مفتاح: تأجير عقارات الأوقاف
تشغلُ اليوم الأملاك الوقفية، خاصة في مناطق سيطرة المعارضة، موقعاً مركزياً من النقاش حول إعادة استثمارها بالشكل الأنسب وإشادة مشاريع سكنية عليها.
وجزء من الأملاك الوقفية هي أراضٍ زراعية خاصة خصصها أصحابها كوقف “لوجه الله” يعود بالنفع على الناس. والوقف يعني خروج ملكية الشيء من يد مالكه، بإرادته، بحيث تؤول منافعه للناس، ولا يجوز انتقال ملكيتها لأحد. وتُعتبر عقارات الأوقاف ذات طبيعة خاصة، أي أنها ليست أملاك دولة ولا أملاك أفراد، وإن كان معظمها في الأصل من أملاك الأفراد، إلا أنهم تبرعوا بها.
تأجير واستثمار العقارات الوقفية
تأجير العقارات الوقفية معروف في الفقه الإسلامي، وهو محل خلاف بين من يجيزه لمدد طويلة ومن يمنعه. وقد أجازت القوانين السورية تأجيرها لمدد طويلة، على أن يؤدي ذلك إلى تحقيق منفعة أكبر للمال الوقفي والمجتمع. ويتفق ذلك مع الاجتهاد الفقهي المعاصر القائل بإمكانية استثمار أملاك الأوقاف بما يُحقق ربحاً أكبر يسهم في تحقيق أهداف الوقف الاجتماعية. ويتجلى ذلك بمنح حق الاستثمار والمنفعة للغير، مقابل إيجار يُدفع للأوقاف، مع بقاء أصل الملكية وقفياً.
قبل العام 2011، كانت وزارة الأوقاف، عبر مديرياتها، تقوم بتأجير العقارات الوقفية، سواء أكانت أراضٍ زراعية أو دوراً سكنية أو محال تجارية، عن طريق المزادات العلنية. ويدفع المستأجر مبلغاً يسمى “هبة” لصالح مديرية الأوقاف، مع إيجار سنوي رمزي. ويكون عقد الإيجار لمدة محددة، لكنه قابل للتجديد الضمني. وينطبق على تأجير هذه العقارات أحكام عقود الإيجار في القانون المدني، مع اشتراط توثيقه من قبل وزارة الأوقاف ومديرياتها.
بعد العام 2011 تعرضت عقارات الأوقاف لتجاوزات كثيرة، ومنها امتناع المُستأجرين عن دفع الايجارات، أو الاستيلاء على أراض وقفية والبناء عليها بشكل غير مشروع. وشهدت هذه التجاوزات كثيراً في مناطق سيطرة المعارضة، خاصة في ريف حلب، في ظل الحاجة الماسة للموارد والسكن للنازحين. ومنذ العام 2018، عملت المجالس المحلية ومكاتب الأوقاف، التابعة للمعارضة، على إعادة تنظيم وإدارة عقارات الأوقاف، سواءً من خلال رفع يد الغاصبين عنها، أو إعادة تخمين أجور العقارات المؤجرة، أو حتى استثمارها بمشاريع تعود بمنفعة أكبر على الأوقاف وبالتالي على الناس.
حق الإجارتين
وفي توسيع لحقّ تأجير العقارات الوقفية، المادة 1004 وما بعدها من القانون المدني الصادر في العام 1949، أعطت مديريات الأوقاف حق استغلال عقارات الأوقاف بشكل أكبر، ولمدة طويلة عبر ما يسمى ” حق الإجارتين”. وبموجب هذا الحق يكتسب شخص ما، وبصورة دائمة أحقية استعمال واستغلال عقار وقفي، مقابل دفع مبلغ مالي أقل من قيمة العقار، إضافة لتسديده بدل إيجار سنوي رمزي. ويمكن هنا إعادة تخمين ذلك الإيجار السنوي. ويستطيع الشخص أن يستعمل العقار وينتفع به، أو حتى أن يتنازل عنه للغير. كما ينتقل حق المنفعة لورثته من بعده، لكن يجب أن يبقى أصل الملكية وقفياً.
كما يعدّ المنتفع بموجب حق الإجارتين على عقار وقفي، هو صاحب حق عيني أصلي، ويسجّل ذلك في صحيفة العقار، وفقاً لما نصت عليه المادة 4 من القرار رقم 189 لعام 1926 الخاص باللائحة التنفيذية لقانون السجل العقاري.