هدم أبنية متصدعة في حلب
أزال مجلس مدينة حلب، في 23 آذار، مبان سكنية في أحياء حلب الشرقية. حملة الهدم بدأت بخمسة أبنية في حي الصالحين، وتوسعت لتشمل أبنية أخرى في الأحياء المجاورة. وجاءت عملية الهدم بعدما أخلت لجنة السلامة العامة التابعة لمجلس مدينة حلب، تلك الأبنية من السكان.
وشهد حي الصالحين بعد سيطرة قوات النظام على أحياء حلب الشرقية منذ نهاية العام 2016، انهياراً لعدة أبنية سكنية. آخر تلك الحوادث كانت في كانون الأول 2021، عندما انهار بنائين بعد أيام من إخلائهما من السكان، بسبب التصدعات. وبعد انهيارهما، قامت مديرية الخدمات الفنية في باب النيرب، التابعة لمجلس مدينة حلب، والمسؤولة خدمياً عن حي الصالحين، بهدم مبنى ثالث مجاور مهدد بالانهيار.
وقال مصدر في مديرية الخدمات الفنية في باب النيرب لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، إن سكاناً في خمسة مبان في حي الصالحين، كانوا قد أبلغوا المديرية، في مطلع آذار، بوجود تصدعات حديثة. وبدورها، أبلغت المديرية لجنة السلامة العامة بوجود التصدعات. وكشفت اللجنة على المباني وقيّمت حالتها الفنية، وخلصت إلى ضرورة إخلاء المباني الخمسة من 35 عائلة كانت تقطنها، وهدمها بعد ذلك.
وقد استعانت لجنة السلامة العامة بقسم شرطة الصالحين لإخلاء المباني، بعدما رفض بعض القاطنين الإخلاء قبل تأمين مساكن بديلة لهم. وأخلت الشرطة القاطنين بالقوة من دون تأمين سكن بديل لهم، ولكنها سمحت لهم بإخراج أمتعتهم.
لجنة السلامة العامة كانت قد أبلغت السكان السابقين، بأن ظهور التصدعات الحديثة في الأبنية يعود إلى ارتفاع منسوب المياه الجوفية في المنطقة بعد الأمطار الأخيرة. وأضافت اللجنة أن تلك الأبنية مشادة بشكل مخالف لأنظمة البناء ولا تراعي القواعد الانشائية السليمة. وتسبب كل ذلك، بحدوث هبوط بالتربة تحت أساسات الأبنية، وظهور تشققات وميلان في الأبنية فوق سطح الأرض.
في 23 آذار، تم هدم وإزالة المباني الخمسة المتضررة في حي الصالحين. ولكن، امتدت الحملة وطالت أيضاً ثلاثة مباني أخرى شرقي المقبرة، ومبنى خلف صيدلية الابتهاج، وبنائين في كرم الدعدع، وبضعة مباني في منطقة مساكن الفردوس المجاورة لحي الصالحين. جميع تلك الأبنية كانت قد أخليت من سكانها بموجب قرارات لجنة السلامة، وللمبررات ذاتها.
بعض الأهالي في حي الصالحين تحدثوا لمراسل سيريا ريبورت، وأكدوا إن تصدعات مخيفة ظهرت للعيان بشكل مفاجئ، وبعض الأبنية أصبحت مائلة بشكل ملحوظ. ودفع ذلك ببعض القاطنين لمغادرة الأبنية قبل وصول لجنة السلامة لإجراء الكشف. الأهالي أكدوا أن العائلات التي غادرت مبكراً هي التي كانت قادرة على الانتقال إلى بيوت آخرى أو لدى أقارب لها. أما العائلات التي ليس لديها مكان آخر لتأوي إليه، فقد انتظرت وصول لجنة السلامة متأملة بتأمين سكن بديل لها، وهذا ما لم يحصل.
وحي الصالحين من أكثر الأحياء الشعبية العشوائية كثافة سكانية في حلب الشرقية، ويطلق عليه محلياً لقب “الصين الشعبية”. وقد تعرض الحي خلال فترة سيطرة المعارضة عليه، بين العامين 2012 و2016، لقصف جوي ومدفعي كثيف، خاصة بالبراميل المتفجرة التي كانت تلقيها الطائرات المروحية التابعة لقوات النظام، ما تسببت بأضرار بالغة في البنية العمرانية وأساسات الأبنية. وهذه هي الحال أيضاً في الأحياء المجاورة مثل الفردوس والمعادي. وقد ظهرت التصدعات على الكثير من الأبنية التي لم يطالها القصف المباشر.
ولا تبدو المبررات التي قدمتها لجنة السلامة العامة حول أسباب التصدعات الحديثة مقنعة، بحسب الأهالي. إذ أن السبب لا يعود إلى مياه الأمطار فحسب، بل أيضاً إلى التسرب المتواصل للماء من شبكتي الصرف الصحي ومياه الشرب المتهالكتين، واللتين لم تخضعا لصيانة لائقة منذ سيطرة قوات النظام على المنطقة.
مصدر في مجلس مدينة حلب قال لمراسل سيريا ريبورت، إن هناك زيادة ملحوظة في عدد المباني التي بدأت تظهر عليها التصدعات، بسبب القصف السابق على المنطقة. وقد ظهرت تلك التصدعات أيضاً على الكثير من المباني التي كانت لجنة السلامة العامة قد سمحت لأصحابها بترميمها في وقت سابق من العامين 2017 و2018. ويؤكد المصدر بأن بأن الأساسات العمرانية في الأحياء الشرقية متضررة بشدة، وما هي إلا مسألة وقت حتى تظهر التصدعات على كثير من الأبنية التي تبدو الآن صالحة للسكن حتى اللحظة.