هل عاد النازحون إلى معرة النعمان؟
في 15 تشرين الأول الجاري، قالت وسائل إعلام موالية للنظام بأن 800 عائلة عادت للاستقرار والسكن في مدينة معرة النعمان بريف إدلب. وأقيم لذلك احتفال حضره مسؤولون في الدولة وحزب البعث. ولكن، ومع انتهاء الاحتفال، غادرت معظم تلك العائلات المدينة المدمّرة، بحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة. ويعود ذلك بشكل رئيسي لأن المدينة غير قابلة للسكن بعد، بسبب الدمار الكبير للمنازل والبنى التحتية.
وتقع معرة النعمان جنوبي محافظة إدلب، وهي ثاني أكبر مدنها بعد مدينة إدلب. وسيطرت المعارضة على المدينة ما بين العامين 2012-2020، ونزح عنها في هذه الفترة نسبة من أهلها ممن انتقلوا للسكن في مناطق سيطرة النظام في محافظات الساحل وحماة. في العام 2020 شنّت قوات النظام حملة عسكرية على ريف إدلب الجنوبي، واستعادت السيطرة على مدن رئيسة فيه مثل سراقب ومعرة النعمان. وتسبب ذلك بنزوح جميع الأهالي عن المعرة إلى مخيمات الشمال السوري في مناطق سيطرة المعارضة.
ومنذ ذلك الوقت تسيطر مليشيا “الفرقة 25 مهام خاصة” الموالية لروسيا، على المدينة الخالية من سكانها، وتعتبرها منطقة عسكرية بسبب قربها من خطوط التماس مع المعارضة جنوبي إدلب. ومنعت تلك المليشيا النازحين من العودة إلى المدينة، حتى لمن يقيم منهم في مناطق سيطرة الحكومة السورية. وعلى غرار بقية المناطق في ريف إدلب الجنوبي، قامت ورشات متعاقدة مع قوات النظام، بتعفيش محتويات البيوت في معرة النعمان واستخراج كل ما يمكن إعادة تدويره من مواد، بما في ذلك سحب الحديد من السقوف.
وبحسب مراسل سيريا ريبورت، نقلت محافظة إدلب الأهالي المتجمعين في ساحة العاصي بمدينة حماة، إلى مدينة معرة النعمان، للمشاركة في احتفال العودة المقام في 15 تشرين الأول. ومعظم أولئك، هم من عائلات أعضاء حزب البعث في المعرة، وقوات النظام.
وشارك محافظ إدلب وأمين فرع حزب البعث في المحافظة، خلال الاحتفال، في افتتاح ما أسموه “مركز استقبال للمواطنين العائدين الى مدينة معرة النعمان”، وذلك في خطوة قالوا إنها لتسهيل عودة أهالي المدينة. وبحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، فمن مهام المركز، منح موافقة أمنية على العودة، وذلك بعد تسوية الأوضاع الأمنية والعسكرية للراغبين بالعودة.
وقال محافظ إدلب، بإن من يرغب من أبناء المدينة بالعودة والإقامة فيها، فإن بإمكانه مراجعة مركز استقبال المواطنين، وتقديم طلب للعودة. وأشار المحافظ بأن المركز بعد تلقي طلبات العودة، سيجمع بيانات أصحابها، قبل إعطاء الموافقة لهم بالعودة. وأضاف بأن هذه البيانات ضرورية لتأمين الخدمات الأساسية للراغبين بالعودة.
وخلال الاحتفال المقام بعودة الأهالي، استقدمت محافظة إدلب بضعة آليات ثقيلة لإزالة الأنقاض وفتح الطرقات. وأشرفت على العملية مليشيا “الفرقة 25 مهام خاصة”. ولكن، وبحسب المراسل، فإن عملية إزالة الأنقاض كانت دعائية فحسب، واستخدمت فقط لتصوير فيديو دعائي، وتوقفت بعد ذلك مباشرة.
وحتى اللحظة، لا تبدو العودة إلى المعرة ممكنة في ظل الدمار واسع النطاق فيها، ودمار البنى التحتية لشبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء، وانتشار الأنقاض والردميات. في 19 تشرين الأول، زار وفد حكومي المدينة، ومن بينهم وزيري الإدارة المحلية والبيئة، والأشغال العامة والإسكان، وذلك للما وصفه الإعلام الرسمي، بالاطلاع على واقع المدينة، والإشراف على إعادة الخدمات الأساسية إليها، وترحيل الأنقاض وإصلاح الطرقات المتضررة. وأيضاً تحديد وتقدير الأضرار، وتحديد الاحتياجات الأكثر إلحاحاً، وذلك للمساعدة في عودة الأهالي إلى المدينة واستقرارهم في منازلهم.
وبحسب التصريحات الرسمية لا يبدو بأن إعادة التيار الكهربائي إلى المدينة ستتم قبل نهاية العام الجاري، كما أن المدارس بحاجة للترميم قبل إعادة افتتاحها، وشبكة المياه بحاجة إلى تجريب لاكتشاف الأعطال فيها بعد توقف طويل عن استخدامها وتعرضها للضرر بسبب العمليات القتالية.
وأشار محافظ إدلب خلال زيارة الوفد الحكومي، إلى أنه قدّم مذكرة إلى مجلس الوزراء، تتضمن دراسة عن مستلزمات إعادة الخدمات إلى معرة النعمان، من كهرباء ومياه وصحة، على أن يتم إيجاد مصادر تمويل لها. وأضاف المحافظ بأنه سيعاد تأهيل تلك الخدمات بعد تخصيص الاعتمادات المالية لذلك.
وكان مسؤولون حكوميون وحزبيون (من حزب البعث) في محافظة إدلب، قد عقدوا اجتماعاً في 9 تشرين الأول، في مدينة حماة، مع الفعاليات الاقتصادية من مدينة معرة النعمان، لتشجيعها على المشاركة في إعادة تأهيل البنية التحتية والمرافق العامة في معرة النعمان. وعلى إثر ذلك، بدأت “لجنة تسهيل عودة أهالي معرة النعمان” التي شكلها فرع حزب البعث في إدلب، في تقديم التسهيلات والدعم لمن يود العودة إلى المعرة، بمشاركة من التجار ورجال الأعمال من أبناء المدينة. وتعمل تلك اللجنة حالياً على جمع التبرعات العينية والمالية لتشجيع وعودة النازحين إلى المدينة. على سبيل المثال، تبرع أحد التجار بتقديم مدفأة لكل عائلة تعود إلى المعرة، وتبرع أخر بتقديم مليون ليرة سورية لكل عائلة، واخر تعهد بإزالة الأنقاض من المنازل التي يعود أهلها إليها.