مفتاح: لجان السلامة العامة
مؤخراً زاد الاعتماد على التقارير الهندسية التي تُصدرها لجان السلامة العامة لتحديد المخاطر على السلامة الإنشائية للأبنية، خاصة في المناطق المتضررة من العمليات القتالية. كما بات حصول النازحين على تلك التقارير شرطاً لازماً للسماح بعودتهم إلى بيوتهم في بعض المناطق المدمرة جزئياً.
ورغم أهمية تلك التقارير، ومخاطرها على حقوق السكن والأرض والملكية، فليس هناك من تعريف واضح للجان السلامة العامة، ولا توصيف موحد واضح لمهامها وطبيعة عملها. كما أن شكوكاً تحوم حول حيادية عمل هذه اللجان، وسط اتهامات من المعارضة لها بالخضوع لتدخلات الأجهزة الأمنية.
وقد أتاح قانون الإدارة المحلية الصادر بالمرسوم رقم 107 لعام 2011، لمجالس الوحدات الإدارية تشكيل لجان متعددة دائمة أو مؤقتة، من أعضائه أو من غيرهم، من أصحاب الخبرة والاختصاص، للقيام بمهام محددة. القانون 107 قال بأن النظام الداخلي لوزارة الإدارة المحلية هو من يحدد طبيعة هذه اللجان وتكوينها وأسلوب عملها. سيريا ريبورت لم تتمكن من الحصول على النظام الداخلي لوزارة الإدارة المحلية والبيئة.
وفي العموم يمكن الاستنتاج بأن مجلس الوحدة الإدارية يقوم بتشكيل لجنة سلامة عامة أو أكثر، ويوكل إليها مهاماً تتنوع ما بين دراسة الطرق المتاحة للتخلص من النفايات الطبية، إلى معالجة قضايا السلامة الإنشائية للأبنية المعرضة للانهيار. ويتراوح عدد أعضاء اللجنة الواحدة ما بين 6 إلى 20 عضواً.
ومن بين لجان السلامة العامة أنواع متعددة بعضها هندسية مسؤولة عن إصدار التقارير حول السلامة الإنشائية للأبنية أو نسب الدمار في منطقة ما، وأحياناً تسمى هذه اللجان المختصة باللجان الفنية، أو لجان الترابط الانشائي أو لجان الانشاء والتعمير أو لجان تقييم المباني المتضررة. وتعود تلك الأسماء المختلفة إلى عدم وجود معايير موحدة لتسمية اللجان ولا لتوصيف مهامها. ودائما ما يتسبب ذلك بالخلط فيما بينها.
ويجب الإشارة إلى أن نقابة المهندسين تقوم أيضاً بدراسة السلامة الإنشائية للأبنية، ولكن يعود للوحدة الإدارية الاستعانة بالنقابة أو تشكيل لجنة سلامة عامة خاصة بها. وهذا المقال، يتناول فقط لجان السلامة العامة التابعة للوحدات الإدارية.
وفي كل الأحوال، ورد ذكر لجنة السلامة العامة بشكل صريح فقط في قانون إزالة مخالفات البناء رقم 40 لعام 2012. وقالت المادة الثانية من القانون 40/2012 بأنه يتوجب إزالة المبنى المخالف وتغريم المسؤولين عن إشادته ومعاقبتهم بالسجن، إذا كان غير حائز على متانة كافية بما قد يُعرّضه للانهيار، وذلك بالاستناد إلى تقرير لجنة السلامة العامة في المحافظة.
وقد زاد اعتماد الوحدات الإدارية، خاصة في المناطق المتضررة من الأعمال القتالية السابقة، على عمل لجان السلامة العامة. وباتت اللجان مسؤولة عن تحديد مستويات المخاطر على بناء ما، في حال وجودها. وأيضاً اللجان باتت مسؤولة عن تقديم توصيات تتراوح بين إزالة بناء ما، أو تدعيمه، أو الإبقاء عليه بصورته الراهنة.
في بعض مناطق سيطرة المعارضة التي خضع سكانها للتهجير القسري، كما في الحجر الأسود في دمشق، يتوجب على الراغبين بالعودة إلى منازلهم، تحقيق مجموعة من الشروط، منها قيام لجنة فنية من البلدية، بالكشف على البناء وتقييم الأضرار فيه. وفي حال كونه صالحاً للسكن، يتوجب على صاحب العقار التقدم بطلب للحصول على إذن لترميم البناء من البلدية.
في آذار 2022، أزال مجلس مدينة حلب كتلاً سكنية في أحياء حلب الشرقية، بعدما كشفت لجنة السلامة العامة عليها واكتشفت وجود تصدعات خطيرة فيها. وفي نيسان، أزال مجلس مدينة حلب مباني في أحياء حلب الغربية، بعدما أصدرت لجنة السلامة العامة تقارير بإنها مخالفة أو آيلة للسقوط. ولكن الحملة بدت سياسية لا بموجب مقتضيات السلامة الإنشائية فقط، إذ استهدفت عقارات يملكها غائبون، معظمهم مُهجّرين قسرياً، إلى مناطق المعارضة خارج مدينة حلب.
في مخيم اليرموك مثلاً، في العام 2019، عملت لجنة ترابط إنشائي مع الشركة العامة للدراسات الهندسية على فحص العقارات وتحديد إذا ما كانت قابلة للسكن، أو متصدعة بحاجة تدعيم للقيام بتدعيمها، أو متهدمة وغير قابلة للسكن. واقترحت اللجنة حينها بناء طوابق اضافية فوق المباني السليمة.
كما أن لتقارير لجان السلامة العامة دور كبير في تحديد المصير العمراني لمناطق محددة. إذ تقوم اللجان بتحديد نسبة الدمار في منطقة ما، التي تسمى أحياناً بالعامل التنظيمي للمنطقة. وبالاعتماد على هذا العامل، يمكن للوحدة الإدارية أن تقرر إغلاق المنطقة وهدمها بالكامل والعمل على إصدار مخطط تنظيمي جديد لها، كما حدث في منطقة القابون الصناعية. وكانت نقابة مهندسي دمشق قد أصدرت تقريراً حول السلامة الإنشائية لمنطقة القابون الصناعية والذي جاء مناقضاً في مخرجاته لتقرير لجنة السلامة العامة، ما يشير إلى احتمال تسيس نتائج عمل لجنة السلامة العامة.