إعلان غامض عن ترميم 50 مسكناً في داريا بريف دمشق
قالت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا”، في 9 حزيران 2023، أن المجلس المحلي لمدينة داريا في ريف دمشق حصل على موافقة لترميم 50 منزلاً في المدينة من منظمات دولية عاملة في سوريا، من دون تسميتها، وأضافت أن المنظمات تعمل في الوقت الحاضر على اختيار 60 منزلاً أخراً لتأهيلها.
وبسبب قربها من دمشق ومطار المزة العسكري، تعرضت المدينة لحصار شديد فرضته قوات النظام، ما بين العامين 2012-2016، انتهى بتهجير كامل السكان قسرياً بعدما سويت أحياء كاملة من المدينة بالأرض بسبب القصف الجوي لقوات النظام. أعلنت محافظة ريف دمشق، في آب 2018، السماح لسكان المدينة بالعودة، بشرط تقديم وثائق تتضمن إثبات ملكية عقار ضمن المدينة، والحصول على موافقة أمنية مسبقة. العودة الجزئية بدأت فعلياً منتصف العام 2019.
وبحسب ما قاله رئيس مجلس مدينة داريا منذر العزب، لوكالة سانا، فالمنازل الـ50 تم اختيارها بعناية، وأصحابها من الفئات الأشد فقراً. تلك المنازل كانت مسكونة ومكسية قبل أن تتعرض للتخريب على يد من وصفهم العزب بـ”الإرهابيين”، وهي صالحة للسكن إنشائياً، ومرخصة وتقع ضمن المخطط التنظيمي للمدينة. وأضاف العزب أن المنظمات ذاتها اختارت أيضاً 20 محلاً تجارياً لتأهيلها وفق المعايير السابقة. وقال العزب، أن عدد العقارات المؤهلة من قبل أصحابها في مدينة داريا، قد وصل إلى 23 ألف منزل، و4,000 محلاً تجارياً، وأشر إلى أن العمل جارٍ على تأهيل المزيد منها، من قبل المتجمع الأهلي.
الملفت في خبر سانا، وتصريحات العزب، عدم تحديد مواقع تلك المنازل، ولا من هم أصحابها، ولا المنظمات الدولية الممولة للمشروع. مجلس مدينة داريا لم ينشر على صفحته حتى الخبر الذي نشرته سانا. مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، لم يتمكن من تحديد مواقع تلك المنازل، ولا أصحابها، ولا إن جرت أي مناقصات بالظرف المختوم لإنجاز أعمال الترميم تلك. وأشار المراسل إلى عدم نشر مجلس المدينة في مقره ولوحة الإعلانات الداخلية أي خبر عن موضوع الترميم. وفي اتصال لمراسل سيريا ريبورت مع أحد أعضاء المجلس، بشكل غير مباشر، نفى العضو معرفته بالمشروع كلياً وشكك بوجوده أصلاً.
مصدر مطلع من أهالي المدينة قال لسيريا ريبورت، أن الخبر قد لا يكون دقيقاً تماماً، والعملية قد لا تكون ترميماً، بل مجرد إعادة تأهيل بسيطة. وأضاف، أن المنظمات الدولية الممولة لمشاريع كهذه، هي من تضع معايير اختيار المنازل. وغالباً ما تشترط تلك المنظمات أن يكون المنزل مسكوناً من قبل مالكه، ما يعني أن تلك العقارات غير متضررة وقابلة للسكن.
وفي كل الأحوال، بحسب المصدر الأهلي، فالعملية لن تتعدَّ إعادة التأهيل، ومن ذلك القيام بإصلاحات بسيطة وتركيب أبواب وشبابيك، وتوزيع بعض الأدوات المنزلية. وأضاف المصدر أن مجلس المدينة غالباً ما يتعاقد في إعادة تأهيل المساكن والأبنية الحكومية مع منظمات غير حكومية دولية، عبر الهلال الأحمر السوري، أو عبر منظمات محلية غير حكومية صغيرة. ويعيق ذلك معرفة المصدر الرئيسي للتمويل.
وأضاف المراسل نقلاً عن مصادر أهلية بأنه ليس بمقدور مجلس مدينة داريا تنفيذ مشاريع ترميم أو تأهيل لوحده، إذ لا تسمح ميزانيته الحالية بذلك. حتى أن أبنية المقرات الحكومية والرسمية كالسجل العقاري والبلدية والمالية، تمت إعادة تأهيلها بالحدود الدنيا، بعد حملات أطلقها المجلس لجمع التبرعات من المجتمع الأهلي. وتلك الأبنية لم تُجهز إلا بالحد الأدنى من الأثاث والمعدات.
مراسل سيريا ريبورت، شكك بعدد المنازل التي قال العزب أنه قد تمت إعادة تأهيلها من قبل أصحابها. وأضاف المراسل أن إعادة تأهيل 23 ألف منزل في المدينة يعني نظرياً عودة ما يقارب 100 ألف نسمة للمدينة. وهذا غير دقيق، إذ تشير المصادر الأهلية في المدينة إلى وجود حوالي 25 ألف نسمة في المدينة في الحد الأقصى، وبعضهم غير مستقر تماماً بسبب سوء الخدمات.
وتخضع المدينة لبرنامج تقنين قاس في التغذية الكهربائية، بمعدل ساعة وصل واحدة يومياً، ويعيق ذلك بدوره من وصول الماء إلى خزانات المساكن المأهولة، ما يدفع الناس لشراء ماء الشرب والغسيل على نفقتهم الخاصة. شوارع داريا ما زالت تغص بالردميات والأنقاض، والقمامة. كثير من عقارات المدينة آيلة للسقوط وتشكل خطراً على السكان. ومعظم العائدين من النازحين إلى المدينة هم ممن تقطعت بهم الأوصال ولم يجدوا مكاناً آخر يسكنونه.