مفتاح: لائحتي تعليمات تنفيذية لقانون الاستثمار الجديد
في سابقة تشريعية، أصدر مجلس الوزراء، لائحتين من التعليمات التنفيذية لقانون واحد، وهو قانون الاستثمار رقم 2 لعام 2023. وقد صدرت التعليمات التنفيذية، في 15 أكتوبر 2023، بقرارين منفصلين حملا الأرقام 1575 و1576.
وفي حين لم يفسر أي مسؤول سوري سبب صدور لائحتين بالتعليمات التنفيذية، يبدو السبب لأن قانون الاستثمار الجديد رقم 2\2023، حل فعلياً محل قانونين سابقين؛ معدلاً لقانون الاستثمار القديم رقم 18 لعام 2021، وملغياً لقانون التطوير والاستثمار العقاري رقم 15 لعام 2008. ونظرياً، التعليمات التنفيذية الجديدة جاءت لتوسيع نطاق الاستثمار ليشمل الاستثمار والتطوير العقاري. ولكن، من الناحية العملية، يكرر القراران 1575 و1576 أحياناً ذات الأفكار بطرق مختلفة، ما قد يتسبب بوقوع تضارب في تفسيرهما أثناء التطبيق. وكان يمكن الاكتفاء بأحد القرارين، وإضافة المختلف من مواد القرار الثاني إليه.
وكمثال على إمكانية وقوع التضارب بين لائحتي التعليمات التنفيذية: يُطبّقُ القرار 1575 على أحد المشاريع التالية؛ تلك التي يؤسسها المستثمر بمفرده أو مع جهات القطاع العام، وتلك المشاريع المؤسسة بناءً على طرح الجهات العامة لأملاكها للاستثمار الخاص أو التعاوني من دون صيغة الشراكة، وكذلك على مشاريع التطوير والاستثمار العقاري. بينما يطبق القرار 1576 على مشاريع التطوير والاستثمار العقاري المنفذة على أملاك الدولة، وتلك المنفذة على عقارات المطور العقاري. أي أن القرار 1575 أشمل من القرار 1576، ولكن ليس لذلك أية إضافة قانونية أو عملية مهمة.
مثال آخر، يوضح مقدار التداخل والتضارب بين اللائحتين؛ بينما أتاح القرار 1575 للجهة العامة أن تقوم بتنفيذ منطقة التطوير والاستثمار العقاري إما بنفسها أو عن طريق الغير بالتحاصص مع مطورين عقاريين. فقد حدد القرار 1576 طريقتين لتنفيذ مشاريع التطوير والاستثمار العقاري: بالتعاقد بين الجهة العامة وبين المطور العقاري إما بالتراضي، أو باستدراج عروض أسعار.
القرار 1575 ميّز بين مسؤوليات الجهة العامة والمطور العقاري، أثناء تنفيذ البنى التحتية والمرافق العامة، بينما القرار 1576 ألقى على عاتق المطور العقاري وحده تنفيذ البنى التحتية والمرافق العامة في منطقة المشروع.
كما تتداخل وتتشعب واجبات والتزامات المطور والمستثمر العقاري، سواء قبل البدء بتنفيذ مشروع التطوير والاستثمار العقاري أو خلال مراحل تنفيذه حتى انتهائها، بحسب القرارين 1575 و1576، من دون مبرر. إذ عدد نص القرار 1575 بعض الواجبات والحقوق للمطور، في حين كرر القرار 1576 بعض تلك الواجبات والحقوق، وأضاف المزيد منها.
إصدار قرارين مستقلين بتعليمات تنفيذية لقانون واحد قد تكون مجرد فوضى إدارية وبيروقراطية تعاني منها السلطات السورية، ولكنها قد تكون أيضاً مقصودة لترك المجال متاحاً للتأويلات والتفسيرات القانونية المتناقضة والتي يمكن تطبيقها في حالات مختلفة.
وقد يفتح ذلك المجال لحصول نزاعات إدارية وقضائية. مثلاً، المادة 17 من القرار 1575، أعطت للمجلس الأعلى للاستثمار، صلاحية إصدار نظام خاص لتحديد العلاقة القانونية بين المطور العقاري والجهة الإدارية المسؤولة عن منطقة التطوير والاستثمار العقاري، تتضمن صلاحيات وواجبات وحقوق الطرفين. القرار 1575 لم يحدد موعداً لإصدار ذلك النظام. أي أن الأمر متروك لرغبة المجلس، والذي قد لا يصدر هذا النظام ويترك الأمر معلقاً، أو قد يصدره ويعدّله لاحقاً كون نص المادة ورد مطلقاً دون تقييد للمجلس. بينما القرار 1576 أدرج بشكل واضح القواعد الناظمة للعلاقة بين المطور العقاري والجهة الإدارية والغير.