مفتاح: دائرة السجلات العقارية في عفرين
في العام 2018، أسست المعارضة للمرة الأولى في منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي، دائرة للمصالح العقارية. ويشرف على عمل الدائرة المكتب القانوني التابع لمجلس مدينة عفرين المحلي المعارض. ويتلقى موظفو الدائرة، الذين يزيد عددهم عن 30، رواتبهم من الحكومة التركية، مثلهم مثل موظفي المجالس المحلية في مناطق المعارضة بريف حلب.
ولم يكن في عفرين تاريخياً دائرة للمصالح العقارية، على عكس بقية المناطق في حلب. بل ظلت عفرين، ذات الغالبية الكردية، مرتبطة مباشرة بمديرية المصالح العقارية في مدينة حلب. في العام 2009 افتتحت مديرية المصالح العقارية في حلب مكتباً تابعاً لها في عفرين اقتصر دوره على تسجيل المعاملات والعقود وإرسالها إلى مقر المديرية في مدينة حلب.
عدم وجود دائرة مصالح عقارية في عفرين، تسبب بتأخر إجراء عمليات التحديد والتحرير لأراضيها، وبقاء جزء كبير من أراضيها خارج المخططات التنظيمية. ويضاف إلى ذلك معاناة عفرين من التعميم الأمني الخاص بالمناطق الحدودية الصادر في السبعينيات، والذي يمنع على أصحاب العقارات، وعلى مسافة 15 كيلومتراً من الحدود، من التصرف في أملاكهم من دون موافقة أمنية مسبقة. هذا، بالإضافة تأخر عمليات الفرز، وبالتالي بقاء نسبة كبيرة من العقارات مملوكة على الشيوع. وتسبب كل ذلك بدفع الناس إلى إجراء معاملات عقارية “خارجية” أي غير موثقة في السجلات العقارية.
بين العامين 2012-2018 سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية على منطقة عفرين، وخضعت سياسياً لحكم الإدارة الذاتية التي أسست فيها شعبة للسجلات العقارية. وعملت الشعبة خلال تلك الفترة على فَرز لكثير من العقارات، وتنظيم معاملات عقارية جديدة وتوثيق معاملات عقارية قديمة.
وخلال تلك الفترة، حدث توسع عمراني كبير في عفرين، معظمه مخالف، بسبب استقرار المنطقة نسبياً واستقبالها أعداداً كبيرة من النازحين. وسجلت شعبة السجلات العقارية عمليات بيع لـ20 ألف شقة جديدة في عفرين، ولكنها ظلت غير موثَّقة في دائرة المصالح العقارية في حلب. وفعلياً، لا توجد إثباتات لملكية تلك الشقق السكنية، إلا عبر عقود بيعٍ صدرت فيها أحكام عن المحاكم التابعة للإدارة الذاتية.
في العام 2018 سيطرت فصائل معارضة مدعومة من تركيا، على كامل منطقة عفرين في عملية غصن الزيتون، ما تسبب بنزوح جزء كبير من سكانها الأصليين ومعظمهم من الأكراد، وما رافق ذلك من انتهاكات لحقوق السكن، الأرض والملكية. كما نزح إلى عفرين أكثر من مائة ألف مهجّر قسرياً من أرياف دمشق وحمص وحلب سكن جزء كبير منهم في منازل النازحين الأكراد.
ومنذ ذلك الوقت، تواجه المعارضة أزمة كبيرة في معالجة قضية الملكيات العقارية في عفرين، لثلاثة أسباب رئيسية: أولا، لأن قاعدة البيانات العقارية لما قبل العام 2011 في عفرين موجودة فقط لدى دائرة المصالح العقارية الرئيسية في مدينة حلب. وثانياً، بسبب وجود عدد كبير من الوثائق العقارية التي تركتها شعبة السجلات العقارية التابعة للإدارة الذاتية، ومعظمها يعود لبناء مخالف. وثالثاً، حدوث توسع عمراني كبير، ومعظمه مخالف أيضاً، بعد سيطرة المعارضة خاصة بعد العام 2021.
في العام 2019، تم تأسيس مكتب المساحة التابع لدائرة المصالح العقارية، والذي بدأ بدوره بإنشاء قاعدة بيانات لمالكي وشاغلي العقارات. وقام مكتب المساحة بإجراء مسحٍ لمدينة عفرين، ويقوم حالياً باستكمال العملية في ريفها. ويعطي المكتب ضمن عملية المسح رقماً لكل شارع، ورقماً لكل عقار، بغرض معرفة عدد العقارات وهوية شاغليها وعناوينهم.