من هم أصحاب الشقق التي رممتها منظمة ريسكات الإسبانية في حي الشعار بحلب؟
في آذار 2021 أعلنت منظمة ريسكات Rescate الاسبانية غير الحكومية، عبر صفحتها في فيسبوك، عن مشروع لإعادة تأهيل شقق سكنيّة متضررة في حي الشّعار في حلب الشرقية، ودعت مقاولي البناء والشركات للتقدم بعروضهم. المنظمة قدمت مجموعة ملفات ضمن العرض، تضمنت، مناقصة أسعار، ودفتر مواصفات وشروط فنية، ودفتر شروط مالية وحقوقية. في كل تلك الوثائق، لم تتم الإشارة إلى ملكية تلك الشقق المتضررة، ولا عن وضع أصحابها.
لكن، وبحسب مصادر أهلية في حي الشعار، تحدثت لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، لم ينجح العرض حينها بسبب حدوث خلاف بين مجلس مدينة حلب والأمانة السورية للتنمية من جهة، وبين منظمة ريسكات من جهة أخرى، حول مواقع الشقق السكنية المفترض أن يشملها الترميم، وإن كانت مأهولة، ولمن تعود ملكيتها. المنظمة عادت وطرحت في آب 2022، المشروع ذاته، من دون توضيح لسبب إعادة العرض. ولم يتضح كيف تم حل تلك الخلافات، أم إذا ما زالت قائمة.
مصدر محلي في حي الشعار قال لمراسل سيريا ريبورت، أن أعمال الترميم بدأت بالفعل في الربع الأخير من العام 2022، وقد تم تسليم الشقق المرممة إلى مجلس مدينة حل مطلع العام 2023. المصدر أشار إلى أن عمليات الترميم استهدفت شققاً حددها مجلس المدينة، ولم يكن للمنظمة حرية اختيار الشقق ولا مناطق توزعها. وبحسب المصدر، فإن بعض الشقق التي تم ترميمها تعود ملكيتها لغائبين من المعارضين المُهجّرين قسرياً خارج حلب، وبعضها شقق يملكها موظفون في مجلس المدينة، وضباط في أجهزة الأمن، ومسؤولون في الأمانة السورية للتنمية.
حي الشعار، كان من بين الأحياء الأكثر تضرراً بسبب القصف الجوي والبري لقوات النظام، خلال فترة سيطرة المعارضة على حلب الشرقية ما بين العامين 2012-2016. وقد حوصر في الحي آلاف السكان، خاصة في حاراته الفرعية الصغيرة ذات الكثافة السكانية المرتفعة حينها، وأبرزها حارة سد اللوز. وقد استخدمت القوات الجوية الروسية في قصفه قنابل ارتجاجية، وصواريخ فراغية. في حين درج الطيران الحربي لقوات النظام على قصف المباني السكنية في الحي بالبراميل المتفجرة، والمباني في الحي بغالبيتها كانت مؤلفة من 5 طبقات.
وبحسب دفتر المواصفات والشروط الفنية، الذي وضعته المنظمة ونشرته في فيسبوك، فإن اسم الشروع هو إعادة تأهيل الشقق السكنية المتضررة في أحياء حلب، والمشروع هو جزء من الخطة التشغيلية الإنسانية المشتركة بين القطاعات لمراكز الإيواء (Shelters) الجماعية في حلب الشرقية. وتتخذ ريسكات دوراً ضمن تلك الخطة في مهام إعادة التأهيل. المنظمة بموجب هذا الإجراء، تلبي الاحتياجات العاجلة للعائدين من النساء والرجال والأطفال، من خلال أعمال تحسين مراكز الإيواء (Shelter upgrade works) في 150 شقة. لم يذكر دفتر المواصفات والشروط الفنية من هم أصحاب تلك الشقق، وإن كانت تلك الأعمال تتم بموافقتهم.
