مفتاح: طرق وآليات الاعتراض على أعمال التحديد والتحرير
أتاح نظام التحديد والتحرير لأصحاب الحقوق إمكانية الاعتراض على نتائجه. لكنه، في الوقت نفسه، قيّد آليات الاعتراض في بعض المحلات، ما قد يؤثر على حقوق الملكية الأرض والسكن.
ونظام التحديد والتحرير خاص بمسح المناطق التي لم توثّق بعد في السجل العقاري. وينتج عن العملية برمتها، افتتاح صحف عقارية للعقارات في المنطقة المعنية، وتخصيص أرقام لها، وتسجيلها بأسماء المالكين لها، في المصالح العقارية.
ومنح نظام التحديد والتحرير الصادر بالقرار رقم 186 لعام 1926 أصحاب الحقوق فرصة تقديم اعتراض على قرار القاضي العقاري خلال خمسة عشر يوماً من انتهاء أعمال التحديد والتحرير. وينظر القاضي العقاري ذاته، بتلك الاعتراضات، وبعد ذلك، يبلّغ الأطراف موعد جلسات النظر في الاعتراضات. وخلال تلك الفترة يمكن للقاضي زيارة العقار لإجراء التحقيق، برفقة مهندس والمختار وأطراف الدعوى الذين يجري تبليغهم بواسطة المختار. كما يمكن لأطراف الدعوى تبادل الدفوع والردود، وكذلك تقديم طلبات لسماع الشهود. وبعد انتهاء جميع تلك الإجراءات يصدر القاضي العقاري حكمه في القضية.
إلا أن تقديم الاعتراض أمام ذات القاضي العقاري الذي أصدر قرار التحديد والتحرير، لا يشكل ضمانة حقيقية للمُعترض. فالقاضي العقاري، الذي سينظر في دعوى الاعتراض، سبق وتشكّلت لديه قناعة مسبقة ومن غير المرجّح تغييرها. وإذا أراد طرف ما، الاعتراض على القاضي العقاري، فسينظر في الاعتراض قاضٍ عقاري آخر. وهذا مخالف للقواعد العامة التي تفرض على مرجعية قضائية أعلى النظر في طلب رد القاضي.
وبحسب القرار 186 لعام 1926، فإنه إذا لم يحضر المعترض موعد الجلسة فيعتبر اعتراضه لاغياً. أما، إذا لم يحضر المُدّعى عليه، فتتم متابعة السير في الدعوى بمواجهته حتى صدور الحكم. ولكن يحق للمُدعى عليه استئناف الحكم خلال مدة خمسة عشر يوماً. وإذا تبيّن للقاضي أن المعترض قد تقدّم باعتراضه عن سوء نية للإضرار بصاحب الحق، فيمكن للقاضي أن يحكم على ذلك المعترض بالتعويض.
ويكون قرار القاضي العقاري الذي يبت في الاعتراضات قابلاً للاستئناف، خلال خمسة عشر يوماً، أمام محكمة استئناف المنطقة. ويمكن للمحكمة إجراء التحقيق المحلي والانتقال إلى موقع العقار، ثم إصدار حكم الاستئناف مبرماً. ولكن، إذا صدر الحكم غيابياً، يمكن للمُستأنفِ عليه، الاعتراض على القرار الاستئنافي. ولا يوقف الاستئناف عملية تسجيل العقار في السجل العقاري على اسم من صدر القرار لمصلحته، لكن قد يؤدي إلى حصول مشاكل قانونية إذا صدر حكم الاستئناف بفسخ قرار القاضي العقاري.
من جهة ثانية، وبعد اختتام أعمال التحديد والتحرير، يحق لمن يدعي بوقوع خطأ في عملية تسجيل عقار، ولم يسبق له الاعتراض أمام القاضي العقاري، أن يتقدّم بدعوى للمطالبة بفسخ التسجيل أمام المحاكم المدنية. ويشترط تقديم هذه الدعوى خلال السنتين التاليتين لإبرام قرار القاضي العقاري. والحكم الصادر عن المحكمة المدنية يقبل الاستئناف أيضاً. ولكن، حكم الاستئناف يكون مبرماً لا يقبل أياً من طرق المراجعة.
وهنا، يمكن للمدعي أن يثبت وقوع الخطأ في أعمال التحديد والتحرير، أو أن يثبت أنه صاحب الأسبقية في التصرف بالعقار. ويكون الإثبات بكافة الطرق المتاحة، وفقاً لاجتهاد محكمة النقض في القرار 962 لعام 1955 القائل: “ليس من العدل قبول كافة أدلة الجهة المدعى عليها لدى لجنة التحديد والتحرير عند تسجيل العقار باسمها، ولا تُقبل الأدلة نفسها من الخصم عند الاعتراض على ذلك، ولا سيما إذا لم يكن المدعي خصماً خلال عملية التحديد والتحرير”.
وبعد انقضاء مهلة السنتين، تصبح قيود التسجيل العقاري ذات قوة ثبوتية، لا يمكن أن تكون عرضة لأية دعوى، إلا في حالة الغش والخداع. وعند ذلك، يمكن للمتضرر إقامة دعوى المطالبة بالتعويض فقط على متسبب الضرر دون الحق بإقامة دعوى فسخ التسجيل. ويسقط الحق بإقامة هذه الدعوى بمرور خمس سنوات، وفقاً لأحكام المرسوم رقم 48 لعام 2008 الخاص بتعديل القرار 188 لعام 1926 المتضمن نظام السجل العقاري.