حكومة الإنقاذ تثبّت الاكتتاب في السكن الشبابي بإدلب
أعلنت وزارة الإدارة المحلية والخدمات التابعة لحكومة الإنقاذ في إدلب، في 5 تموز 2023، عن منح مهلة شهر واحد، ما بين 8 تموز -7 آب 2023، للمكتتبين في مشروع السكن الشبابي بمدينة إدلب، الراغبين بتثبيت اكتتابهم مجدداً في المشروع. وتثبيت الاكتتاب هو إجراء جديد غير متبع من قبل، ويبدو موجهاً لتحديد المكتتبين القادرين والمهتمين باستئناف دفع الأقساط المترتبة عليهم في مشروع السكن الشبابي المتوقف منذ سنوات. وهذه هي المهلة الثانية التي تمنحها الوزارة خلال أقل من شهرين، وهي مخصصة للمكتتبين الذين لم يثبتوا اكتتابهم ضمن مهلة سابقة امتدت لأسبوعين وانتهت في 5 تموز. ويجب على المكتتب الراغب بتثبيت اكتتابه بالحضور شخصياً، وإبراز دفتر الاكتتاب، وايصالات الدفعات السابقة، بالإضافة لبطاقته الشخصية.
مشروع السكن الشبابي هو أحد برامج السكن الاجتماعي التي كانت تنفذها الجهات العامة في عموم المناطق السورية قبل أن تتوقف في بعض المناطق الخارجة عن سيطرة دمشق بعد العام 2011. في محافظة إدلب، خططت وزارة الأشغال العامة والإسكان، لإقامة مشروع السكن الشبابي شمال مدينة إدلب، على طريق إدلب-معرة مصرين. وبدأ الاكتتاب على المشروع في العام 2005، وبلغ عدد المكتتبين 1485، وتم تقسيم المشروع إلى مرحلتين، الأولى كان يفترض أن تنتهي في العام 2010، والثانية كان يفترض أن تنتهي في العام 2012.
وخصصت الوزارة للمشروع 26 هكتاراً من الأراضي الزراعية، وبدأت عمليات التمهيد وتسوية الأرض باقتلاع 2880 شجرة زيتون من الموقع. في العام 2009، تعاقدت الوزارة مع فرع مؤسسة الإسكان العسكرية في محافظة ادلب لبناء 600 وحدة سكنية ضمن المرحلة الأولى. لكن المشروع برمته، كما معظم مشاريع السكن الاجتماعي، عانى من التعثر وسوء التنفيذ قبل العام 2011، ولم تتجاوز نسبة إنجاز المرحلة الأولى 20% فقط، ونسبة الإنجاز في المرحلة الثانية 5%، بحسب التصريحات الرسمية. ويوجد كثير من التناقض في الأرقام الحكومية عن عدد المكتتبين والوحدات السكنية المنجزة، وتلك قيد الإنجاز، قبل العام 2011.
في العام 2012 خرجت محافظة إدلب عن سيطرة النظام، وتبدلت قوى المعارضة المسيطرة عليها، إلى أن تشكلت في العام 2017 حكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام وفرضت سيطرتها على المحافظة. وخلال تلك الفترة، 2012-2017 تعرض موقع المشروع للإهمال وتوقفت فيه الأعمال الإنشائية بالكامل.
في أيار 2018 شكلت مديرية الإسكان وإعادة الإعمار التابعة لوزارة الإدارة المحلية والخدمات في حكومة الإنقاذ، لجاناً فنية وقانونية، وقامت بإفراز 192 شقة في مشروع السكن الشبابي للمكتتبين عليها. وإفراز العقار يعني تجزئته، وهو معاملة فنية تقوم بها مديرية المصالح العقارية، وفق مخططات توافق عليها الوحدة الإدارية المعنية. وبالفعل، تم تسجيل تلك الشقق بأسماء أصحابها المكتتبين عليها، لدى مديرية المصالح العقارية في إدلب، التي منحهم بدورها سندات تمليك بها. ومن المهم الإشارة إلى أن تلك الشقق المفرزة ليست ناجزة البناء، ولم تتمكن سيريا ريبورت من معرفة المعايير التي اتبعتها مديرية الإسكان لإفراز تلك العقارات، وإن كان أصحابها قد انتهوا من دفع أقساطها.
