مجلس مدينة حلب يعيد العلاقة الإيجارية مع مستأجري بحستيا
أصدر مجلس مدينة حلب، في تشرين الأول الماضي، القرار رقم 586، القاضي بإعادة العلاقة الإيجارية مع ما يزيد على 1000 مستأجر لمحال وعقارات عائدة لمجلس المدينة في حي بحسيتا من المنطقة العقارية السابعة بحلب، بحسب ما نشرته صحيفة تشرين الرسمية.
ويعود شارع بحسيتا إلى القرن الرابع عشر وأخذ اسمه من جامع بحسيتا المبني في العهد المملوكي. ويقع الشارع ضمن منطقة باب الفرج، وهو من أحياء حلب القديمة. وخضع الحي للتحديث في نهاية الفترة العثمانية، واشتهر الحي بالحانات، وأيضاً “بيوت البغاء” التي رخصتها السلطات العثمانية مطلع القرن العشرين. ومع بداية عهد الاستقلال ألغت السلطات السورية تراخيص بيوت البغاء في الحي، ولكنها بقيت تعمل حتى السبعينات.
وكان الحي موطناً لليهود منذ القرن الخامس عشر، ولكنهم بدأوا هجرته تدريجياً في أربعينات القرن الماضي. ومعظم أملاك مجلس مدينة حلب في بحستيا هي استملاكات لعقارات أولئك اليهود. وليس واضحاً كيف استملكت الدولة تلك العقارات وإن كانت قد عوّضت على أصحابها.
مجلس مدينة حلب أجّر تلك المحلات والعقارات وفق قانون الإيجار القديم رقم 111 لعام 1952 وتعديلاته. وبحسب القانون 111، لا يمكن إخلاء مستأجري تلك العقارات عند انتهاء مدة الإيجار طالما هم ملتزمون بدفع قيمة الايجار وهي غالباً ما تكون زهيدة. إذ أن تلك العقارات تخضع للتمديد الحكمي، أي تمديد عقد الإيجار حكماً بغض النظر عن رغبة وإرادة المؤجر، وهو هنا الوحدة الإدارية. ويحق للوحدة الإدارية، بموجب القانون 111، إعادة تخمين قيمة الإيجارات التي تتقاضاها كل ثلاث سنوات، من خلال لجنة تعينها المحكمة.
بموجب القرار رقم 78 لعام 2018 الصادر عن مكتبه التنفيذي، فسخ مجلس مدينة حلب تلك العلاقة الإيجارية من طرف واحد، واعتبر المستأجرين “واضعي يد” وطلب منهم دفع “أجر المثل”. ويعني ذلك أن المجلس اعتبر تلك العقارات تحت السيطرة الفعلية لشاغليها، ويتوجب عليهم دفع إيجار مماثل لقيمة الإيجارات في المنطقة. فسخ العلاقة الإيجارية كان بإرادة منفردة، أي أن القرار 78 صدر عن المكتب التنفيذي لمجلس مدينة حلب من دون استطلاع رأي الطرف الآخر المُستأجر للعقارات، ما يعني نقضاً من طرف واحد لعقود الإيجار.
ثم عاد المكتب التنفيذي لمجلس المدينة وأصدر القرار رقم 69 لعام 2020، وقرر فيه إنهاء كافة العلاقات الإيجارية المبرمة بين مجلس المدينة ومالكي أو شاغلي العقارات المستملكة. وأوضح القرار بأنه لا يترتب على تطبيقه إخلاء شاغلي العقارات، ولكن يتم تكليفهم بأجر المثل أي بقيمة إيجار مماثلة للايجارات في المنطقة.
وعلى إثر ذلك، رفع عدد من مستأجري تلك العقارات دعاوى قضائية ضد مجلس المدينة معترضين فيها على فسخ العلاقة الإيجارية من طرف واحد، وبعدم قانونية مطالبة مجلس المدينة لهم برفع قيمة الإيجار.
القرار الجديد رقم 586 لعام 2022، ألغى القرارين السابقين 78\2018 و69\2020، وطلب إعادة إجراء عمليات التخمين لتلك العقارات أصولاً، شريطة تنازل مستأجري تلك المحلات عن الدعاوى القضائية التي رفعوها ضد مجلس المدينة. وبما أن قانون الإيجار 111 لعام 1952 غير نافذ منذ العام 2011، فليس واضحاً ما هو الأساس القانوني الذي استند إليه القرار 586 في إعادة العلاقة الإيجارية مع المستأجرين.
عضو مكتب تنفيذي في مجلس مدينة حلب، قالت لصحيفة تشرين، بأنّ القرار الجديد رقم 586 صوّب القرارات الخاطئة وأعاد الأمور إلى مجراها الصحيح، استناداً إلى المرسوم 13 لعام 2022 القاضي بمنح تسهيلات وإعفاءات ضريبية واسعة داخل المدن القديمة في محافظات حلب وحمص ودير الزور، بما في ذلك الأسواق القديمة والتراثية. وليس واضحاً ما هي العلاقة بين القرار 586 والمرسوم رقم 13، بخصوص تلك العقارات المستأجرة، إلا من ناحية الإعفاءات الضريبية المترتبة عليهم خلال السنوات السابقة.