مفتاح – هل تُعاد العقارات لأصحابها بعد إلغاء الاستملاك؟
أحيطت عملية استملاك العقارات الخاصة لصالح المؤسسات العامة في سوريا بإطار قانوني صارم، جعل من إلغاءها أو التراجع عنها أمراً بالغ الصعوبة، حتى لو زالت صفة التي أجازت الاستملاك في المقام الأول.
وينص قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983، في مادته السابعة: “يتم الاستملاك بمرسوم (..) يتضمن التصريح عن وجود النفع العام”، وأكد “يكون مرسوم الاستملاك مبرماً لا يقبل أي طريق من طرق الطعن أو المراجعة”.
ولكن، محكمة القضاء الإداري، أجازت فعلياً بعض الحالات الخاصة لإلغاء الاستملاك، بحسب ما قاله لسيريا ريبورت المحامي محمد الصطوف. ومحكمة القضاء الإداري مختصة بحل النزاعات بين الأفراد والإدارات الرسمية، وفيما بين الإدارات العامة.
اجتهادات محكمة القضاء الإداري الصادرة في دعاوى سابقة (كالدعوة رقم 950 أساس لعام 1998 قرار 32/2، والدعوة رقم 2413 أساس لعام 1997 قرار 992/2) أجازت إلغاء الاستملاك، في الحالات التالية: أولاً، إذا تم العدول عن تنفيذ مشروع الاستملاك فإن مرسوم الاستملاك يفقد مشروعيته. وثانياً، إذا لم ينفذ مشروع الاستملاك خلال ثلاثين سنة، فإن فكرة النفع العام تكون منعدمة، ويمكن حينها المطالبة أمام محكمة القضاء الإداري بإلغاء الاستملاك. وثالثاً، إذا ثبت أن المشروع الذي تم استملاك العقار به ليس بحاجة إلى عقار محدد لم يدخل ضمن المشروع المنفذ، فيحق للمالك حينها المطالبة بإلغاء قرار الاستملاك عن عقاره. ورابعاً، إذا حصل خطأ مادي في أرقام العقارات المستملكة، كأن يصدر قرار الاستملاك باستملاك العقار رقم 30 بدلاً من العقار رقم 40 المراد استملاكه.
ومع ذلك، لا يعني انتفاء المنفعة العامة، إعادة العقار المستملك ببساطة إلى صاحبه. إذ تنص المادة 35 من القانون 20\1983 على أنه “إذا استملكت عقارات للنفع العام (..) ثم زالت صفة النفع العام عن العقارات المستملكة، وتعتبر تلك العقارات من الأملاك الخاصة للدولة، ويجري تسجيلها في السجل العقاري باسم الجهة العامة المستملكة”. ورغم ذلك، فإن اجتهاد المحكمة الإدارية قال بإنه يحق لصاحب العقار المطالبة باستعادة عقاره إذا ما زالت عنه صفة النفع العام، إذا لم يستلم تعويضات الاستملاك أو السكن البديل. ولكن، في حالة دفع التعويض إلى صاحب الاستحقاق، أو إيداعه لمصلحته في المصرف أمانة دون فائدة، فإن الاستملاك يكتسب الدرجة القطعية، فلا يُقبلُ فيه أي طريق من طرق المراجعة أو الطعن، حتى لو زالت صفة النفع العام، بحسب المادة 32 من القانون 20\1983.
الفقرة الثانية من المادة 35، أعطت الأولوية لصاحب العقار الأصلي في شراء عقاره، فقط إذا كانت العقارات المستملكة أرضاً زراعية بالأصل وزالت عنها صفة النفع العام. الأولوية في الشراء تشترط أيضاً قبول صاحب العقار الأصلي بالثمن الذي تحدده الجهة المستملكة.
وفي كل الحالات، لا يرتبط إلغاء الاستملاك بعدم دفع الجهة المُستملكة للتعويضات المالية المستحقة لأصحاب العقارات المُستَملكة، حتى بعد مرور عشرات السنين. إذ تقول المادة 25 من القانون 20\1983، بإنه إذا تأخرت الجهة المستملكة عن دفع بدل الاستملاك لأكثر من خمس سنوات، فإن ذلك يوجب عليها دفع فائدة قانونية بسيطة (غير مركبة) لمالك العقار بمعدل 6% من القيمة سنوياً عن مدة التأخير، في حين ترفع هذه الفائدة إلى 8% سنوياً بعد خمس سنوات من تاريخ وضع اليد على العقار. إذ قد يصدر أحياناً مرسوم بالاستملاك وتمضي سنوات قبل أن تضع الجهة المستملكة يدها على العقار. وبالتالي لا تجوز المطالبة بإلغاء الاستملاك لمجرد امتناع الجهة المستملكة عن دفع البدل أو التعويض.