مشاريع الإسكان الحكومية للمستحقين من متضرري الزلزال
بعد أربعة أشهر على زلزال 6 شباط، ما تزال المشاريع الحكومية لإسكان المتضررين الذين فقدوا منازلهم، في مراحلها التمهيدية الأولى من ترحيل الأنقاض وحفر الأساسات.
وتسود الفوضى والتشويش وعدم الدقة التصريحات والبيانات الرسمية بخصوص هذا النوع من المشاريع. ولكن، يمكن الاستنتاج بأن مشاريع الإسكان الحكومية للمتضررين من الزلزال، تنتمي إلى المرحلة الثالثة، طويلة المدى، من “خطة العمل الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال- الإنسان أولاً“، التي أعلن عنها مجلس الوزراء في 15 شباط وأقرها في 15 نيسان. وتنص هذه المرحلة على إعادة الإعمار وتحسين الواقع العمراني ليكون أفضل مما كان عليه قبل الزلزال والحرب، من خلال تنظيم المناطق العشوائية وإعادة إعمارها.
كما يسود خلط في التسميات التي يطلقها المسؤولون السوريون على هذه المشاريع المزمع إقامتها في محافظتي حلب واللاذقية؛ وبعضهم يسميها بالسكن البديل. في هذه المقالة سنعتمد تسمية مشاريع الإسكان الحكومية للمستحقين من متضرري الزلزال، لتمييزها عن مشاريع المساكن مسبقة الصنع المؤقتة، التي تمولها جهات مانحة إقليمية ودولية.
في كل الأحوال، تحيط الشكوك بإمكانية إنجاز مشاريع الإسكان الحكومية للمستحقين من متضرري الزلزال، ضمن مهلة السنة الواحدة المحددة رسمياً لها. كما أن العدد المتواضع للمساكن المتوقع إنجازها، قد لا يلبي الحاجات السكنية للأعداد الكبيرة من المتضررين. كما أن المعايير المعتمدة لتحديد من هم مستحقي هذه المساكن بعد إنجازها، ما زالت أمراً غامضاً.
مدينة حلب
تسبب الزلزال بانهيار 53 مبنى بشكل كلي في مدينة حلب، كما ظهرت التصدعات، وحدثت انهيارات جزئية، في مئات الأبنية الأخرى. محافظ حلب، قال في 19 شباط، أن 220 بناء آيل للسقوط تم هدمها.
في 10 حزيران الجاري، تفقد رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، موقعين لمشاريع إسكان مخصصة لمتضرري زلزال 6 شباط في مدينة حلب؛ أحدهما في حي الحيدرية، والثاني في ضاحية المعصرانية للسكن الشبابي شرقي المدينة. رئيس الوزراء قال خلال زيارته، بأن مشروع السكن يساهم في حل مشكلة المخالفات. وليس واضحاً ما قصده رئيس الوزراء، ولكن المنطقتين اللتين تقام عليهما مشاريع الإسكان هذه تضمان عشوائيات كبيرة مقامة على أملاك عامة، وبعضها تضرّر بالزلزال.
وبحسب معلومات نشرتها وسائل إعلام رسمية، سيتم بناء 4 مبان في حي الحيدرية، كل منها مؤلف من 10 طوابق بثمانية شقق لكل منها. أي 320 شقة، مساحتها الاجمالية 25,600 متر مربع، بكلفة إجمالية تقدر بـ66,6 مليار ليرة سورية. وكان رئيس دائرة الدراسات في مجلس مدينة حلب جمال كريم، قد قال في 4 حزيران، بأن الجهة الدارسة للمشروع هي وحدة ممارسة المهنة في جامعة حلب، وأن مؤسسة الإسكان التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان هي من سينفذه. وبعد أربع شهور على وقوع الزلزال، ما زال العمل في هذا المشروع في مراحله الأولى التي تتضمن ترحيل الأنقاض وحفر الأساسات.
والأرض التي يقام عليها المشروع في الحيدرية هي ملكية مجلس مدينة حلب. في 15 أذار، قال رئيس مجلس مدينة حلب معد المدلجي، إن مساحة الأرض المخصصة في حي الحيدرية لإسكان متضرري الزلزال هي 78 هكتاراً، ويمكن أن تستوعب 10000 شقة سكنية. ويجب هنا الإشارة إلى أن الحيدرية منطقة عشوائية كبيرة وقد سبق وأحدث فيها مجلس مدينة حلب في أكتوبر 2010، منطقة للتطوير العقاري بمساحة 118 هكتاراً، وهي مستملكة أيضاً للدولة. وليس واضحاً لحد اللحظة حدود مشروع الإسكان الجديد لمتضرري الزلزال في الحيدرية، وإن كان يمتد على بعض الأراضي المخصصة لمنطقة التطوير العقاري.
بينما المشروع السكني في ضاحية المعصرانية شرقي مدينة حلب، يتألف من أربعة مبان تضم 120 شقة، تتراوح مساحة الشقة الواحدة منها بين 65 و90 متراً مربعاً، بمساحة طابقية اجمالية تبلغ 10 آلاف متر مربع، بقيمة إجمالية تقدر بـ18,6 مليار ليرة سورية. وبلغت نسبة الإنجاز في المشروع، بحسب الإعلانات الرسمية، نحو 28 بالمئة. ويقوم بتنفيذه مؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع. الأرض التي يقام عليها المشروع السكني في المعصرانية هي ملكية لمؤسسة الإسكان.
