وزارة الأوقاف تسقط بعض الحقوق الوقفية
أصدرت وزارة الأوقاف، القرار رقم 1104 في 21 ديسمبر 2022، أسقطت بموجبه بعض الحقوق الوقفية المدونة في الصحائف العقارية، مقابل أن يدفع أصحاب تلك العقارات 5% من القيمة الرائجة لها لمديريات الوزارة.
والعقارات التي تستهدفها وزارة الأوقاف في قرارها رقم 1104، هي عقارات غير وقفية، بل عليها حقوق وقفية مدونة في حقل النوع الشرعي للعقار أو حقل الإشارات، ضمن صحيفة العقار في السجلات العقارية. ولا تتسبب هذه الاشارات أو الحقوق الوقفية بأي قيود على حقوق الملكية، ويمكن لأصحابها بيع تلك العقارات ونقل ملكيتها، مع بقاء الإشارة على صحيفة العقار.
العقارات الوقفية ذات طبيعة خاصة، ليست أملاك دولة ولا أملاك أفراد. والوقف يعني خروج ملكية العقار من يد صاحبه، بإرادته، بحيث تؤول منافعها للناس، ولا يجوز انتقال ملكيتها لأحد لأنها أصبحت في “حكم ملك الله”. ومن عقارات الوقف، على سبيل المثال، الجوامع والتكايا ودور التوحيد والمدارس والمكتبات والمقابر والمقامات والمزارات.
والحقوق الوقفية التي أسقطها القرار 1104 هي الأعشار، السلاطين، الأمراء، والمرتبات السنوية. وهي في الأصل عوائد كانت تُدفع للدولة العثمانية من جراء الانتفاع ببعض العقارات، وبعضها لا أصول وقفية له. الأعشار هي عُشرُ الناتج من الأرض الوقفية، يدفعها المستفيد من الأرض. في حين أن أوقاف السلاطين والأمراء، كانت تفرض تاريخياً على الأراضي الأميرية التي يوزعها الولاة، على أن تكون بعض منافعها وقفية. وتلك الأراضي ليست وقفية، بل أميرية، ويتوجب على المستفيد منها صاحب حق التصرف بها، أن يدفع بدلاً سنوياً عن انتفاعه منها لجهة خيرية أو لإدارة الوقف. بينما وقف المرتبات السنوية، هو “وقف” مبلغ سنوي يجب أن يدفعه مستفيد من عقار ما، كراتب لصالح شخص آخر أو مسجد، بموجب رغبة صاحب العقار الأصلي.
في عهد الجمهورية العربية المتحدة، بين سوريا ومصر 1958-1961، تم تنظيم الأوقاف وإلغاء بعض تلك الحقوق الوقفية لأن تلك العقارات بالأصل لا تعود للأوقاف وإنما هي عقارات أميرية تعود رقبتها للدولة وتم وقف منافعها. مثلاً، نص قانون العقارات الوقفية رقم 189 لعام 1960، على عدم أحقية الجهات الوقفية في تقاضي أوقاف السلاطين والأمراء، لأنها غير وقفية. بينما قانون بدلات الأعشار والعائدات المقطوعة رقم 174 لعام 1958، فقد ألغى حق الجهات الوقفية بالأعشار والمرتبات السنوية. الاجتهاد القضائي رقم 60 لعام 1961 أكد أن الإشارة إلى تلك الحقوق الوقفية في السجل العقاري غير صحيحة. وهذا يشمل الأعشار، السلاطين، الأمراء، والمرتبات السنوية.
أي أن القرار رقم 1104 الصادر مؤخراً عن وزارة الأوقاف، مخالف لأحكام القانونين 189 و174 والاجتهاد القضائي. إذ لا يحق لوزارة الأوقاف أن تتقاضى بدلاً مالياً مقابل إسقاط حقوق وقفية غير أصلية، سبق وأسقطتها قوانين سابقة.
القرار 1104 يسقط تلك الحقوق الوقفية فقط بعد استيفاء ما يعادل نسبة 5% من القيمة المالية الرائجة لقيمة العقار كما تحددها من قبل الدوائر المالية المختصة. وأشار القرار إلى حق مالك العقار، في المناطق المنظمة، تسديد نسبة الـ5% عيناً، أو أن يسجل باسم مديرية الأوقاف المعنية، حصة تعادل 5% من قيمة العقار الرائجة.
في حين تتولى مديرية الأوقاف المعنية ترقين “شطب” تلك الحقوق الوقفية بعد التأكد من استيفاء المبلغ. وتلك المبالغ المالية المستوفاة تكون إيراداً لصالح مديرية الأوقاف المختصة.
وفعلياً، لا يتغير أي شيء على صاحب العقار بعد إسقاط تلك الحقوق، فهو بالأصل لم يكن يدفع بدلاً للأوقاف عنها. وما يتغير هو فقط ترقين تلك الحقوق عن صحيفة العقار.