من يهدم عقارات سوق درعا التجاري؟
منذ سيطرت قوات النظام عليه في العام 2018، ما زال السوق التجاري في مدينة درعا يشهد بشكل متواصل عمليات هدم لعقاراته رغم انتهاء العمليات القتالية. وخلف عمليات الهدم تقف أحياناً ورشات تدوير الأنقاض، وأيضاً بعض أصحاب العقارات بغرض التخلص من شاغلي العقار والمستأجرين القدماء.
ويمتد السوق التجاري على مساحة واسعة وسط مدينة درعا؛ من الكراج القديم الغربي وصولاً إلى الكراج الجديد الشرقي، مروراً بساحة بصرى. ويضم السوق مجموعة من الأسواق الفرعية والمراكز التجارية كالمجمع الاستهلاكي، وسوق خان الحرير، وسوق الحامد، وسوق الرحمة، وسوق الخضار، وسوق الهال. وبالاضافة إلى المتاجر، في السوق أيضاً مكاتب محامين وعيادات أطباء، ومخابر طبية ودور أشعة، ومدارس ودوائر حكومية، ومراكز لنقابات.
وقد تعرض السوق لأضرار كبيرة نتيجة العمليات القتالية 2012-2018، وبات غير مأهول. وعقب اتفاق المصالحة في الجنوب بين المعارضة والنظام في العام 2018 أقامت قوات النظام حواجز عسكرية وأمنية على مداخل السوق، بحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة. ولم يشهد السوق عمليات ترميم إلا على نطاق فردي في منطقة الكراج الغربي. بينما سمحت الحواجز لمجموعات تدوير أنقاض محلية “ورشات تعفيش” بالدخول إلى السوق وهدم الأعمدة والسقوف من الأبنية المتضررة لاستخراج الحديد منها، بغرض إعادة تدويره وبيعه. وكانت الحواجز تتقاضى يومياً من كل مجموعة تعفيش ما بين 100-200 ألف ليرة. في المقابل، يقدّر المراسل، بأن ورشة تعفيش ما يمكنها في اليوم الواحد سحب حديد من الأنقاض وبيعه بقيمة مليون ليرة بالحد الأدنى.
منذ منتصف العام 2020 أزالت قوات النظام حواجزها من المنطقة، واستبدلتها بدوريات للشرطة. وبنفس الطريقة، تغضّ الدوريات نظرها عن مجموعات التعفيش مقابل رشى مالية. خلال العام 2022 تطور عمل ورشات التعفيش وبدأت بهدم أبنية كاملة في السوق باستخدام آليات ثقيلة.
في المقابل، بحسب المراسل، فإن أصحاب بعض العقارات المتضررة كلياً استخرجوا موافقات أمنية، ورخص هدم لعقاراتهم من مجلس المدينة، وهدموها وأزالوا أنقاضها. في حين أن بعض أصحاب العقارات، ممن تعرضت عقاراتهم لأضرار جزئية لا تجيز لهم استخراج رخص هدم لها، سمحوا لورشات التعفيش بسحب الحديد منها، وتحويلها إلى متضررة كلياً. وبذلك، أمكن لأولئك استخراج رخص هدم لعقاراتهم الآيلة للسقوط.
والسبب المباشر وراء ميل بعض أصحاب العقارات في السوق لهدمها هو للتملّص من نظام الفروغ. والفروغ هو عقد تأجير لمحل تجاري، غير محددة المدة، موقع قبل صدور قانون الإيجار رقم 10 لعام 2006، ويخضع لنظام التمديد الحكمي. والتمديد الحكمي، هو تمديد عقد الإيجار حكماً، بغض النظر عن رغبة وإرادة المؤجّر. ووفق نظام الفروغ، يدفع مُستأجر المحل قيمة الإيجار إلى صاحب العقار، وغالباً ما يكون مبلغاً بسيطاً غير قابل للزيادة. ويتراوح هذا المبلغ للمحل الواحد في سوق درعا التجاري بين 10-15 ألف ليرة سنوياً. في حين يحق للمستأجر التنازل عن المحل، بكافة عناصره المادية و المعنوية، إلى مستأجر آخر، مقابل مبلغ يسمى “بدل الفروغ” والذي يُعادُلُ أحياناً القيمة الرائجة لسعر المحل في السوق. وفي حال أراد صاحب العقار إخراج المستأجر يتوجب عليه دفع الفروغ إلى المستأجر.
وبحسب ما نشرته جريدة تشرين الرسمية في أكتوبر 2022، فإن تعرّض البناء المؤجر للدمار يعني قانونياً الهلاك الكلي للمأجور، ما يجيز إلغاء عقد الإيجار لأن المكان أصبح معدوماً، والأرض تعود إلى مالكها الأصلي.
ولكن، يتوجب على المالك الراغب بإلغاء عقد الايجار مع الشاغل أو المستأجر، رفع دعوى أمام القضاء بسبب الهلاك الكلي. وبالتالي، فإن إنهاء العلاقة الإيجارية يكون فقط من اختصاص القضاء، الذي يضمن في هذه الحالة أن يدفع المؤجر تعويضاً للمستأجر. كما يجب أن يقوم مجلس المدينة بإصدار رخصة هدم للعقار. لاستخراج رخصة الهدم، يجب أن يتعهد صاحب العقار لدى الكاتب بالعدل، بحفظ حقوق الشاغلين. وأشارت الجريدة إلى أن هدم الأبنية بهدف الإضرار بالمستأجرين هو تعسّف باستعمال الحق، ودعت المستأجرين لمراجعة القضاء.