هدم مخالفات البناء يستهدف فقراء مصياف
دفعت الأوضاع المعيشية السيئة وضغط الحاجات السكنية إلى حدوث مخالفات بناء واسعة النطاق في مدينة مصياف بريف حماة. إذ لجأ كثير من الأهالي، خلال السنوات الماضية، إلى وضع يدهم على أملاك للدولة في أطراف المدينة، خاصة من الجهة الغربية.
ولجأ البعض إلى اقتطاع أجزاء من الأراضي ذات الملكية العامة، وزراعتها أو البناء عليها، وذلك بوضع اليد. وغالباً ما يتم ذلك بغض نظر من السلطات المحلية أو تواطؤ مع مسؤولين متنفذين. وغالباً من يتم وضع اليدّ بترسيم حدود الأرض المستولى عليها عبر بناء سور حجري أو بيتوني حولها أو مدّ شريط شائك. ويتبع ذلك إشادة أبنية بسيطة على جزء من الأرض، غالباً ما تكون مؤلفة من غرفة واحدة.
مدينة مصياف مركز منطقة تضم عشرات القرى، ويسكنها خليط من الإسماعيليين والعلويين والسنة والمسيحيين. وصدر أول مخطط تنظيمي للمدينة عام 1961، وعُدّل أكثر من مرة كان آخرها في العام 1978. وقد توسعت المدينة خارج ضوابط المخطط التنظيمي وتعديلاته، وتشهد حدوث مخالفات بناء وتعديات عمرانية كبيرة على الأملاك العامة.
وأغلب أولئك المُخالفين من أهالي المدينة الفقراء الذين ضاقت بهم السبل فاقتطعوا مساحات محدودة من الأملاك العامة للسكن أو للاستفادة من الأرض بالزراعة. مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، أشار أيضاً إلى وجود اعتداءات أوسع نطاقاً على الأملاك العامة قام بها بعض القادة المحليين في قوات الدفاع الوطني من أهالي المدينة. في حين أن مخالفات قديمة تعود لما قبل العام 2011، قام بها مسؤولون عسكريون، وأيضاً من كبار الموظفين المدنيين وبينهم قضاة. وأصحاب هذه الفئة الأخيرة من الاعتداءات على الأملاك العامة اقتطعوا مساحات أوسع من الأملاك العامة وشيّدوا عليها أبنية فاخرة.
وبحسب الإعلام الرسمي، فقد وصل عدد المخالفات في مصياف إلى 1400 مخالفة خلال السنوات الأخيرة. وقد أطلق مجلس محافظة حماة، وكذلك مجلس مدينة مصياف، حملة لهدم المخالفات نهاية العام 2020 ومطلع العام 2021، استناداً إلى المرسوم 40 لعام 2012 الناظم لعقوبات مخالفات البناء.
مراسل سيريا ريبورت قال إن حملة الهدم لتنفيذ المرسوم 40\2012 شملت 73 مخالفة تعود بمعظمها لفقراء من أبناء المدينة. إذ أن الحملة تجنّبت هدم المخالفات القديمة للمسؤولين الأمنيين والعسكريين وكبار الموظفين المدنيين. وبرر ذلك رئيس مجلس مدينة مصياف أحمد الباشا، بعدم مسؤولية مجلسه عن معالجة المخالفات القديمة. اتاح القانون 40/2012 امكانية تسوية بعض المخالفات بشرط اثبات ان وقوعها كان قبل تاريخ صدوره.
إلا أن هدم المخالفات الجديدة واستثناء القديمة التي تعود لكبار الموظفين العسكريين والمدنيين، دفع الأهالي للخروج في احتجاجات، في آب الماضي، شارك فيها بعض القادة المحليين في قوات الدفاع الوطني دفاعاً عن مخالفاتهم أيضاً.
وأمام ضغط الاحتجاج الشعبي طلبت السلطات في محافظة حماة التفاوض مع لجنة يُشكّلها المحتجون لتنقل مطالبهم إلى محافظ حماة. وقبل مقابلة اللجنة للمحافظ بيوم واحد، اندلعت حرائق في المنطقة وامتدت إلى المخالفات. وقد عملت فرق الإطفاء لأيام متواصلة قبل السيطرة عليها. وأشارت مصادر أهلية تحدثت إلى مراسل سيريا ريبورت إلى أن ما حدث كان عبارة عن حرائق مفتعلة من قبل جهات أمنية هالها حجم الاعتراض الشعبي. المصادر الأهلية اعتبرت أن الحرائق جاءت عقاباً للمتظاهرين الذين تجاوزت مطالبهم قضية وقف حملة الهدم إلى الاحتجاج على أوضاعهم المعيشية الصعبة. ودللت المصادر على أن الحرائق اقتصرت فقط على المخالفات والأراضي التي وضع الفقراء يدهم عليها، في حين لم تمس النار مخالفات المتنفذين الكبار.
ولم تتمكن سيريا ريبورت من تأكيد هذه المزاعم، إذ تشهد أرياف حماة من سنوات ازدياداً كبيراً في الحرائق في فصل الصيف بسبب الجفاف المصحوب بارتفاع درجات الحرارة نتيجة التغير المناخي.