مفتاح: تزوير سندات الملكية العقارية في القانون السوري
تنتشر عمليات تزوير سندات الملكية العقارية، التي تقف خلفها شبكات متخصصة، في معظم مناطق سيطرة حكومة دمشق.
وتستغل تلك الشبكات وجود مالكي كثير من العقارات خارج البلاد، وسط عدم قدرتهم على العودة أو المطالبة بممتلكاتهم، أو اتخاذ إجراءات قانونية لحمايتها. وتقوم هذه الشبكات بنقل الملكية، بناءً على وثائق مزورة أو بالتواطؤ مع قضاة وموظفين في المحاكم والمصالح العقارية.
واتخذ القانون السوري موقفاً حازماً من عمليات التزوير في وثائق الملكية العقارية. المادة 14 من قانون السجل العقاري لعام 1926، تقول إن التسجيل يكون مغايراً للأصول، إذا تم “بدون وجه حق”، وكل من يتضرر من ذلك يمكنه الادعاء بعدم قانونية التسجيل. المادة 15 تؤكد أن من تضررت حقوقه، بسبب تغيير في السجلات من دون سبب مشروع، فله الحق بإلغاء التغيير. إذ أن صاحب الملكية يستمد حقه من السجلات العقارية. الوثائق الباطلة أو المزورة لا تُعطي صاحبها أي حق في الملكية.
وأكدت محكمة النقض في اجتهاد لها بأن عمليات التزوير في سندات الملكية، تندرج ضمن نطاق التسجيل بدون وجه حق أو بدون سبب مشروع. قرار الهيئة العامة لمحكمة النقض رقم 59/41 عام 1972، فسّر أن التسجيل بدون حق، يمكن أن يشمل كلا من؛ أن يكون التسجيل قد تم بغياب صاحب العلاقة، أو بُني على الغش أو التدليس، أو على إفادة أو وكالة مزوّرة. التسجيل في هذه الحالات لا يتم استناداً إلى السجلات العقارية، وإنما إلى التزوير فيها. وبالتالي، يُلغى السجل المُعتمد على مستندات غير صالحة.
اجتهاد حديث صادر عن الهيئة العامة لمحكمة النقض بالقرار رقم 111 لعام 2016، اعتبر أن عبارة “دون حق” الواردة في المادة 14 من قانون السجل العقاري، تشمل كل أسباب الإبطال السابقة. ويعتبر السجل في هذه الحالات ملغى، ويجري الإبطال من خلال إقامة دعوى “فسخ التسجيل” أمام محكمة البداية المدنية التي يقع في دائرتها العقار.
ولا يقف الأمر عند ذلك الحد. التزوير في الأحكام القضائية أو وكالة الكاتب بالعدل وعقود التوثيق العقاري الرسمية، والاستناد إليها للتسجيل في السجل العقاري، تعتبر تزويراً في المحررات الرسمية. وهذا، تزوير جنائي الوصف، يعاقب مرتكبه بالأشغال الشاقة المؤقتة لخمس سنوات على الأقل، وفقاً للمادة 446 وبدلالة المادة 447 من قانون العقوبات. وفي هذه الحالات تحكم محكمة الجنايات بإبطال السجل الذي استند إلى وثائق مزورّة.
وبناءً على ذلك، فإن كل من تعرّض لعملية سلب ملكية عقارية، استناداً إلى وثائق مزورة، يمكنه إقامة دعوى أمام القضاء الجزائي والادعاء بواقعة التزوير، كما يمكن له إقامة دعوى فسخ التسجيل أمام القضاء المدني.