المخطط التنظيمي الجديد لمدينة حلب يثير مخاوف المُهجّرين
في الأسابيع الماضية، ومع اقتراب موعد اصدار المخطط التنظيمي التفصيلي الجديد لمدينة حلب وضواحيها، زاد مجلس مدينة حلب من رقابته على أحياء المدينة الشرقية المدمرة، وخالفت شرطة البلدية ورش البناء وأصحاب العقارات التي يجري ترميمها من دون ترخيص.
ويأتي تحرك المجلس بعد انهيار مباني سكنية، كان أخرها في حي كرم القاطرجي، في 9 تموز، أثناء عمل ورشة ترميم فيه. ويتوسط المبنى المنهار مباني مدمرة بفعل قصف سابق لقوات النظام على الحي. ولا يختلف الوضع كثيراً في حي القاطرجي -لا علاقة لاسم الحي برجل الأعمال البارز وأمير الحرب حسام قاطرجي- عن بقية أحياء حلب الشرقية التي كانت تحت سيطرة المعارضة بين العامين 2013-2016.
ومنذ أن استعادت قوات النظام حلب الشرقية، منعت عملية الترميم من دون موافقة مسبقة من مجلس المدينة. ويضاف إلى منع الترميم، معوقات كثيرة حالت دون إعادة تأهيل المنطقة. فالأنقاض ما زالت دون ترحيل، وأسعار مواد البناء مرتفعة بسبب ضرائب “الترسيم” التي تفرضها حواجز قوات النظام الداخلة إلى المنطقة.
وترى الغالبية من الأهالي أن لا جدوى من ترميم عقاراتهم السكنية والتجارية، قبل صدور المخطط التفصيلي التنظيمي الجديد المنتظر لمدينة حلب.
ويعود تنظيم مدينة حلب الحديثة إلى العام 1954، على يد المعماري الفرنسي غوتون، الذي أشرف على رسم مخطط تنظيمي بطابع عمراني غربي، تسود فيه الشوارع العريضة والمباني الطابقية. وفي العام 1974 وضع الخبير الياباني بانشويا، مخططاً تنظيمياً جديداً لحلب، لكنه لم يقر ولم يطبق، بسبب شموله لمركز المدينة القديمة، وما رافق ذلك من اعتراضات. في العام 2000 بدأ المعماري السوري ياسر ضاشوالي، العمل على المخطط التنظيمي العام، الذي تأخر الإعلان عنه حتى 2012.
حجم الأضرار التي لحقت بأجزاء واسعة من مدينة حلب، تطلب إعادة تقييم المخطط التنظيمي العام لسنة 2012، لرصد الوضع الذي آلت إليه المناطق والأحياء السكنية بما فيها مناطق المخالفات العمرانية التي يقطنها حوالي 30% من السكان. وتضم مدينة حلب 23 منطقة مخالفات جماعية تمتد على مساحة 2905 هكتارات وتشكل 9% من مساحة المخطط التنظيمي للمدينة، وتتوزع على حلب الشرقية والغربية، بحسب تصريحات لمسؤولين من مجلس محافظة حلب. وتركزت نسب التدمير العالية في عشوائيات الأحياء الشرقية التي تعرضت لقصف جوي ومدفعي مكثف بين العامين 2013-2016.
في كانون ثاني 2018، أعلن رئيس مجلس الوزراء حينها عماد خميس، الانتهاء من تقييم المخطط التنظيمي العام لسنة 2012. ويتوقع صدور المخطط التنظيمي الجديد، خلال الشهور المقبلة. ومن المفترض أن يشمل المخطط التنظيمي الجديد هدماً لمناطق واسعة في أحياء حلب الشرقية، وفي ضواحي المدينة الغربية والجنوبية.
يحيى نعناع، رئيس مجلس محافظة حلب في فترة سيطرة المعارضة، قال لسيريا ريبورت، إن الجزء الأكبر من مخالفات البناء يقع في أحياء حلب الشرقية، وهي التي خرجت عن سيطرة النظام، وتعرضت للقصف والتدمير. وأضاف أن الفرصة باتت سانحة الآن للنظام، للتصرف بأملاك وعقارات سكان الأحياء الشرقية، وأغلبهم من المهجرين قسراً إلى إدلب، من خلال المخطط التنظيمي الجديد المنتظر. فالمخطط الجديد سيسمح بهدم مناطق واسعة تبعاً لنسب تدميرها، بحسب نعناع، وقد لا يمكن لكثير من المُهجّرين قسراً، تثبيت ملكياتهم، خلال المدة المحددة بعام واحد على الاعتراض، بحسب معظم قوانين التنظيم العمراني.