معاناة الوافدين المستأجرين في مناطق الإدارة الذاتية
رغم وجود قرار بتحديد قيمة الإيجارات في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية إلا أن ذلك لم يضبط فعلياً سوق الايجارات في الحسكة. كما أن الشروط الصعبة المفروضة على النازحين القاطنين في مناطق الإدارة الذاتية “الوافدين”، تزيد من صعوبة عملية الإيجار، وتجعل من المستأجرين الطرف الأضعف في العلاقة الإيجارية.
وكان المجلس التنفيذي التابع للإدارة الذاتية، قد أصدر القرار رقم 1 في شباط 2021، لتنظّيم العملية الإيجارية، وحدد فيه أسعار بدلات الإيجار السكنية الشهرية بالليرة السورية. وتراوحت أسعار الإيجارات بين 10-150 ألف ليرة للمنزل، بحسب مواصفاته. وفرض القرار نموذجاً موحداً لعقد الإيجار صادر عن اتحاد الأصناف، يجب توثيقه لدى البلدية المعنية، بعد موافقة الكومين ومكتب الشؤون العقارية التابع لجهاز الأمن الداخلي “الأسايش”. والكومين، هو أصغر وحدة تنظيمية تابعة للإدارة الذاتية على مستوى الأحياء والقرى. بينما اتحاد الأصناف هو منظمة تابعة للإدارة الذاتية تهدف لتنظيم عمل المهن في الأسواق.
وبحسب القرار، يجب على كل كومين مسك سجل خاص بالعقارات المؤجرة، بحيث يكون لكل عقار صفحة خاصة تتضمن الوصف الكافي للعقار واسم المالك واسم المستأجر ومدة العقد وتاريخ بدئه وانتهائه ومبلغ الإيجار واسم المكتب العقاري المنظم للعقد، ويتم تحديث المعلومات كلّما طرأ عليها أي تغيير.
لكن كثيراً من المؤجرين لا يتقيدون بهذه الأسعار. بل وفي الواقع، تُسعّرُ إيجارات البيوت الحقيقية بالدولار، وغالباً ما تُقبضُ بالدولار أيضاً، وتتراوح ما بين 40-250 دولاراً للمنزل الواحد. وعند توثيق عقد إيجار ما في البلدية، يتفق المؤجر والمُستأجر على تسجيل قيمة إيجار صوريّة، متوافقة مع القرار رقم 1.
القرار 1 أعطى المُستأجر الحق في تقديم شكوى بحق المخالفين، وكلّف الكومين بمراقبة عملية تأجير العقارات، والوقوف على المخالفات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. الملفت بحسب مصادر سيريا ريبورت، بأنه ورغم المخالفات واسعة النطاق للقرار رقم 1، والسخط العام من ارتفاع الأسعار، لم تسجل أي شكاوى. ويشير ذلك إلى وجود حالة عامة لدى المُستأجرين من عدم الثقة بجدوى الاعتراض. إذ غالباً ما سينكر المؤجر أمام الكومين أو المحكمة تأجير عقاره بسعر مرتفع، وسيمتنع بعدها عن تأجير ذات المُستأجر المشتكي كيدياً، أو سيلجأً لإخلاءه بأحد موجبات الإخلاء القانونية. وبالتالي، سيجد المُستأجر المُعترضُ نفسه بلا مأوى. لذا، في هذه الشروط يُذعنُ المُستأجرُ لرغبة المؤجر، ولا يعرض نفسه للمشقة المادية والمعنوية في المحاكم ولجان الشكاوى.
القرار رقم 1، نص على منح المستأجر مدة معقولة للإخلاء عند حدوث خلاف بين المؤجر والمستأجر. عندها، يُحدد الكومين مهلة الاخلاء، ولكن في حال تفاقم الخلاف تقوم لجنة مختصة بالشكاوى العقارية، بتحديد المهلة على أن تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر.
وفي المرحلة الأولى، غالباً ما يتوسط الكومين في أي نزاع بين المستأجر والمؤجر، قبل لجوء أحد الطرفين إلى محاكم الشعب التابعة للإدارة الذاتية. وفي العموم، فإن أغلب الدعاوى المتعلقة بالإيجارات المنظورة أمام محاكم الشعب، بحسب مصادر سيريا ريبورت، يرفعها المؤجرون لانتهاء أجل العقد وتعنت المستأجرين في الإخلاء.