في العام 2019، أسكنت حكومة الإنقاذ 180 عائلة من مهجري الغوطة الشرقية في شقق ضمن المشروع بعدما قامت منظمة غير حكومية بتأهيلها بشكل مستعجل لاستقبالهم. والمنظمة هي سيريا ريليف، التي تأسست في بريطانيا في العام 2011، بغرض الإغاثة وتنفيذ مشاريع تنموية طويلة الأجل وسبل العيش. بعد 9 شهور، أنذرت الحكومة أولئك المهجّرين بضرورة إخلاء الشقق، بعد مطالبة المكتتبين بحقوقهم ضمن مشروع السكن الشبابي. ونقلت الحكومة أولئك المهجرين إلى مشاريع إسكانية خاصة بهم في جبل كللي ومشهد روحين والكمونة شمالي إدلب، كانت منظمات غير حكومية قد أشادتها وجهزتها لهم. ورغم ذلك، ما زال هناك أناس يسكنون بعض الشقق غير المنجزة في المشروع بشكل غير قانوني.
وتحت ضغط الحاجة السكنية المتزايدة في إدلب نتيجة موجات النزوح الكثيفة إليها للمهجرين قسرياً من مناطق سيطرة النظام، بدأت حكومة الإنقاذ التفكير باستكمال مشروع السكن الشبابي منذ العام 2019، ولكنها لم تنفذ فعلياً أية أعمال انشائية جديدة فيه حتى اليوم. وقد اقتصر دور حكومة الإنقاذ على الجانب الإداري، وإعادة تنظيم معاملات المكتتبين القدامى، تمهيداً لإعادة العمل في المشروع، وفق ما قاله مدير مديرية الإسكان وإعادة الإعمار في حكومة الإنقاذ عبدالمنعم الحوت لسيريا ريبورت.
وبحسب الحوب، فإن المكتتبين في مشروع السكن الشبابي الذين خصتهم حكومة الإنقاذ بالمهل السابقة لتثبت اكتتابهم، هم ذاتهم المكتتبون لدى المؤسسة العامة للإسكان في العام 2005 ممن ما زالوا مقيمين في إدلب، ولم يسددوا الأقساط المستحقة عليهم بعد العام 2011. وقد راجع مديرية الإسكان وإعادة الإعمار، منذ إعلان المهلة الأولى في حزيران وحتى اليوم، 583 مكتتباً منهم.
وتبرز مشكلة المكتتبين المقيمين خارج مناطق سيطرة حكومة الإنقاذ، إن كان في مناطق سيطرة النظام أو خارج سوريا، ممن لا يمكنهم الحضور شخصياً لتثبيت اكتتابهم، وهو الشرط الذي وضعته حكومة الإنقاذ في إعلانها. وبحسب مصادر من مديرية الإسكان وإعادة الإعمار، فإن المكتتبين القدماء الذين لم يتقدموا لتثبيت اكتتابهم، سيعتبرون بمثابة المستنكفين، وسيسقط حقهم بالاكتتاب، مع حفظ حقوقهم بالمدفوعات السابقة المثبتة في دفاتر الاكتتاب والموثقة بإيصالات الدفع، بحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة. وسيتم طرح الشقق التي لم يثبت أحد حقه فيها، للاكتتاب من جديد، بحيث يحل المكتتبون الجدد مكان المستنكفين.
لم تحدد مديرية الإسكان في حكومة الإنقاذ قيمة الأقساط الجديدة، وقالت مصادر في المديرية لسيريا ريبورت، إنها ستكون قريبة من قيمة الأقساط القديمة، مع مراعاة التكلفة والمدة الزمنية لاستكمال المشروع. ولا يبدو ذلك واقعياً، إذ أن رسم الاكتتاب في العام 2005 كان 70 الف ليرة سورية، والقسط الشهري 2500 ليرة.
وفي كل الأحوال، لا توجد لدى مديرية الإسكان وإعادة الإعمار خطة واضحة لاستكمال العمل بمشروع السكن الشبابي، لكنها تعمل على تعديل المخططات الهندسية لأن المخططات القديمة لم تعد تتناسب مع التطور العمراني الحديث وتوسع العمران في مدينة إدلب. وبعد اعتماد المخططات الجديدة، سيتم الإعلان عن مناقصات للبناء عن طريق متعهدين أو مقاولين، بينما تقوم المديرية بالمتابعة والإشراف. وسيموّل المشروع من الصندوق الخاص بالمديرية، وهو الصندوق المُمول من أقساط المكتتبين، حسب السيد عبدالمنعم الحوت. لذلك، فالعمل حالياً يقتصر على تثبيت حقوق المكتتبين، وجباية الأقساط منهم، لتوفير ميزانية استكمال المشروع.