قوانين التوسع العمراني وعشوائيات مدينة حلب
على أطراف أحياء مدينة حلب الشرقية والشمالية والجنوبية، ظهرت 22 منطقة عشوائية أسسها وسكنها مهاجرون فقراء من الريف؛ ومنها؛ تل الزرازير، الأنصاري، حارة الشحادين، الصالحين والفردوس وكرم الدعدع، الحيدرية، الشيخ فارس، الشيخ خضر، الشيخ سعيد. أيضاً هناك ثلاث عشوائيات كبيرة توسعت حول قرى خارج مدينة حلب وهي؛ النيرب وحندرات والأنصاري، وضُمّت خلال مراحل مختلفة إلى المخطط التنظيمي العام للمدينة.
بينما التوسع السكاني غربي المدينة تم تنظيمه بموجب قوانين التوسع العمراني التي حصرت التوسعات السكنية بالمناطق غير المنظمة ولا المقسمة الواقعة ضمن المخطط التنظيمي العام للمدينة. ومع ذلك، توجد أحياء يسود فيها البناء المخالف في حلب الغربية، ضمن حدود المدينة الإدارية وداخل مخططها التنظيمي. وأبرزها أحياء الراشدين والكليرية، ولكن لا أحد يشير إليها على أنها مناطق مخالفات، لأنها تجمعات سكنية راقية تسكنها طبقة وسطى، ولا تشكو من نقص الخدمات. كذلك، توجد عشوائيتان كبيرتان قديمتان غربي مدينة حلب وخارج مخططها التنظيمي؛ خان العسل وكفر داعل.
وقد تم إدراج جميع العشوائيات أعلاه ضمن التعديل الصادر سنة 1991 للمخطط التنظيمي المصدق لمدينة حلب، حيث أعطيت صفة سكن عربي أول بطابقين، وهي صفة عمرانية مُحدثة خاصة بهذه المناطق. وسُمِحَ بموجب هذا التوصيف ترخيص الأبنية الموجودة سلفاً والمؤلفة من طابقين، وهي حالة غالبية الأبنية في تلك المناطق، على أن يكون لها فسحة سماوية داخلية مساحتها 25% من مساحة المقسم، وأن يكون عرض الشارع الذي يطل عليه البناء 5 أمتار على الأقل. الهدف كان تنظيم تلك المناطق والسيطرة على المخالفات. ولكن هذا الترخيص للصفة العمرانية الجديدة لم يطبق فعلياً إلا على أرض البقعة المخصصة للمنذرين بهدم منازلهم شمال غربي هنانو. في العام 2012 ومع إصدار المخطط التنظيمي الجديد لمدينة حلب، تم حذف تلك الصفة العمرانية من نظام ضابطة البناء.
في العام 2000، صدر قانون التوسع العمراني رقم 26، المعدّل لقانون التوسع العمراني رقم 60 لعام 1979، وكان يفترض أن يجد حلاً للعشوائيات في حلب. إذ أن المادة السابعة من القانون 26، حددت بضعة طرق للتعامل مع العشوائيات:
الطريقة الأولى؛ تطبيق أحكام قانون تقسيم وعمران المدن رقم 9 لعام 1974، وفق أحد بابيه الأول والثاني، أي إما التنظيم أو التقسيم. وغالباً ما تقوم الوحدة الإدارية بالتنظيم، في حالة المناطق الخالية، أو قليلة الإشغالات، لأن إجراءاته طويلة ومعقدة. في حين يجري فرض التقسيم على العشوائيات القائمة، وذلك بالسماح لأصحاب الحقوق تقسيم عقاراتهم. في الحالتين تقتطع الوحدة الإدارية ثلث مساحة المنطقة مجاناً، لإشادة الطرق والساحات والمشيدات العامة وغيرها.
الطريقة الثانية؛ استملاك الوحدة الإدارية الأراضي اللازمة ضمن العشوائيات لإحداث الطرق والساحات والحدائق والمشيدات العامة والمقاسم السكنية، وفق أحكام قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983. وهذه الطريقة تُكلّف مجالس الوحدات الإدارية أعباء كبيرة لتعويض المتضررين، وستخسر الثلث المجاني الذي كان يمكن الحصول عليه في حالتي التقسيم والتنظيم. وفي النهاية، لن يتغير سوى المحاور الرئيسية التي سيتم توسيعها.
الطريقة الثالثة؛ هي اعتبار المناطق العشوائية مناطق توسع عمراني، تُطبق عليها المادة الثانية من قانون التوسع العمراني 26 لعام 2000. أي استملاك المنطقة بالكامل، ومن ثم إعداد مخطط تنظيمي تفصيلي لها بعد اقتطاع الثلث المجاني، والتعامل مع المقاسم السكنية الناتجة عن التقسيم بعد تخمين قيمتها، ببيع 60% منها بسعر الكلفة للجهات العامة والجمعيات السكنية، و40% لأصحاب العقارات في المنطقة. وهذا الحل لا يمكن تطبيقه على مناطق العشوائيات المزدحمة بالمباني.
في العام 2004 حدد مجلس مدينة حلب بضع مناطق عشوائية لتطبيق القانون 26 عليها، وفق الطريقة الثالثة، ومنها؛ منطقة المنذرين بالهدم في الحيدرية وهي منطقة مخالفات جماعية مستملكة بالكامل لصالح مجلس المدينة، ومنطقتي جبل بدرو والشيخ نجار. وبدأ مجلس المدينة وضع مخططات تنظيمية تفصيلية لتلك المناطق وكلّف في العام 2005 الوحدة الهندسية بكلية الهندسة المعمارية بجامعة حلب لاقتراح حلول تخطيطية لمناطق عشوائية أخرى كتل الزرازير والأنصاري وباقي مناطق المخالفات السكنية الجماعية. ولكن، لم يتم التطبيق الفعلي لأي من الطرق السابقة في التعامل مع مناطق السكن العشوائية في حلب.