من بين آلاف، إلغاء الحجز الاحتياطي على أملاك مئات المعارضين في درعا
ألغت وزارة المالية، في نهاية حزيران 2020، الحجز الاحتياطي على أملاك وأموال 617 قيادياً سابقاً في المعارضة المسلحة والمدنية، في درعا، من بينهم قائد اللواء الثامن من الفيلق الخامس المدعوم روسياً أحمد العودة.
وعلى الأغلب، فقد جاء ذلك بغرض تخفيف التوتر في درعا، بعد موجة الاحتجاجات الشعبية الأخيرة المنددة بتدهور الأوضاع المالية، والأمنية في المحافظة. ورغم إلغاء الحجز الاحتياطي على بضع مئات من المعارضين السوريين في محافظة درعا، بضغط روسي، فإن آلافاً آخرين لا زالوا ممنوعين من التصرف في أملاكهم .
والحجز الاحتياطي في قانون العقوبات السوري، هو وسيلة يحفظ فيها الدائن حقه المهدد بالضياع، بحيث يبقى المال المحجوز بيد صاحبها، إلا أن سلطته عليه تتقيد. أي أن الحجز الاحتياطي، هو إجراء استباقي تقوم به الضابطة العدلية لمنع المحجوز عليه من التصرف بملكه أو بماله، كلياً أو جزئياً، وبشكل مؤقت، حتى انتهاء المنازعة أو الدعوى القضائية. في حين أن الحجز التنفيذي هو أمر قضائي تنفيذي لقرار المحكمة، يحجز فيه الدائن، على أموال المستدين المنقولة وغير المنقولة، بغية استرداد دينه من المال، أو بعد بيع الأملاك بالمزاد العلني.
لذا، فإن فرض الحجز الاحتياطي أو التنفيذي، على المعارضين، غير جائز قانونياً، لأن مقدار الدين غير معروف؛ إذ ليس للجهة المُدعية أي دين مستحق على الطرف المُستهدف بالحجز، والعملية لا تستند إلى ضرر محدد يمكن تقدير قيمته وقد وقع على منشأة ما. ويضاف إلى ذلك أن المحاكمات وإصدار القرارات تتم بشكل غيابي، لا يُسمحُ فيها لمن هو بحكم المُدين أو وكلاءه، بحضور المحكمة. واستناداً إلى القانون السوري، فإن تنفيذ حجز مبهم، من دون تحديد قيمته هو باطل.
ولتجاوز تلك المعضلة القانونية، تستند قرارات الحجز الاحتياطي على مواد المرسوم التشريعي 63 لعام 2012 الخاص بسلطات الضابطة العدلية. وأعطى المرسوم الضابطة العدلية، ومن في حكمها، الحق في الطلب من وزارة المالية الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة والتحفظ عليها للأشخاص المتهمين بـ”جرائم ضد أمن الدولة”.
ورغم إلغاء الحجز الاحتياطي مؤخراً عن بضع مئات من المعارضين، إلا أعداد من شملتهم قرارات الحجز تقدر بالآلاف في محافظة درعا لوحدها. إذ لا تخلو مدينة أو بلدة من عشرات الأسماء التي طالها الحجز، خاصة في المناطق التي شهدت انشقاقات على نطاق واسع من الجيش والأجهزة الأمنية .
وكانت إجراءات الحجز على الممتلكات قد بدأت على نطاق واسع وممنهج في عموم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، منذ العام 2012. وشملت الإجراءات تدريجيا أغلب المعارضين للنظام من أبناء درعا، في الداخل أو المقيمين في الخارج،أموات سبق وقضوا في المعتقلات أو خلال المعارك والقصف على درعا. وفي هذه الحالات، تحول قرارات الحجز دون نقل الملكية للورثة.
آخر مجموعة معروفة من قرارات الحجز في درعا، صدرت في أيلول 2018، أي بعد أقل من شهرين على اتفاق التسوية في الجنوب السوري، الموقع بين المعارضة والنظام، بضمانة روسية. ويعتبر ذلك انتهاكاً أيضاً، لمضمون الاتفاق الذي نص صراحة على عدم ملاحقة المعارضين للنظام، وكف البحث الأمني عنهم على الحواجز وعدم التعرض لأملاكهم.