مفتاح: منتج تأميني ضد الزلزال
بعد زلزال 6 شباط 2023، تواتر الحديث بين مسؤولين سوريين عن ضرورة وجود منتج تأميني “بوليصة تأمين” ضد الكوارث الطبيعية. الفكرة تطورت بسرعة، ويبدو بأن البوليصة قد تطرح قريباً في السوق.
تعتبر بوليصة التأمين للمنازل ضد المخاطر المتنوعة، كالحريق والسرقة وتسرب المياه، أمراً ضرورياً ومهماً لحماية الأملاك والمساكن. بينما يتطلب التأمين ضد الزلازل بوليصة خاصة، في المناطق المعرضة بشكل متكرر للزلازل، قد تكون مفيدة في حالة انهيار المنزل بالكامل. ومعظم بوالص التأمين ضد الزلازل تتضمن مجموعة كبيرة من الاستثناءات، ما يجعلها أحياناً غير مفيدة في حال انهيار المبنى جزئياً أو تلف الأثاث غير المصرح عنها.
سوق التأمين في سوريا صغيرة نسبياً، والتأمين الإلزامي الوحيد فيها هو تأمين الحوادث ضد الغير المفروض على جميع أنواع السيارات. في حين كانت بعض شركات التأمين السورية تقدم بوليصة تأمين على المنازل أو مكاتب العمل أو الشركات الخاصة، لحمايتها ومحتوياتها من بعض الأخطار المحتمل وقوعها، خاصة الحريق والسرقة. ومع ذلك، وخاصة للمنازل، لم يكن هذا الأمر منتشراً على نطاق واسع.
الحماسة الحكومية السورية في طرح بوليصة الزلزال، ترافقت مع ظل تراجع الحديث الحكومي عن خطة جدّية لإسكان المتضررين من الزلزال، وإحداث إدارة وصندوق وطني خاص بالكوارث، يقوم بتقديم السكن للمتضررين. صحيفة قاسيون الناطقة باسم حزب الإرادة الشعبية، قالت في 3 نيسان، إن مشروع المنتج التأميني الجديد وفقاً للتبني الحكومي يكرس اللامسؤولية الحكومية تجاه المتضررين من الكوارث المحتملة مستقبلاً، بالإضافة إلى الانحياز لمصلحة أصحاب الأرباح.
الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق إبراهيم العدي، لصحيفة البعث الرسمية في 14 شباط، إنه يمكن للتأمين الإلزامي على المنازل والمباني تخفيف حدة أخطار الكوارث الطبيعية وتخفيف الكلف إصلاح الأضرار. وأضاف أن التأمين يجب أن يشمل فقط المنازل والأبنية الجديدة حتى الجسور والطرقات والأبنية الضخمة. ويجب أن يكون التأمين الإلزامي مقترناً بالحصول على رخصة البناء. واقترح أن تكون أموال التأمين ضمن شركات تأمين تابعة للدولة، وبذلك ستكون موجودة بمثابة أرصدة مستقبلية.
في 8 آذار، نقلت صحيفة تشرين الرسمية، تصريحاً لمدير عام هيئة الإشراف على التأمين، أكد فيه أنه بعد مرور شهر على الزلزال، فإن التعويضات المتوقع سدادها من المؤسسة العامة السورية للتأمين وجميع شركات التأمين الخاصة، بعد كشفها على أضرار الزلزال، لن تتجاوز ملياري ليرة فقط. ويعود انخفاض قيمة التعويضات المُسددة للمؤمنين المتضررين، إلى انخفاض التغطية التأمينية لمخاطر الكوارث الطبيعية، بحسب وصف المدير.
هيئة الإشراف هي الهيئة الناظمة لأعمال قطاع التأمين وإعادة التأمين في سوريا ويرأسها وزير المالية. وفي سوريا 12 شركة تأمين خاصة، وشركة عامة هي المؤسسة العامة السورية للتأمين، وشركة واحدة لإعادة التأمين وهي شركة الاتحاد العربي لإعادة التأمين. جميع تلك الشركات منضوية في الاتحاد السوري لشركات التأمين.
الخبير في التأمين جورج أشقر، قال لصحيفة تشرين في 8 آذار، فالتوجه الحكومي لطرح منتج تأمين خاص يغطي مخاطر الكوارث الطبيعية، هو بمثابة دعوة لتقاسم فاتورة الأضرار التي قد تسببها أي كارثة طبيعية مستقبلية. وهذا النوع من منتجات التأمين له خصوصية، ولا بدّ من وجود اشتراطات وضوابط لبيعه؛ أهمها مقاومة البناء المراد التأمين عليه للزلازل. وهذا الأمر يجب أن تضمنه جهة رسمية معتمدة تصدر وثيقة تثبت المقاومة الإنشائية للبناء. وأضاف الخبير، إنه إذا كانت الحكومة معنية بالتعويض وإعادة بناء وترميم ما تهدمه الكوارث الطبيعية، فإنّ شركات التأمين تتحمل جزءاً من هذه المسؤولية من خلال بيعها منتجات تغطي هذه المخاطر، بأسعار وبدلات يجب دراستها مطولاً. ولأن المخاطر الناجمة عن الكوارث الطبيعية كبيرة، فإن شركة التأمين غير قادرة على تحمل هذه المخاطر، ويجب أن ترتبط بشركة إعادة تأمين تتحمل جزءاً من الخطر، بحسب أشقر.
وإعادة التأمين، هو التأمين الذي تشتريه شركة التأمين من شركة تأمين أخرى، لتحمي نفسها عن خطر المطالبات الكبيرة بالتعويض.
ولكن، يبدو بأن الحكومة السورية مستعجلة لطرح هذه البوليصة. إذ قامت لجنة فنية، من الاتحاد السوري لشركات التأمين، بإعداد دراسة حول البوليصة التأمينية الجديدة، وقدمت بعض المقترحات لتحديد قيمتها، وقيمة الأقساط، وسقف مبلغ التعويض.
وبحسب صحيفة الوطن، فقد ناقشت وزارة المالية وهيئة الإشراف على التأمين، في 28 أذار، مقترح اللجنة الفنية، وآلية عملها، والأدوات والإحصائيات المستخدمة ومصادر المعلومات والبيانات، والصعوبات التي تعترض طرح المنتج التأميني وأهمها عدم توفر خيار إعادة التأمين الخارجي. ولم توضح الصحيفة سبب عدم توفر هذا الخيار، ولكنه يبدو مرتبطاً بالعقوبات، وأيضاً لأن شركات إعادة التأمين الخارجية قد لا تقبل المعاملات المالية بالليرة السورية، بينما شركات التأمين السورية ستقبض قيمة بوالص التأمين بالليرة السورية.
عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق عمار ناصر آغا، قال لصحيفة الوطن في 29 آذار، بأن شركات التأمين السورية غير قادرة على تحمل خطر الأضرار الناجمة عن الزلزال. وأضاف أنه يجب إنشاء مجمع تأميني ضد الزلزال، تصب فيه أموال التأمين على المساكن، ويعطى جزء منها إلى شركات إعادة التأمين، التي تعطي بدورها جزءاً من الأموال إلى الشركات الخارجية لإعادة التأمين، للمساهمة في تحمّل الأضرار الناجمة عن الزلزال. ويمكن استثمار أموال التأمين، على المدى المتوسط والطويل، ويكون استثمارها في مطارح يمكن تسييلها بسرعة عند حدوث الزلزال.