عودة دفعة جديدة من اللاجئين السوريين في لبنان
بعد توقف لعامين بسبب جائحة كورونا، عادت دفعة جديدة من اللاجئين من لبنان إلى سوريا، في 26 تشرين الأول الماضي، ضمن ما تسميه السلطات اللبنانية خطة “إعادة النازحين الطوعية والآمنة”. وفي 5 تشرين الثاني عادت دفعة أخرى، وسط انتقادات أطلقتها منظمات إنسانية محذّرة من انتهاكات محتملة بحق العائدين.
وبدأ لبنان تنفيذ خطة “إعادة النازحين الطوعية والآمنة” في العام 2017، عبر آلية يقوم فيها اللاجئون الراغبون بالعودة بتسجيل أسمائهم لدى الأمن العام اللبناني، الذي يقوم بدوره بمشاركة لوائح الأسماء مع الأمن السوري. ويقوم الأمن السوري بدوره بدراسة تلك الأسماء، ويصدر موافقته أو رفضه لكل منها. ومع ذلك، فقد سُجّلت حالات اعتقال متعددة لعائدين بعد حصولهم على الموافقة الأمنية بالعودة.
وفي بيان رسمي صادر في 27 تشرين الأول، قالت صادر مديرية الأمن العام اللبناني، بأنها قامت بالتنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNHCR وبحضور مندوبيها، بتأمين العودة “الطوعية” لـ511 نازحاً سورياً من مناطق مختلفة في لبنان إلى الأراضي السورية، من أصل 751 كانت مقررة عودتهم. مراسل سيريا ريبورت فسّر ذلك الفرق في الأرقام، بأن نسبة من اللاجئين حصلوا على موافقة أمنية بالعودة، ولكن بشرط مراجعة بعض فروع الأجهزة الأمنية السورية. ولذا، فقد فضّل بعضهم عدم المخاطرة بالعودة.
وأضافت مديرية الأمن العام اللبناني في بيانها، بأن 12 نازحاً عادوا عبر معبر المصنع، و12 نازحاً عبر معبر العبودية، و487 نازحاً عبر معابر وادي حميد-عرسال-الزمراني.
وتجدر الإشارة إلى أن معبر المصنع اللبناني يقابله معبر جديدة يابوس بريف دمشق على الجانب السوري، ومعبر العبودية اللبناني يقابله معبر الدبوسية بريف حمص من الجانب السوري، وهما معبران رسميان بين البلدين. وأشار مراسل سيريا ريبورت، إلى أنّ العائدين عبر هذين المعبرين، وهم أقلية، توجهوا إلى مدينة حمص وضواحي مدينة دمشق.
في حين تنتشر في منطقة عرسال اللبنانية المقابلة لمنطقة النبك في ريف دمشق، مجموعة من المعابر غير الشرعية، ومنها وادي حميد. وفي العموم، أسماء تلك المعابر غير رسمية، وهي عبارة عن طرقات وعرة جبلية تستخدم غالباً في تهريب البضائع والبشر بين طرفي الحدود. كما توجد معابر شبه رسمية، مثل معبر الزمراني، الذي تسيطر عليه قوات من حزب الله اللبناني في الجانب اللبناني، وقوات من الفرقة الرابعة السورية في الجانب السوري.
نائب محافظ ريف دمشق في تصريح إذاعي، بأن 90 بالمئة من العائدين هم من مدينة النبك وبلدات قارة والجراجير في منطقة النبك التابعة لريف دمشق. وأشار المسؤول إلى أن محافظة ريف دمشق جهزت معبراً لوجستياً للعائدين، مع سيارات الإسعاف، وعيادات متنقلة، إضافة إلى تأمين مراكز إيواء للعائدين.
مراسل سيريا ريبورت قال بأن السلطات السورية تعمل على تجميع العائدين عبر المعابر غير الشرعية، في مراكز إيواء في رأس العين ويبرود والسحل. وتجري حالياً أعمال توسعة لبعض تلك المراكز، وتزويدها بالخيم وبعض مستلزمات السكن وخزانات الماء. ويتوجب على العائدين المقيمين في مراكز الإيواء إجراء مصالحة وتسوية وضع مع الأجهزة الأمنية السورية قبل السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم الأصلية. وليس واضحاً حتى اللحظة المدة التي سيبقى فيها العائدون في مراكز الإيواء تلك، وسط أنباء بأن بعضهم قد تمكن بالفعل من العودة إلى منازلهم.
ويفسر ذلك أن معظم العائدين هم من النساء والأطفال وكبار السن. إذ يخشى الشباب من التجنيد الإجباري فور عودتهم، أو ملاحقتهم بتهم تتعلق بنشاطات معارضة سابقة ضد النظام. وبحسب بعض الناشطين، فقد تم توقيف شخص واحد على الأقل من الدفعة الأولى التي عادت، وتم نقله إلى دمشق.
مصادر سيريا ريبورت أشار إلى أن الاتصال بالعائدين ليس سهلاً في ظل تخوفهم من الإدلاء بأي معلومات في الوقت الراهن خاصة من الذين يقيمون حالياً في مراكز الإيواء.
الدفعة الثانية من اللاجئين عادت من مخيمات عرسال اللبنانية في 5 تشرين الثاني، وضمت حوالي 300 شخص، ودهلت الأراضي السورية عبر معبر الزمراني شبه الرسمي.
وبحسب الخطة اللبنانية المُعادِ إحياؤها مؤخراً، ستجري إعادة 15 ألف لاجئ شهرياً، حتى عودة جميع اللاجئين السوريين من لبنان. وبحسب تصريحات مدير عام الأمن العام اللبناني، فإن 540 ألف لاجئ عادوا من لبنان إلى سوريا منذ بدء تنفيذ خطة العودة، بينما يوجد مليونان و80 ألف سوري على الأراضي اللبنانية. لكن، تُرجّحُ منظمات إنسانية بأن عدد العائدين أقل بكثير، وتتحدث عن توثيق حالات ترحيل قسرية. أكد تقرير منظمة العفو الدولية في 14 تشرين الأول، أن القانون الدولي يحظر على لبنان الإعادة القسرية للاجئين السوريين، وأن شرط العودة الطوعية ينبغي أن يستند إلى موافقتهم الحرة والمستنيرة.
صحيفة البعث الرسمية السورية أشارت إلى أن العائدين هم مورد بشري قادر على العمل والإنتاج والانخراط في الاقتصاد على شكل قوة عمل نشطة يمكن الاستفادة منها في القطاعات كافة، خاصة في ظل استمرار عمليات الهجرة للشباب السوري إلى الخارج. وأضافت الصحيفة بأنه يتوجب على الحكومة السورية تأمين الاحتياجات الإنسانية المادية للعائدين وتأمين سكن ملائم وخدمات بنية تحتية، خاصة في المناطق التي شهدت تدميراً وأصبحت غير قادرة على استيعاب العائدين مجدداً، كما يتوجب على الحكومة السورية إعادة دمج أولئك المهجرين بالمحيط الاجتماعي وتأمين الخدمات الاجتماعية لهم من صحة وتعليم وحماية اجتماعية، خاصة للمهجرين الذين لا معيل لهم، أو للأسر التي تعيلها النساء.