كما قد يرفع المُؤجر دعوى إخلاء لعلة الاساءة للمأجور. وأحياناً، تُرفع هذه الدعوى بشكل كيدي لإخلاء المُستأجر الذي يرفض زيادة بدل الايجار. وفي حال إصدار محكمة الشعب قراراً بإخلاء المُستأجر، تقوم الضابطة العدلية أو جهاز الأمن “الاسايش” بتنفيذه. المستأجر بدوره، وإن كان يملك الحق في تقديم شكوى لعدم إلتزام المُؤجّر ببنود العقد، إلا إنه غالباً ما لا يفعل، لكونه الطرف الأضعف الذي يخشى البقاء من دون سكن.
بطاقة الوافد
يحتاج النازح إلى مناطق الإدارة الذاتية، إن رغب باستئجار عقار ما، إبراز “بطاقة وافد” من ضمن الوثائق المطلوبة لابرام عقد الإيجار. وكل مقيم في مناطق الإدارة الذاتية، وقيده المدني من خارج تلك المناطق، يجب عليه الحصول على بطاقة وافد صادرة عن أحد مراكز الوافدين التابعة للإدارة العامة للمعابر والوافدين، والتابعة بدورها لهيئة “وزارة” الداخلية.
وتثبت بطاقة الوافد أن لحاملها قيد مدني خارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، وأنه خضع لدراسة أمنية، ولديه كفيل في مناطق الإدارة الذاتية. ويجب ألا يقلّ عمر الكفيل عن 18 عاماً، ولا يجب أن يكون متهرباً من التجنيد الإجباري. وفي حالات متعددة، يطلب مكتب الشؤون العقارية في الادارة العامة للاسايش أن يكون الكفيل مالكاً لعقار ما. والكفالة شرط على كل نازح. ويمكن للشخص نفسه من أهالي مناطق الإدارة الذاتية، كفالة خمسة نازحين كحد أقصى. وبالتالي، عائلة نازحة مكونة من عشرة أشخاص، بحاجة لكفيلين.
وتتضمن بطاقة الوافد ذات البيانات المدونة في الهوية الشخصية، بالاضافة إلى العنوان الحالي للوافد. ويتم تجديد بطاقة الوافد كل ستة أشهر، تُعادُ فيها ذات اجراءات اصدارها لأول مرة، بما في ذلك حضور الكفيل وتوقيعه. وبطاقة الوافد ضرورية في التنقلات عبر المعابر، وبين مقاطعات الإدارة الذاتية.
وبدأ العمل ببطاقة الوافد في العام 2019، لغايات أمنية احترازية لمنع تسلل عناصر من تنظيمات متطرفة إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية باستخدام بطاقات هوية مزورة. قبل ذلك، كانت الأسايش تطلبُ من النازحين المقيمين في مناطق الإدارة الذاتية سند إقامة من المختار في محلة نزوحهم الحالية.
ويعفى من الحصول على بطاقة الوافد النازحون الأكراد من عفرين بريف حلب الذين لا يخضعون للدارسة الأمنية. وتقوم رابطة عفرين الاجتماعية التابعة للادارة الذاتية، بتنظيم أمور نازحي عفرين الخدمية.
أما المستأجرون القدماء من النازحين، فعند تجديد عقود الإيجار، يطلب منهم كومين الحي أو القرية، الحصول على بطاقة الوافد، لتوثيق عقد الإيجار بشكل رسمي وفق الإجراءات المرعية. في حين أن النازحين من غير المُستأجرين، ممن يقيمون في منازل أقاربهم على سبيل المثال، تطلب من الكومينات عقد إيجار أو إثبات ملكية، لمنحهم بطاقة الوافد أو تجديدها. ويضطر هؤلاء لتنظيم عقود ايجار صورية، ودفع مبالغ تصل إلى 250 ألف ليرة، لمكاتب الوساطة العقارية لتوثيقها.