من يشعل النيران في الأحراج السورية؟
شهدت سوريا خلال الأسبوعين الماضيين اندلاع حرائق التهمت مساحات واسعة من الأراضي الحراجية والزراعية، ما شكّل خطراً على مناطق سكنية تمّ إخلاء بعضها احتياطياً. ويثير ذلك مخاوف من إمكانية استيلاء متنفذين على الأراضي الحراجية التي طالتها الحرائق.
وغالباً ما تندلع الحرائق بالتزامن مع موجات الحر الموسمية التي تصيب البلاد في موسم الجفاف بين شهري آب وأيلول. لكن، حرائق هذا العام كانت الأسرع والأوسع انتشاراً، بعدما التهمت مئات الهكتارات في خمس محافظات متجاورة. إذ طالت الحرائق محمية الأرز والشوح الممتدة بين اللاذقية وحماة ومناطق في سهل الغاب ومصياف في حماة، وحراج في ريف طرطوس. ووصلت النيران إلى وادي النصارى في حمص، ومناطق المعارضة في إدلب.
مديرية الزراعة في اللاذقية قدّرت مساحة المناطق المحترقة في المحافظة بحوالي 220 هكتارا بينها 100 هكتار زراعي. كما أتت النيران على 150 هكتاراً من محمية الأرز والشوح في الجزء الممتد منها في محافظة حماة.
وبحسب تقارير إعلامية، لم يتدخل الطيران المروحي لإطفاء بعض الحرائق إلا عندما اقتربت النار من قاعدة عسكرية لقوات النظام يستقر فيها ضباط روس، قرب قرية الحيلونة في ريف حماة. ونشرت وزارة الزراعة، بعد أيام من انتشار النيران، صور حوامات للجيش السوري، وطائرة إيرانية، للمساهمة بجهود إطفاء الحريق.
وبحلول 10 أيلول، تمت السيطرة على معظم الحرائق، بالتزامن مع تراجع موجة الحر. وفي 12 أيلول تفقد رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، على رأس وفد حكومي، المناطق التي تعرضت للحرائق في حماة، وأكد أن الحكومة ستعمل على تعويض ما خسرته الثروة الحراجية وأنه سيتم تقدير حجم الأضرار التي لحقت بالممتلكات الخاصة ليصار إلى تعويض الأهالي.
وزارة الداخلية كانت قد أعلنت، في 11 أيلول، القبض على 6 أشخاص بجرم التسبب بحرائق في محافظة طرطوس وإحالتهم للقضاء، بعدما بيّنت التحقيقات أنهم قاموا بإشعال النار في أراضيهم الزراعية. فوج إطفاء اللاذقية، أصدر بياناً في 6 أيلول، قال فيه إن غالبية الحرائق الضخمة تكون بسبب حرق الأعشاب بهدف تنظيف الأرض، أو بسبب حرق الأحراج المجاورة بغية توسيع الأراضي الزراعية. وزارة الزراعة قالت في 9 أيلول، إن الحريق في ناحية عين الكروم بحماة كان بفعل فاعل، وتمت مصادرة خمس سيارات تنقل الأخشاب. وأظهرت التحقيقات وفقا للوزارة أن الحريق في محمية الشوح حدث نتيجة إهمال من أحد المواطنين. أما حريق مصياف فسببه قيام أحد المواطنين بحرق بقايا مخلفات زراعية في أرضه ما تسبب بانتقال النار إلى الحراج.
وتعود ملكية معظم الأراضي الحراجية والغابات في سوريا للدولة، وهي غير قابلة للاستملاك، ولا يمكن لأي جهة إدارية تغيير مواصفاتها، بحسب قانون الحراج رقم 6 الصادر في العام 2018. المادة 14 من قانون الحراج 6\2018، نصّت صراحة على منع تمليك أو تأجير أراضي حراج الدولة المحروقة أو التي تتعرض للحريق أياً كانت أسباب الحريق، وسواء كانت الأراضي مسجلة باسم الدولة أم غير مسجلة، ويعاد تحريجها فوراً.
إلا أن المادة 14 من القانون 6\2018 أجازت نقل ملكية أراضي الحراج إلى الوحدات الإدارية، بشرط صدور قرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح الوزير (الزراعة) لـ”ضرورات المصلحة العامة”. كما أن المادة 47 سمحت بإجراء مبادلة بين الحراج الخاصة أو الأملاك الخاصة من جهة، وبين حراج الدولة وأملاك الدولة الخاصة في حالات عديدة، وأيضاً بقرار من مجلس الوزراء. وبذلك يتيح القانون نقل ملكية العقارات الحراجية من أملاك الدولة إلى أملاك الوحدات الإدارية، والأملاك الخاصة.
مصدر حقوقي من اللاذقية، مقرّب من مجلس المحافظة، قال لسيريا ريبورت، إن من يقف وراء بعض الحرائق هذا العام، هي مافيات من الساحل، تعمل حالياً على الاستيلاء على أراضي حراجية، بوضع اليد، ثمّ استملاكها، وبيعها لاحقاً لمستثمرين روس. المصدر أشار إلى أن ما يحدث هو أمر ممنهج، مدللاً على ذلك بعدم تدخل المروحيات الروسية للمساهمة في إطفاء الحرائق رغم قدرتها وقربها من مواقع النيران. سيريا ريبورت لم تتمكن من تأكيد هذه الادعاءات.