يقع حي المعصرانية على طريق حلب-الرقة، بالقرب من مطار حلب الدولي، ويضم عشوائيات مُشادة على أملاك عامة. في العام 2002 أطلقت مؤسسة الإسكان مشروعاً للسكن الشبابي، في المعصرانية. في العام 2010 ولم يكن قد أنجز إلا المرحلة الأولى من المشروع، وتم تسليم جزء منها للمكتتبين. وتحولت المعصرانية، وأيضاً السكن الشبابي فيها، منذ العام 2012 إلى منطقة خطرة بسبب قربها من المطار، وتعرضت حتى العام 2016، لحملات قصف جوية من قبل النظام، ما تسبب بنزوح العدد الأكبر من سكانها، ودمار كبير.
مدة تنفيذ المشروعين في الحيدرية والمعصرانية، هي عام واحد، بحسب ما قاله نائب محافظ حلب كميت عاصي الشيخ، في 6 حزيران، لصحيفة تشرين الرسمية.
وكان وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبداللطيف، قد تفقد في 3 حزيران، مراحل العمل في موقعي مشروعي الإسكان في الحيدرية والمعصرانية، وأشار إلى الاهتمام الحكومي بملف الأبنية للمستحقين كجزء من الإجراءات الواردة في الخطة الوطنية لمعالجة آثار الزلزال. وأوضح الوزير أن العمل يتم بطريقة ممنهجة هندسياً وإدارياً، وذلك يعتبر منهج عمل للمرحلة القادمة لإعادة الإعمار، داعياً الالتزام بجودة التنفيذ والتقيد بالبرنامج الزمني المحدد. وترأس عبداللطيف اجتماعاً في مبنى المحافظة اطلع فيه على عرض تفصيلي عن أعمال الهيكل والإكساء ومراحل التنفيذ في المشروعين.
محافظة اللاذقية
انهار في محافظة اللاذقية بتأثير الزلزال 50 مبنى بشكل كلي، والعشرات بشكل جزئي. محافظ اللاذقية، أشار في منتصف أيار، إلى وجود 1200 بناء متضرر آيل للسقوط بحاجة إلى هدم في المحافظة، بحسب التقارير الصادرة عن لجان السلامة العامة.
على غرار حلب، ستقام في اللاذقية مشاريع سكنية للمتضررين من الزلزال؛ على أراض عائدة ملكيتها إلى مؤسسة الإسكان، وعلى أراض عائدة ملكيتها لمجلس مدينة اللاذقية. محافظ اللاذقية عامر هلال، أكد في منتصف أيار، الشروع بإقامة 4 أبراج سكنية للمتضررين في حي شارع الثورة، وبرجين في حي الغراف، في مدينة اللاذقية. وأكد المحافظ أيضاً التحضّير لإقامة برجين في مدينة جبلة. وزير الأشغال العامة والإسكان ومحافظ اللاذقية، تفقّدا في 13 أيار، الواقع الميداني للأعمال في بعض تلك المشاريع.
وكل برج يضم 10 طوابق، يضم شققاً سكنية مساحة الواحدة منها تتراوح بين 80 – 100 متر مربع. وليس واضحاً العدد الفعلي للشقق في تلك المشاريع، وسط أرقام متضاربة تنشرها المصادر الرسمية؛ بعض الأرقام أشارت إلى بناء 160 شقة على أراض لمؤسسة الإسكان، و160 شقة على أراض لمجلس مدينة اللاذقية. بينما أشارت مصادر أخرى إلى 320 شقة على أراض لمؤسسة الإسكان، و80 شقة على أراض لمجلس مدينة اللاذقية بإدارة مؤسسة الإسكان وتنفيذ الشركات الإنشائية العامة.
في كل الأحوال، ما زال العمل حالياً في مراحله التمهيدية في جميع تلك المشاريع. وزير الإسكان أشار إلى العمل ما زال منصباً على اختبار مقاومة التربة في الموقع المقرر لإشادة برجين في مدينة جبلة، حيث تقوم الشركة العامة للدراسات الهندسية بإعداد الاضبارة الهندسية للمشروع، وبعد إنجازها، ستبدأ أعمال الحفر.
في 15 أذار، قال رئيس مجلس محافظة اللاذقية لصحيفة الوطن شبه الرسمية، بأن العمل يجري لتأمين مساكن لمن فقدوا منازلهم. وأشار إلى تحضير قاعدة بيانات واضحة ودقيقة، لتحديد وحصر جميع المتضررين ممن تهدمت أو تصدعت منازلهم بشكل غير قابل للتدعيم. وأشار المسؤول إلى إن الوحدات الإدارية ستعمل على تحضير الموقع للبناء عليه، والمحافظة تقوم بتحضير البنية التحتية من شبكات صرف صحي ومياه وكل الخدمات الأخرى.