مفتاح: حقوق الارتفاق المقررة للمنفعة العامة
أصدرت رئاسة مجلس الوزراء القرار رقم 1141 في 9 تموز 2023، الذي فرض حق الارتفاق على مجموعة من العقارات الواقعة ضمن مسار وحرم خط كهرباء التوتر العالي 66 المار بين بلدتي الكسوة بريف دمشق والصنمين في درعا. وتضمن القرار 1141 إحداث حقوق ارتفاق للنفع العام، كحق المرور في أرض الغير، ووضع الأعمدة والأبراج بما فيها تمديد الكابلات الكهربائية والهوائية.
القانون المدني السوري رقم 84 لعام 1949، كان قد نظم أحكام حق الارتفاق، وأفرد له المواد من 960 حتى 993.
ووفقاً للمادة 960 من القانون المدني يُعرّف حق الارتفاق، بأنه تكليف مفروض على عقار معين، لمنفعة عقار آخر معين مملوك لشخص آخر. وبالتالي فحق الارتفاق حق عيني، يقع على العقار لمنفعة عقار آخر، وليس حقاً شخصياً على صاحب العقار. وهذا ما أكده أيضاً الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض رقم 622 أساس 663 تاريخ 28/8/1960. ومع ذلك، يحد حق الارتفاق من سلطة صاحب العقار في استعمال بعض حقوقه على عقاره، أو منح أصحاب عقارات مجاورة حقوقاً استعمال للعقار المعيّن.
كما عددت المادة 961 من القانون المدني، أنواع حق الارتفاق؛ وهي إما ارتفاق طبيعي أي من فعل الطبيعة، كمرور مجرى مياه من الأراضي المرتفعة إلى أراضي منخفضة، وهو لا يحتاج إلى تسجيل في السجل العقاري. أو أن يكون حق الارتفاق بموجب قانون، إما للمنفعة العامة أو الخاصة، وهنا أيضاً لا يحتاج للتسجيل في السجل العقاري. والنوع الثالث هو حق الارتفاق الاتفاقي، الذي يرتبه الأفراد على عقاراتهم بالاتفاق فيما بينهم، وهذا النوع يستوجب تسجيله على صحيفة العقار.
المادة 967 من القانون المدني أحالت إلى القوانين والأنظمة الخاصة تحديد حق الارتفاق القانوني العائد للمنفعة العامة، كالتمكين من الوصول إلى شواطئ البحر وضفاف مجاري المياه، أو تأمين أو تسهيل مهمة إعداد المسالك أو المنشآت العامة، والعناية بها أو استعمالها، وعلى الأخص المنشآت العسكرية البرية أو البحرية.
قانون الاستملاك الصادر بالمرسوم 20 لعام 1983، كان قد منح الجهات العامة إحداث حقوق ارتفاق على العقارات التي يجوز استملاكها لتنفيذ المشاريع للمنفعة العامة. المادة 37 من المرسوم 20\1983 اشترطت لإحداث حق الارتفاق للمنفعة العامة صدور مرسوم بناء على اقتراح الوزير المختص، وأن يكون الارتفاق مقابل تعويض، نظرا لما ينطوي على ذلك من تأثير واضح يؤدي إلى إلحاق الضرر بحق الملكية العقارية. كما هو الحال في تقرير حق ارتفاق بمرور أسلاك التوتر الكهربائي فوق عقارات خاصة حيث يؤدي إلى إلحاق الضرر بجميع تلك العقارات التي يمر منها التوتر ويؤدي إلى انخفاض قيمتها، ولذلك فإن العدالة تقتضي تعويض أصحاب العقارات المتضررة من جراء ذلك.
قرار مجلس الوزراء 1141 لم يتضمن إشارة إلى أي تعويض محتمل لأصحاب العقارات الذين تقرر فرض حق ارتفاق على عقاراتهم، وهو ما يجعله مخالفاً للمادة 37 من مرسوم الاستملاك رقم 20/1983. ويمكن في هذه الحالة لأصحاب تلك العقارات، اللجوء إلى القضاء الإداري، للمطالبة بفرض تعويض عن حق الارتفاق المقرر للمنفعة العامة على عقاراتهم.
من جانب آخر، في الحالات التي يجري فيها تنفيذ الاستملاك أو الارتفاق للمنفعة العامة دون مرسوم، كما هو الحال في القرار 1141، فإن ذلك يشكل اعتداء على الملكية. حيث يعتبر الاجتهاد القضائي الصادر بالقرار رقم 606 أساس 640 لعام 1996، أن وضع اليد على عقار الغير بدون إصدار مرسوم استملاك، هو تصرف غير مشروع يتصدى القضاء العادي صاحب الولاية العامة للفصل في طلب التعويض.