مفتاح: ما تأثير قانون الأحوال المدنية الجديد على حقوق المسكن، الأرض والعقارات؟
أقر مجلس الشعب السوري في 1 أذار 2021، مشروع قانوناً جديداً للأحوال المدنية في سوريا. ليكون بديلاً عن قانون الأحوال المدنية رقم 26 لعام 2007 وتعديلاته. وضم القانون الجديد 79 مادة تتناول أحكاماً متعلقة بطرق التسجيل المدني والواقعات، كالولادات والزواج والطلاق والوفيات، وتصحيح قيود الأحوال المدنية، والبطاقات الشخصية والأسرية، والرسوم والغرامات والعقوبات. ولم ينشر القانون كاملاً بعد، ولن يأخذ طابع النفاذ حتى يوقع عليه رئيس الجمهورية، خلال مهلة شهر واحد، أو يعيده للمجلس معترضاً عليه مع تعليل الأسباب، بحسب الدستور السوري. وينتظر أيضاً صدور التعليمات التنفيذية للقانون لجلاء كثير من الغموض في مواده.
توظيف سياسي
يبدو أن الغرض الرئيسي من إصداره بهذا الوقت هو سياسي متعلق بالتحضير لتنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة هذا العام، عبر إعداد السجل الانتخابي لمن يحق لهم التصويت. وهذا ما توضحه المادتان 6-7 من القانون الجديد اللتان نصّتا على أن بيانات وقيود السجل المدني لها قوة الإثبات القانوني ومصدراً للإحصاءات الوطنية بأشكالها المختلفة. وتحاول الحكومة السورية عن طريق القانون الجديد، ضبط من يحق لهم التصويت، وحصرهم ما أمكن بالمناطق الواقعة تحت سيطرتها حالياً.
المادة العاشرة من القانون الجديد نصّت على أنه في حال فُقِدَت أو تلُفَت السجلات المدنية الورقية أو الالكترونية، أو اعتبرت القيود المدونة فيها أو المدخلة إلى حواسبها ملغاة لأي سبب إجرائي أو فني، تتم العودة إلى آخر نسخة احتياطية بموافقة الوزير، ويُعاد تسجيل ما فقد من بيانات. وكانت المادة 28 من قانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014 قد أعطت وزارة الداخلية مهمة إعداد السجل الانتخابي العام بالتنسيق مع وزارتي العدل والإدارة المحلية، والمكتب المركزي للإحصاء.
وقد يتم توظيف المادة العاشرة لعرقلة الاعتراف بالقيود المدنية لأعداد كبيرة من المُهجّرين قسراً إلى إدلب ومحيطها من المناطق التي استعادتها قوات النظام على امتداد الخريطة السورية. إذ يمكن هنا، الاعتماد على سجلات محافظة إدلب لما قبل العام 2011، باعتبار السجلات الحالية مفقودة أو تالفة، وذلك بالتوازي مع الاعتماد على السجلات الراهنة للمناطق التي استعادت الحكومة السيطرة عليها خلال السنوات الماضية. وسيجعل ذلك، من نسبة كبيرة من المُهجّرين قسراً إلى إدلب، ضائعة بين السجلين. ويبدو الأمر خطراً عندما يتعلق بنحو 3 ملايين مهجرين قسرياً إلى إدلب. كما يمكن القيام بخطوة مماثلة، في مناطق الإدارة الذاتية الكردية، شمال شرقي سوريا.
حقوق المسكن، الأرض والملكية
قد يتجاوز تأثير قانون الأحوال المدنية الجديد الموضوع السياسي إلى التأثير، بشكل غير مباشر على حقوق الأشخاص بالتصرف في ممتلكاتهم، وعلى قضايا الإرث. التأثير قد يكون مركزاً على سكان المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، والمغيبيبن قسراً والمعتقلين، وفي حالات الزواج من أجانب.
وأبرز ما يمكن توقعه حالياً هو أن تطلب السجلات العقارية، ممن يودون إجراء بعض المعاملات كالبيع والشراء إبراز بطاقاتهم الشخصية الجديدة، المقرر إصدارها بحسب القانون الجديد الذي لم يحدد موعداً لذلك بعد.
كما أن تعقيدات هائلة قد تتبع عدم الاعتراف بالوقائع المدنية من زواج، ولادة ووفاة، في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام حالياً، وكذلك بعدم الاعتراف بالوقائع التي جرت خلال فترة سيطرة المعارضة في المناطق التي استعادها النظام.
وسيتوجب على أصحاب تلك الوقائع إعادة تثبيتها من جديد. ومعذلك، تمنع المادة 44 من القانون الجديد، إحداث أية تعديل أو تصحيح على قيود الأحوال المدنية إلا بناء على حكم قضائي مكتسب للدرجة القطعية. أي أنه في هذه الحالة، يتوجب لتعديل أو تصحيح القيود المدنية، دخول مسار قضائي، بما يعني ذلك استبعاد الفئات الأكثر فقرا وتهميشاً منه، بسبب تكاليفه والحاجة إلى محامي.
ومن مخاطر قانون الأحوال المدنية السوري، الجديد، وكذلك القانون السابق رقم 26 لعام 2007، تُعقّيد اثبات حقوق الورثة، في حالات التغييب القسري لمن ترفض الحكومة السورية الاعتراف بوجودهم في سجونها، أو من القتلى تحت التعذيب ممن ترفض إدارات السجون اصدار شهادات وفاة لهم. إذ ربطت المادتان 37-38 من القانون تسجل وقائع الوفاة في السجون والمحاجر والمستشفيات، بشهادات يقدمها مديرو هذه المؤسسات أو من ينوب عنهم، على أن تمسك هذه المؤسسات سجلات خاصة بوقائع الوفاة. ويُعقّدُ عدم الحصول على شهادة الوفاة، أو تغيير تاريخها، من مسألة الإرث، والحدّ من قدرة عائلات الضحايا على التصرف بأملاكهم.