هل تصبح واجهة طرطوس البحرية ماروتا سيتي جديدة؟
في استعصاء جديد لمشكلة عمرها خمسة عقود، رفضت وزارة الإشغال العامة والإسكان، في نيسان، المصادقة على دراسة تنظيمية اقترحتها جامعة تشرين، للواجهة الشرقية للكورنيش البحري لمدينة طرطوس.
وطول الواجهة البحرية في طرطوس حوالي 1400 متر وعرضها يتراوح بين 30-130 متراً، وهي مشغولة حالياً بمساكن ومحال قديمة متهالكة يملكها المئات من أصحاب الحقوق، المحرومين من الحصول على تراخيص بناء أو ترميم أملاكهم منذ العام 1976.
وتعود قضية الواجهة البحرية لطرطوس إلى العام 1976، عندما أصدر وزير الإسكان حينها الكتاب رقم 3230، الذي قضى بتجميد منح رخص البناء في منطقة الواجهة الشرقية المطلة على البحر، قبل إنجاز مصوّر سياحي للمنطقة. في العام 1988 صدر مخطط تنظيمي لمدينة طرطوس، واشترط أن يكون الحد الأدنى لمساحة مقسم البناء على الواجهة البحرية 2000 متر مربع. واعتبر أصحاب الحقوق ذلك تعدياً على ملكياتهم، لأن الواجهة البحرية تتضمن الكثير من العقارات الصغيرة التي لا تتجاوز مساحة الواحد منها 100 متر مربع. المشكلة استمرت مع المخطط التنظيمي المُعدّل للواجهة البحرية الصادر في العام 2006، الذي خص الواجهة بـ27 مقسماً تنظيمياً فقط، مساحة الحد الأدنى للمقسم التنظيمي الواحد 900 متر مربع.
في العام 2018، تعاقد مجلس مدينة طرطوس مع جامعة تشرين في اللاذقية، لإعداد دراسة دراسة تخطيطية تنظيمية للواجهة. وفي العام 2019 أصدرت الجامعة دراستها التي زادت عدد المقاسم التنظيمية في منطقة الواجهة إلى 80 مقسماً، مساحة الحد الأدنى للمقسم الواحد فيها 250 متراً مربعاً، على أن يضمّ المقسم الواحد بالحد الأقصى حوالي خمسة عقارات، لكل عقار منها عشرات المالكين والشاغلين والوارثين والمستأجرين.
واعتمد مجلس مدينة طرطوس الدراسة بموجب قراره رقم 102 في تشرين الأول 2019، وأحالها بموجب كتابه رقم 7135 في كانون الأول 2019 إلى اللجنة الفنية الإقليمية التابعة للمجلس، لدراستها. وليس واضحاً إن كانت اللجنة الإقليمية قد صادقت على تلك الدراسة، لكنها سجّلت في تموز 2020، اعتراضاً من مندوبي وزارة الأشغال العامة والإسكان، بسبب ما قالوه بأن الدراسة “اعتمدت أسباباً اجتماعية وعقارية بغض النظر عن الانسجام المعماري بين الكتل (العمرانية) الناتجة عن الدراسة والفراغات المحيطة (بها) والخلط في الاستخدام في الكتلة (العمرانية) الواحدة دون أية اشتراطات”.
ومن المراسلات المتكررة بعد ذلك بين وزارة الإسكان وجامعة تشرين واللجنة الفنية الإقليمية، يبدو أن الجامعة لم تلتزم بما نص عليه عقد الدراسة بإعادة النظر بالتعديلات التي طلبها مندوبو وزارة الإسكان في اللجنة الفنية الإقليمية. ولهذا، أصدر وزير الأشغال العامة والإسكان، في نيسان، قراراً بعدم الموافقة على الدراسة، وطلب إما تعديلها وفق الملاحظات المرسلة سابقاً، أو إجراء دراسة جديدة ضمن ضوابط فنية قانونية تخطيطية تراعي الأهمية المحلية والإقليمية والوطنية للمشروع، أو تشكيل لجنة فنية موسعة من خبراء التخطيط لوضع الحلول البديلة المناسبة.
وليس واضحاً فعلياً سبب عدم الموافقة، ولكن يبدو أن وزارة الإسكان تسعى إلى استبعاد مجلس مدينة طرطوس وجامعة تشرين عن قضية الواجهة البحرية. إذ يوجد عقد آخر لدراسة الإقليم الساحلي بين هيئة التخطيط الإقليمي والشركة العامة للدراسات الهندسية التابعة لوزارة الأشغال العامة والإسكان. وكانت الوزارة، قد وجّهت كتاباً إلى هيئة التخطيط الإقليمي، في تشرين الأول 2020، لإحالة الدراسة التخطيطية المقترحة للكورنيش البحري إلى الشركة العامة للدراسات الهندسية، وذلك لتقييمها بالاستناد إلى قانون التخطيط العمراني الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 5 لعام 1982 وتعديلاته، والذي يحصر عملية إصدار المخططات التنظيمية بوزارة الأشغال العامة والإسكان.
من جانب آخر، وفيما يبدو إضاءة على جوهر المشكلة، قالت معاونة وزير الإسكان، في تصريحات نقلتها صحيفة الوطن شبه الرسمية في أذار الماضي، بأن دراسة الواجهة البحرية حلت مشكلة صغار المالكين، إلا أنها أوجدت مشكلة جديدة مع كبار المالكين عبر تقسيم عقاراتهم. وأشارت إلى أن المنطقة بحاجة إلى شركة عقارية كبيرة لجمع صغار الملاك وتوزيع الحصص عليهم أو الأسهم، كما حدث في منطقة ماروتا سيتي.