مفتاح: منع التصرف في الأراضي المعدة للبناء
منع قانون تنظيم بيع الأراضي رقم 3 لعام 1976، بشكل مطلق وصريح الإتجار بالأراضي المعدة للبناء ضمن المخطط التنظيمي العام المصدّق. وبرر القانون ذلك بضبط المضاربة العقارية، ومنع ارتفاع أسعار تلك الأراضي ودفع أصحابها إلى البناء عليها. وشكّل ذلك المنع انتهاكاً للمبادئ القانونية والدستورية التي منحت المالك حرية التصرف في ملكيته العقارية.
وكانت المحاكم المدنية، خاصة في دمشق وحلب وحمص، تشترط قبل الحكم بتثبيت بيع أرض ما، إبراز بيان يوضح عدم شمولها بأحكام القانون 3\1976، أي أنها غير داخلة في المخطط التنظيمي العام المصدّق. وإذا تبين أن الأرض تقع ضمن المخطط فتصدر المحكمة قراراً برد الدعوى ومنع تثبيت البيع.
واستمر ذلك الحال حتى صدور المرسوم 26 لعام 2013، الذي “يحدد حالات السماح وعدم السماح لمالكي الأراضي الكائنة ضمن حدود المخطط التنظيمي”، والذي ألغى المنع الوارد في القانون 3\1976 ويسمحُ لمالكي الأراضي الواقعة ضمن حدود المخطط التنظيمي بالتصرف فيها باستثناء ثلاث حالات:
الأولى؛ الأراضي العائدة للجمعيات التعاونية السكنية فلا يجوز لها بيعها قبل البناء عليها.
والحالة الثانية؛ هي الأراضي التي تبيعها إحدى الجهات العامة إلى الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين (المؤسسات والشركات)، والتي لا يجوز للمشتري بيعها قبل البناء عليها. واستثنى القانون حالة الورثة الذين يملكون على الشيوع أرضاً اشتراها مورثهم من الجهات العامة فسمح لهم القانون أن يقوموا ببيعها، ولكن لا يحق لمن اشتراها منهم أن يبيعها قبل بنائها.
الحالة الثالثة، هي المقاسم التي تخصصها الجهات العامة المختصة بالاسكان للأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين، أو تبيعها لهم، من أجل بناء مساكن عليها. ولا يجوز للمتخصص أو المشتري، سواءً كان شخصاً طبيعياً أو اعتبارياً، أن يبيعها قبل البناء عليها. والأرض بعد تقسيمها وإفرازها تصبح على شكل مقاسم.
المرسوم 26\2013 حظر على الدوائر العقارية والكتّاب بالعدل إجراء عمليات التسجيل أو التوثيق لهذه الأنواع الثلاثة من البيوع، واعتبرها باطلة بطلاناً مطلقاً إن حصلت. المرسوم اعتبر أن هذه البيوع إن حصلت تشكل جريمة احتيال، إذ يعاقب عليها كلاً من البائع والمشتري بعقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين والغرامة.
وبذلك يتضح أن المرسوم 26/2013 لم يلغِ القانون 3\1976 فعلياً بل أبقى على منع البيع على الحالات الثلاث المذكورة، وهو ما يشكل أيضاً انتهاكاً لحق الملكية الذي صانه الدستور ومنعَ المساس به أو تقييده إلا للمنفعة العامة. وهذا ما لا يتوفر في المرسوم 26\2013، إذ لا منفعة عامة تتضح من هذا المنع، وإن كان المرسوم قد تذّرع بشكل غير مباشر بأن هذا المنع يؤدي وظيفة اجتماعية.
ومن جانب آخر، يمكن أن يعجز صاحب الأرض المعدة للبناء عن بنائها لأسباب مالية، وبالتالي يكون مبرر منع التصرف بها غير منطقي. وبهذا، فلا ينسجم المنع مع روح القانون ومقاصده، وهو السعي لتطوير عملية الاستثمار العقاري.