من يحمي أملاك الغائبين المسيحيين في مناطق الإدارة الذاتية؟
يعاني المسيحيون، بمختلف طوائفهم شمال شرقي سوريا، من هجرة واسعة النطاق منذ العام 2011. بعض أولئك الغائبين تركوا خلفهم عقارات وأملاك من دون وكلاء يعتنون بها. بعض تلك العقارات المتروكة “السائبة”، خاصة في مراكز المدن والبلدات، باتت هدفاً لعمليات الاستيلاء بالغصب أو بالتزوير.
لجنة حماية أملاك الغائبين السريان والأشوريين والأرمن
لمواجهة موضوع الهجرة الواسعة، شكّلت الإدارة الذاتية الكردية في العام 2014، لجنة حماية أملاك الغائبين السريان والآشوريين والأرمن، ويتقاضى أعضاؤها رواتباً من الإدارة الذاتية وتعويضات يتبرع بها مسيحيو المنطقة المقيمين والمغتربين. والهيئة مدنيّة لها فروع في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية. وتتدخل فقط أمام محاكم الإدارة الذاتية في النزاعات القضائية التي يكون أحد أطرافها من المسيحيين الغائبين. وتتلقى اللجنة شكاوى تتعلق بغصب عقارات الغائبين أو إشغالها، كما تنظر في طلبات مُستأجرين أملاك المسيحيين الغائبين بخصوص بدلات الإيجار والفروغ والإخلاء.
ومع ذلك، تبقى إمكانيات اللجنة محدودة فقط بالقضايا المرفوعة أمام محاكم الإدارة الذاتية، وبتنبّه وعلم أصحاب العقارات المسيحيين الغائبين بالانتهاكات الواقعة على عقاراتهم. وقد يستفيد بعض مغتصبي العقارات من التنازع القضائي بين محاكم الإدارة الذاتية ومحاكم النظام. مثلاً، يمكن لغاصب عقار ما أن يواجه دعوى غصب عقار مرفوعة ضده في محاكم أحد الطرفين بأن يرفع هو بدوره دعوى أمام المحكمة التابعة للطرف الآخر. ويعطي ذلك التنازع فرصة لغاصب العقار ليبقى شاغلاً له.
التزوير
ومن أبرز الانتهاكات الواقعة على عقارات الغائبين المسيحيين، هي الاستيلاء على عقاراتهم بالتزوير. ويتم ذلك عبر إبراز عقود بيع وهمية مزورة التواقيع، ومتابعة إجراءات نقل الملكية غيابياً في محاكم السلطة القضائية التابعة لدمشق. وهذا ما حصل في قضية العقار الذي تملكه عائلة أفرام في مدينة القامشلي الذي استولى عليه رجل أعمال نافذ.
وغالباً ما يلجأ المزوّر إلى تزوير توقيع صاحب العقار الغائب على عقد بيع لعقاره، ويرفع دعوى أمام محكمة البداية المدنية، لتثبيت العقد. ويقوم المُدّعي بالإثبات أمام المحكمة بأن صاحب العقار خارج القطر أو مجهول الإقامة (في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام). وبعد تأكد المحكمة من وجود صاحب العقار، المُدّعى عليه، خارج القطر أو مجهول الإقامة، تُقررُ المحكمة نشر مذكرة تبليغ في الصحف الرسمية ولصقاً على لوحة إعلانات المحكمة. وبعد شهر ونصف، تُصدِرُ المحكمة مذكرة إخطار في الصحف الرسمية ولصقاً على لوحة إعلانات المحكمة، وتحدد فيها: موعد جلسة المحكمة، واسم المحكمة، واسم المُدّعي والمدّعى عليه، ونوع الدعوى.
وغالباً لا يتمكن صاحب العقار الغائب، المُدّعى عليه، من الإطلاع على هذه الإعلانات المحلية. وبذلك قد تكتمل إجراءات التبليغ والأخطار، من دون علم صاحب العقار المُدّعى عليه.
وكي يحسم القاضي هذا النوع من الدعاوى يكتفي غالباً بالاستماع لشهادة شاهدين. عند وجود شك بوجود تزوير ما، يتريث القاضي، ويطلب شهادة خبير للتأكد من صحة التوقيع أو البصمة عبر إجراء ما يسمى “خبرة المضاهاة على العقد المبرز” والمقارنة مع توقيع سابق أو بصمة لصاحب العقار.
وبعد ذلك تُنشر المحكمة خلاصة عن قرار تثبيت عقد البيع الغيابي في الصحف الرسمية، وتحدد مهلّة للطعن بالاستئناف، والنقض.