مفتاح: هل يحق لجهة عامة استملاك عقار قبل صدور مرسوم الاستملاك؟
نص قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983، على أن استملاك عقار ما لا يكون إلا بمرسوم يصدر بناء على اقتراح الوزير المختص، ويتضمن تصريحاً عن النفع العام في استملاك ذلك العقار. أي أن استملاك الجهات العامة للعقارات يأتي بعد إصدار مرسوم الاستملاك، إلا في حالتين محددتين.
في الحالة الأولى، تلجأ الجهة العامة إلى ما تسميه “لحظ العقار”، أي وضع إشارة استملاك على صحيفة العقار، بموجب إشارة الاستملاك على المخطط التنظيمي التفصيلي للمنطقة. وفي الأصل يجب أن يتم وضع إشارة الاستملاك على صحيفة العقار في السجلات العقارية، بموجب مرسوم الاستملاك. لحظ العقار في المخطط التنظيمي التفصيلي، يمنع صاحب العقار من التصرف به. ولم يشترط قانون الاستملاك 20\1983، مدة زمنية لصدور مرسوم الاستملاك، بعد لحظ العقار.
وبحسب المستشار القانوني في قسم حقوق السكن الأراضي والممتلكات في سيريا ريبورت، فإن ذلك يُشكّلُ ذلك مخالفة دستورية تتجلى في التعدي على حق الملكية من دون إلزام الجهة العامة المستملكة باتخاذ التدابير اللازمة لإصدار مرسوم الاستملاك خلال مدة زمنية محددة.
قرار المحكمة الإدارية العليا رقم 15 في الطعن رقم 25 للعام 1980، أوضح أنه لا يكفي لتجميد ملكية العقار مجرد لحظه على المخطط، بما يفيد تخصيصه كي يكون مبنى حكومي، بل لا بد من إصدار مرسوم بالاستملاك، لأن القول بغير ذلك يعني تجريد المالك من ملكيته بأداة غير قانونية ومن سلطة غير مختصة، وبذلك تغدو الإشارة على صحيفة العقار غير قانونية ويترتب إلغاءها، بحسب ما قاله المستشار القانوني.
لكن، قرار المحكمة الإدارية العليا رقم 84 في الطعن رقم 1204 للعام 2004، تراجع عن القرار رقم 15 لعام 1980، مبرراً ذلك بأنه لا يجوز الطعن في المخططات التنظيمية أمام مجلس الدولة. فالمخططات تعتبر قرارات تنظيمية عامة، وللمتضرر من المخطط الاعتراض عليها خلال المهل المنصوص عنها في قانون التخطيط العمراني رقم 5 لعام 1982.
المادة 5 من القانون رقم 5 لعام 1982، أوضحت أن الاعتراض على مشاريع المخططات التنظيمية، يكون خلال ثلاثين يوماً أمام لجنة فنية يشكلها المحافظ. إلا أن هذه اللجنة إدارية لا صفة قضائية لها. وهذا يحرم صاحب الحق من اللجوء إلى القضاء الإداري المختص، ما يُشكّل إخلالاً بمبادئ ومقتضيات العدالة. قرار وضع إشارة الاستملاك على صحيفة العقار بموجب المخطط التنظيمي، هو قرار إداري يقيد حق المالك من التصرف بملكه. وينبغي أن يكون هذا النوع من القرارات قابلاً للطعن أمام القضاء المختص، بحسب المستشار القانوني.
في الحالة الثانية، أتاح القانون 20\1983 للجهة العامة وضع يدها على العقار قبل صدور مرسوم الاستملاك، بشرط إن يكون العقار غير مبني، كالأراضي الزراعية. بينما العقارات المبينة فلا يجوز وضع اليد عليها قبل نشر مرسوم الاستملاك وتقدير قيمة العقار.
وبناءً على ذلك، إذا قامت الإدارة قبل صدور مرسوم الاستملاك، بوضع يدها على عقار ما، فيترتب عليها دفع تعويض لمالك العقار وفقاً لقواعد المسؤولية التقصيرية التي نص عليها القانون المدني السوري والخاضعة لاختصاص القضاء العادي. وعلى ذلك المنهج سار الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض في القرار رقم 857 وبرقم أساس 984 للعام 2022، بالقول إن ثبوت استملاك الإدارة لعقار بشكل مخالف للقانون يسبغ على عملها صفة الغصب المادي الذي يوجب التعويض والاختصاص معقود للقضاء العادي.