المحافظ، وعضوية ممثلين عن المكتب التنفيذي لقطاع الزراعة، ورئيس اتحاد الفلاحين في المحافظة، ومدراء وزارات الزراعة والموارد المائية والصناعة والمالية والاقتصاد، في المحافظة المعنية. تتولى اللجان الفرعية اقتراح المناطق التي يجب إخضاع مساحاتها المروية الزامياً إلى الري الحديث.
اللجنة المركزية، وتشكل بقرار من وزير الزراعة، ويرأسها معاون الوزير وعضوية ممثلين عن وزارات الزراعة والموارد المائية والصناعة والمالية والاقتصاد، ومدير المصرف الزراعي. تتولى اللجنة المركزية مهاماً متنوعة، منها إعداد دراسة عن المناطق المطلوب تحويلها إلى الري الحديث بناءً على اقتراح اللجان الفرعية.
مجلس إدارة صندوق تمويل المشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث، وهو بمثابة لجنة يُشكلها رئيس مجلس الوزراء، ويرأسها وزير الزراعة، وعضوية ممثلين عن وزارات الزراعة والموارد المائية والصناعة والمالية والاقتصاد، ومدير المصرف الزراعي. يتولى مجلس الإدارة، مهاماً عديدة، منها؛ إدارة صندوق تمويل المشروع، واقتراح المناطق المطلوب تحويل المساحات المروية فيها بشكل إلزامي إلى الري الحديث، بناء على دراسة اللجنة المركزية.
اللجنة العليا، برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزراء الزراعة والموارد المائية والصناعة والمالية والاقتصاد، وأيضاً رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ورئيس الاتحاد العام للفلاحين. تقوم هذه اللجنة بإقرار المناطق المطلوب تحويل المساحات المروية فيها بشكل إلزامي إلى الري الحديث، بناء على اقتراح مجلس إدارة الصندوق.
لا يتضح في القانون سبب تكاثر اللجان المكلفة بمهام متشابهة تقريباً. ولكن، من المرجح أن يؤدي تعدد اللجان إلى جعل التنفيذ أطول وأكثر تعقيداً.
القانون 10 اعتبر أن عملية التحول إلى الري الحديث إلزامية في المناطق التي تقرها اللجنة العليا، بينما تكون اختيارية في المناطق التي لم يتم إقرارها. وبعد إقرار تلك المناطق، يُصدِر وزير الزراعة قراراً ببدء عملية التحول إلى الري الحديث، ويرفق مع القرار مخططاً يبيّن حدود المنطقة المشمولة وأرقام عقاراتها. في حال وجود عقارات غير محددة ومحررة، يجب إضافة مخطط موقع لكل منها، ونشر جداول بأسماء مالكيها وشاغليها، ومستنداتهم القانونية.
القانون 10 أوجب نشر قرار الوزير في الجريدة الرسمية، ولوحة إعلانات مركز المحافظة ومديرية الزراعة واتحاد الفلاحين في المحافظة، وفروع المصرف الزراعي والجمعيات الفلاحية. واعتبر القانون أن هذا النشر يعدّ بمثابة تبليغ شخصي لأصحاب الحقوق في المنطقة المعنية. وعدم التبليغ الشخصي قد ينجم عنه ضرر بحقوق بعض ملاك الأراضي أو شاغليها، خاصة في ظل نزوح وهجرة الكثير منهم خارج البلاد.
ولم يشر القانون 10 إلى أن قرار الوزير سيكون مبرماً أو أن هناك إمكانية للطعن به. القانون السابق رقم 20/2010 كان قد نص صراحة على أن قرار الوزير مبرماً لا يقبل أي طريق من طرق المراجعة أو الطعن.
القانون 10، أوجب على المستفيدين من قرار التحول، مراجعة الجهة المعنية في المحافظة خلال مدة ثلاثة أشهر من تاريخ إعلان القرار، لتنفيذ الالتزامات المترتبة عليهم بموجب أحكامه. القانون لم يذكر ما هي هذه الالتزامات، والتي يتوقع أن يتم تحديدها في التعليمات التنفيذية للقانون، التي لم تصدر بعد.
الملفت أن القانون 10 اعتبر أن كل من تقع أرضه في المناطق المشمولة بالتحول إلى الري الحديث، وامتنع عن تنفيذ الالتزامات المترتبة عليه، يُعتبرُ مخالفاً للقانون. وفرض القانون على المخالف غرامات باهظة، تبدأ من خمسين ألف ليرة للدونم الواحد، في السنة الأولى من الامتناع عن تنفيذ الالتزامات، مع حرمانه من كافة أشكال الدعم المقدم من الوزارة للفلاحين. وفي حال استمرار المخالفة للسنة الثانية، ترتفع الغرامة إلى 100 ألف ليرة على الدونم الواحد، مع الحرمان من دعم وزارة الزراعة. ترتفع الغرامة إلى 250 ألف ليرة للدونم الواحد في حال الاستمرار في المخالفة لسنة ثالثة، حتى نهاية السنة الخامسة، مع حرمانه من دعم الوزارة. بعد انتهاء السنة الخامسة ترتفع الغرامة إلى 500 ألف ليرة على الدونم الواحد.
وتفرض تلك الغرامات بقرار من الوزير، وتُحصّلً وفق قانون جباية الأموال العامة، وتؤول إلى الخزينة العامة للدولة.