موافقة أمنية على عودة العشرات إلى بلدة الدخانية بريف دمشق
في 20 أيلول 2022، أرسلت إدارة أمن الدولة “المخابرات العامة” إلى مختار بلدة الدخانية بريف دمشق، لائحة بأسماء 70 نازحاً عن البلدة، وأبدت عدم وجود مانع لديها على عودتهم. ولكن، لا يبدو أن صدور هذه اللائحة يعني بأن العودة ستكون قريبة إلى البلدة الخالية من السكان منذ ثمانية أعوام.
وأشار مراسل سيريا ريبورت إلى أن مختار الدخانية طلب مباشرة ممن وردت أسماؤهم في اللائحة مراجعته لتقديم طلبات بالعودة، مصطحبين معهم بطاقاتهم الشخصية ووثائق تثبت ملكية عقاراتهم في البلدة، وفواتير كهرباء وماء وهاتف مدفوعة. واعتبر المختار أن عقود البيوع العقارية غير الموثقة رسمياً في السجلات العقارية أو المحكمة، غير مقبولة.
في 29 أيلول، اجتمع وفد يمثلّ نازحي الدخانية مع محافظ ريف دمشق ومختار البلدة، وطلبوا من المحافظ تسريع إجراءات العودة، وعرضوا المشاركة بإزالة الأنقاض وتأهيل البلدة. وتعهّد المحافظ بالبدء بإجراءات العودة، قبل نهاية تشرين الأول الجاري، وأكد أن تأهيل البنى التحتية في البلدة سيبدأ قريباً.
وقال المحافظ، بحسب المراسل، بأنه منذ العام 2018، تقدمت حوالي 400 عائلة بطلبات للعودة إلى ديوان المحافظة، وأعطيت تلك الطلبات أرقاماً. وأضاف المحافظ أنه ينبغي على أصحاب طلبات العودة ممن لم ترد أسماؤهم في اللائحة، التقدم بطلبات إلى إدارة أمن الدولة في كفرسوسة بدمشق للحصول على موافقة أمنية بالعودة.
وأشار المراسل إلى أن 600 عائلة تقريباً لم تتقدم بعد بطلبات بالعودة لدى ديوان المحافظة. ويتوجب على هذه العائلات، بحسب المحافظ، التقدم بطلبات للعودة في ديوان المحافظة، والحصول على أرقام لها، ومن ثم مراجعة فرع أمن الدولة في كفرسوسة.
بلدة الدخانية تابعة لمنطقة الكسوة بريف دمشق ومحاذية لمدينة جرمانا. وهي شديدة القرب من مركز مدينة دمشق وتقع على مسافة 1.5 كيلومتر من منطقة باب شرقي الأثرية القديمة في العاصمة. وكان عدد سكان الدخانية يُقدّرُ قبل العام 2011 بحوالي 5000 نسمة. ولبلدة الدخانية مخطط تنظيمي قديم كان قد صنّف معظم أراضيها زراعية يمنع البناء فيها. ولذلك، وعلى غرار بقية مناطق الريف الدمشقي المحيطة بالعاصمة، تحولت الدخانية منذ سبعينيات القرن الماضي إلى منطقة سكن عشوائي بسبب الطلب الكبير على السكن الرخيص المُخالف.
كذلك، تعتبر الدخانية مركزاً صناعياً مهماً، وتضم عدداً كبيراً من المستودعات العائدة لتجار من مدينة دمشق، وكذلك ورشات صيانة سيارات، وخراطة الحديد، ومعامل النسيج. وفيها معمل الشركة العامة الصناعية لخيوط النايلون والجوارب، ومعمل للشركة العامة للدهانات والصناعات الكيميائية “دهانات أمية”، وغيرها.
في أيلول 2014 شنت قوات المعارضة هجوماً على الدخانية، عبر أنفاق حُفرت لهذا الغرض من مزارع عين ترما المجاورة إلى أحياء الدخانية الشمالية الشرقية. وتمكنت المعارضة من السيطرة على معظم الدخانية حينها، ولكن قوات النظام استعادتها بعد شهر من المعارك العنيفة، ترافقت بقصف مكثّف للبلدة بصواريخ الفيل، ما تسبب بدمار كبير وواسع للأملاك الخاصة وبناها التحتية. ومنذ ذلك الوقت تحولت الدخانية إلى منطقة عسكرية، وجرّفت قوات النظام كثيراً من المنازل في الحي الشمالي وحولت أنقاضها إلى سواتر تفصلها عن قوات المعارضة في بلدة عين ترما. بعد ذلك قامت ورشات متعاقدة مع قوات النظام بتعفيش بيوت النازحين وسرقة محتوياتها، وسحب الحديد من السقوف، وتمديدات شبكة الماء والصرف الصحي.
ومنذ أيلول 2014 نزح سكان الدخانية بالكامل، ولم تسمح لهم قوات النظام بالعودة حتى اليوم. معظم النازحين يسكنون في أحياء دمشق المجاورة كالدويلعة وكشكول والكباس، وأيضاً في مدينة جرمانا بريف دمشق. ويعتقد النازحون بأن الأجهزة الأمنية تعتبرهم متعاطفين مع المعارضة وسهلوا دخولها في العام 2014 إلى الأحياء الشمالية في البلدة، ولذلك فهي تمنعهم من العودة. وأشار المراسل إلى أن معظم المسموح لهم بالعودة وفق لائحة أمن الدولة، هم سكان أحياء الدخانية الجنوبية. وحتى هذه اللحظة ما يزال الدخول إلى الدخانية ممنوعاً، ويتكفل بهذا المنع حاجز تابع للمخابرات الجوية في حي الكباس، وحاجز تابع لأمن الدولة في حي الدويلعة.
كما حوّلت محافظة دمشق المنطقة شمال شرقي الدخانية إلى مكب لنفايات أحياء العاصمة الشرقية. ويشير مراسل سيريا ريبورت بأن النفايات باتت بارتفاع عدة طوابق وغمرت جزءاً من العقارات في المنطقة.
رئيس مجلس مدينة جرمانا بريف دمشق، صرّح في شباط 2018 لوسائل إعلام محلية، بأنه سيعاد تنظيم بلدة الدخانية وتتم إضافتها إلى توسعة المخطط التنظيمي لمدينة جرمانا. وأضاف بأن عملية التنظيم ستترافق مع إزالة الأنقاض والأبنية المتضررة الآيلة إلى السقوط، إضافة إلى تأمين الخدمات وتوزيع الحقوق على أصحابها.
وفي تشرين الأول 2021 قال مدير مديرية دعم القرار والتخطيط الإقليمي في محافظة ريف دمشق، لوسائل إعلام محلية، بإن مخططاً تنظيمياً تفصيلياً يُعدُّ للدخانية. وأكد وجود دراسة لضم الدخانية إلى مدينة جرمانا، ووضع مخطط واحد لهما يكون أكثر انسجاماً مع المحيط الحيوي لمدينة دمشق.