وبحسب BoQ (مناقصة الأسعار) رقم 20434 التي طرحتها ريسكات، تحت عنوان ترميم منازل متضررة، نجد توصيف بعض الأعمال المطلوب من المقاول انجازها؛ أعمال البناء التي تتضمن تجهير موقع المشروع لبداية العمل ومنها إزالة الأنقاض وترحيلها إلى المطامر النظامية وإزالة المخلفات والبقايا والركام وتنظيف الأرضيات. وكذلك أعمال البيتون المطلوبة، وأعمال إكساء، وكهرباء، مياه وصرف صحي، وأعمال الصيانة، وأعمال المرافق المشتركة للمبنى. وبلغ السعر الإجمالي للمشروع 9,927,822 ليرة سورية.
وبحسب دفتر الشروط المالية والحقوقية، الذي وضعته المنظمة ونشرته في فيسبوك، يتضح وجود جهاز إشراف أو مهندس مشرف، تعينه المنظمة وشريكها المحلي في حلب (لم تسمه الوثيقة)، والذي يقوم مقام المنظمة بالإشراف على الأعمال. ومدة العقد، هي 60 يوماً، والتأمينات الأولية هي 4 ملايين ليرة، والتأمينات النهائية هي 10% من قيمة العقد.
الدفتر وضع مجموعة الشروط التي يجب أن يلتزم بها العارض ومنها أن يكون لديه شهادة تسجيل حديثة لدى إحدى غرف التجارة أو الصناعة السورية، وشهادة مصدقة من تسجيله كمقاول في نقابة المقاولين، وصورة عن السجل العدلي للعارض تثبت أنه غير محكوم بجناية أو جرم شائن، وتصريح من العارض بأنه لا يملك ولا يشترك في أي مصنع أو مؤسسة أو مكتب فرعي أو هيئة في إسرائيل. ومن أحد التزامات المتعهد، أن يعتمد على بعض الكوادر الفنية والموردين من سكان المنطقة أو المتضررين من الأزمة الذين يتم اقتراح اسمائهم من قبل المنظمة واعتبارهم من فريق العمل.
مراسل سيريا ريبورت لم يتمكن من معرفة هوية المقاول الذي وقّع العقد مع ريسكات، لإنجاز المشروع. ولكن مصدراً من الحي، أشار إلى منطقة حي الشعار تخضع لسيطرة ميليشيا لواء الباقر العشائرية، المدعومة من الحرس الثوري الإيراني، والتي تتمركز في حي البللوة في حلب الشرقية. وأضاف المصدر إن معظم تعهدات البناء في حي الشعار، وفي عموم حلب الشرقية، ترسو على متعهدين ومقاولين لهم علاقات وثيقة مع الميليشيا.
وأضاف المصدر إن عمر الحسن، المسؤول السياسي في ميليشيا لواء الباقر، والعضو السابق في مجلس الشعب السوري، هو من تمر عبره جميع أعمال البناء المرتبطة بالميليشيا في حلب الشرقية. ويدير الحسن، مجموعة ورشات متنوعة متعلقة بالبناء، ويشرف على معامل ومكابس تقوم بإنتاج البلوك والحجر الأبيض، ولديه مستودعات لتخزين الأسمنت وتجارته، وكسارات لتدوير الأنقاض في منطقتي حيلان وحندرات بحلب.
وكانت منظمة ريسكات قد قامت بتجربة في العام 2019 لنقل الأنقاض وتكسيرها وفرزها، لاستخراج مواد يمكن استخدامها في تصنيع الطوب الاسمنتي الخاص بالبناء، في حلب، بتمويل من صندوق الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ودعم من الأمانة السورية للتنمية ومجلس مدينة حلب. وبحسب تصريح لرئيس مجلس مدينة حلب لوكالة سانا الرسمية في آذار 2019، فتلك التجربة قد نجحت، وتحولت إلى مشروع لإنتاج 8 آلاف بلوكة من الطوب الاسمنتي.
وأشار رئيس المجلس حينها إلى أن الجهات الدولية الممولة للمشروع تكفلت بتأمين الآليات والمعدات، على أن تعود ملكيتها لمجلس مدينة حلب بعد انتهاء المشروع في كانون الأول 2021 أشرفت منظمة ريسكات على تجهيز سـوق ديرحـافر الشـعبي في ريف حلب، بالشراكة بين الأمانة السورية للتنمية ومحافظة حلب ومجلس مدينة ديرحافر.