اعتقلوها بتهمة التعامل مع إسرائيل.. حتى تتنازل عن ورثتها
اعتقلت إحدى الأجهزة الأمنية السيدة غفران بركة، أرملة مسؤول رفيع سابق، بتهمة التعامل مع اسرائيل. ولكن، يبدو بأن هذه التهمة مفبركة تقف وراها أجهزة الأمن، وقد جاءت بعد خلاف بين الورثة على التركة.
وبركة، 44 عاماً، درزية من أهالي بلدة حضر في ريف القنيطرة، وهي أم لثلاث بنات وابن واحد، من زوجها الراحل زيد حسون، الذي شغل منصب محافظ إدلب ما بين العامين 1984-2000. ولزيد حسون أبناء وبنات من زواج سابق انتهى بالطلاق.
وبدأ النزاع بين الطرفين في العام 2019 مباشرة بعد وفاة الزوج زيد حسون، على التركة المؤلفة من شقتين في مدينة جرمانا بريف دمشق، وشقة في حي المزة الدمشقي، ومطعم، وسيارة، وأراضٍ ومشاريع زراعية في بلدتي بيت جن وحضر بريف دمشق، بحسب ما نقله مصدر مقرب من العائلة لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة.
وكان حسون قد أوصى بشقة المزة، والأراضي الزراعية في حضر، إلى زوجته غفران، وأبنائه منها. حسون أوصى ببقية التركة لأبنائه من طليقته. ويبدو أن النزاع يدور على حصة غفران، وهي شقة المزة، العقار الأعلى سعراً في التركة، وكذلك المشروع الزراعي في بلدة حضر الذي يضم 900 دالية عنب.
المادة 307 من قانون الأحوال الشخصية رقم 59 منحت طائفة الدروز حق تنظيم بعض مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بهم، وأقرت لهم بالوصية. ويعني ذلك منح الموصي الحق في توزيع ماله بالكيفية التي يراها مناسبة. ويرتبط ذلك عند الدروز بإرادة الشخص أساساً، فله أن يوصي بالميراث لمن يشاء ويحرم من يشاء.
وفعلياً، يجب تثبيت الوصية تمهيداً لتنفيذها. أي أنها لا تصبح نافذةً قانوناً إلا بعد صدور حكمٍ قضائي بذلك. وهنا، يجب على المُوصى لهم، أو أحدهم، رفع دعوى قضائية بطلب تثبيت الوصية أمام المحكمة المذهبية للموحدين الدروز في مركز مدينة السويداء، أو أمام المحكمة المذهبية الثانية في أشرفية صحنايا بريف دمشق.
أبناء حسون من زواجه السابق اعترضوا، بحسب المصدر، على تثبيت الوصية. ويتيح لهم ذلك، إن ردّ القاضي دعوى تثبيت الوصية، تطبيق أحكام الإرث المستمدة من الشريعة الإسلامية. وبالتالي، سيصبح جميع الورثة شركاء في كامل التركة.
ولا تبدو الأسانيد والدفوع التي قدمها أبناء حسون من زواجه الأول، كافية لدفع القاضي إلى رفض دعوى تثبيت الوصيّة. ولذا، لجأ أبناء حسون من زواجه السابق، إلى مسؤولين في أحد الأجهزة الأمنية بدمشق، ممن تربطهم بهم علاقة جيدة. وتدخل أولئك المسؤولون لتعطيل صدور قرار محكمة النقض المثبّت للوصية.
وفي هذه الأثناء، عرض أبناء طليقة حسون، على السيدة غفران اعطائها شقة في جرمانا، بدل شقة المزة، لتسوية النزاع. لكن السيدة غفران رفضت ذلك. ومباشرة بعد ذلك، في أيلول 2022، تلقت السيدة غفران استدعاءً من الجهاز الأمني إياه، من دون وجود أي تهمة بحقها.
مطلع تشرين الأول، اتصل وسيط من ذات الجهاز الأمني، مع السيدة غفران، وقال لها إن ابنة زوجها من طليقته، طلبت منه التوسط بينهما لإنهاء النزاع. كما أخبر الوسيط السيدة غفران بأنه سيحل قضيتها مع الجهاز الأمني إن وافقت على لقائه.
ووافقت السيدة غفران على الاجتماع بالوسيط الأمني نهاية تشرين الأول الماضي بالقرب من مدينة جرمانا بريف دمشق. وبعد اللقاء، اختفت السيدة غفران. وعقب اسبوع، قدّمت ابنتها بلاغاً لدى الشرطة، ضد الوسيط الأمني، وأختها غير الشقيقة، بتهمة خطف والدتها. وليس واضحاً لحد الآن إن كانت الشرطة قد تقدمت بأي خطوة في التحقيق.
قبل أيام، طلبت عائلة السيدة غفران، من وجهاء ورجال دين وقادة مجموعات مسلحة في السويداء ذات الغالبية الدرزية، التوسط والتدخل لمعرفة مصيرها. وبالفعل، وبعد تدخل الوسطاء، أقرت الاجهزة باعتقال السيدة غفران بتهمة “التخابر مع العدو الإسرائيلي”. ولكن الوسطاء رفضوا التهمة وأكدوا بأن المشكلة تتعلق بخلاف على الميراث، وحذّروا من تصعيد محتمل في حال استمرار الأجهزة في توقيفها بشكل غير قانوني.