مفتاح: مصادرة أملاك المتهمين في قضايا “الإرهاب” بين محكمتي الجنايات والإرهاب
تختلف الإجراءات المتبعة والأحكام الصادرة في قضايا “الإرهاب”، ما بين محكمتي الجنايات والإرهاب، بخصوص حجز أموال وعقارات المتهمين والتصرف بها. كما تختلف المحكمتان في الصلاحيات الممنوحة لهما، والضمانات المتوفرة للمحاكمات.
وكان القضاء العادي، ممثلاً بمحاكم الجنايات، هو صاحب الاختصاص الأصلي بالنظر في جميع الوقائع والقضايا ذات الوصف الجنائي بما فيها قضايا الإرهاب. إذ تضع المواد من 304 حتى 306 من قانون العقوبات رقم 148 لعام 1949، قضايا الإرهاب ضمن زمرة الجرائم الواقعة على أمن الدولة الداخلي.
ولكن، ومنذ وصول حزب البعث إلى السلطة في العام 1963، جرى تدريجياً نزع الاختصاص من محاكم الجنايات لصالح محاكم استثنائية لا تتقيد بالأصول القضائية ولا تحترم الضمانات القانونية مثل محاكم أمن الدولة. وفي العام 2012 توّج ذلك بإصدار القانون 22 القاضي بإحداث محكمة الإرهاب المختصة بتطبيق قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012. القانون 19\2012 ألغى المواد 304-306 من قانون العقوبات.
صلاحيات المحكمتين
وتعتبر صلاحيات محكمة الإرهاب مطلقة في كل مراحل المحاكمة من دون مراعاة الأصول القضائية أو احترام لضمانات وحقوق المتهمين. إذ أن المادة السابعة من القانون 22/2012 أعفت محكمة الإرهاب من التقيّد بالإجراءات المتبعة في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 112 لعام 1950.
وتمتد صلاحية محكمة الإرهاب لتشمل النظر في جميع قضايا الإرهاب المنظورة أمام المحاكم الأخرى. المادة 8 من القانون 22/2012 تنص صراحةً على أنه “تنقل إلى المحكمة المحدثة دعاوى الإرهاب التي هي قيد النظر أمام سائر المحاكم بحالتها الراهنة”. ويعني ذلك إعطاء الأولوية لمحكمة الإرهاب بالنظر في جرائم الإرهاب.
ومع ذلك، تنظر محاكم الجنايات في بعض قضايا الإرهاب، بشكل استثنائي، وذلك لتخفيف العبء عن محكمة الإرهاب. وتلتزم محكمة الجنايات في تطبيق الإجراءات القانونية المنصوص عنها في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 112 لعام 1950.
الحكم الغيابي واعادة المحاكمة
وتقتضي الأصول الجزائية المطبقة في المحاكمات الغيابية أمام محاكم الجنايات العادية، بإلغاء الحكم الغيابي وإعادة المحاكمة، في حال سلّم المتهم نفسه أو تم إلقاء القبض عليه، في جميع القضايا الجنائية الغيابية بما فيها الإرهاب.
أما محكمة الإرهاب فهي غير ملزمة بإعادة محاكمة المتهم المحكوم غيابياً، إلا إذا سلّم نفسه للمحكمة طواعيةً.
التصرف بأملاك المتهمين
وتختلف طريقة التعامل مع أموال وعقارات المتهم بالإرهاب بين كلا المحكمتين. وتكون سلطة محكمة الإرهاب مطلقة تجاه أموال المتهم، ابتداءً من قرار النائب العام بتجميد جميع تلك الأموال المنقولة وغير المنقولة، وحتى لو لم يكن لها علاقة بالجريمة، سواء كان المتهم مقبوضاً عليه أو يحاكم غيابياً.
وعند إصدار محكمة الإرهاب لحكمها بحق المتهم، حضورياً أو غيابياً، فإنها تصادر جميع ممتلكاته المنقولة وغير المنقولة، ولا تُرد إليه، وتعود إلى خزينة الدولة، وفقاً لأحكام المصادرة المتبعة، التي تقوم بها وزارة المالية.
بينما أمام محاكم الجنايات لا يصدر قرار حجز أموال المتهم المحاكم غيابياً بالارهاب، إلا بعد تبليغه واعطائه عشرة أيام للحضور أمام المحكمة، وفي حال عدم حضوره تجري عملية حجز ممتلكاته عن طريق النائب العام، الذي يقوم بإرسال كتاب إلى مديرية المصالح العقارية، من أجل وضع إشارة الحجز الاحتياطي على عقارات المتهم، وكذلك إلى إدارة أملاك الدولة، تمهيداً لبدء المحاكمة الغيابية.
وعند صدور الحكم الغيابي عن محكمة الجنايات بحق المتهم، توضع أملاكه تحت تصرف الدولة، والتي يقتصر دورها على إدارة تلك الأموال، وفقاً للأصول المتبعة في إدارة أملاك الغائب. إذ تجري تلك العملية من قبل وصي تعينه المحكمة، أي أنها لا تعود لخزينة الدولة. كما يمكن رد تلك الأموال للمتهم، في حال سقوط الحكم الغيابي بالتقادم، أو في حال إعلان براءته بعد تسليم نفسه أو القبض عليه وإعادة محاكمته. وفي هذه الحالة يعتبر الوصي مسؤولاً أمام المتهم في تقديم كشف بأعمال الإدارة التي قام بها.