مفتاح: الوصية عند الدروز
لا تختلف أحكام الميراث عند طائفة الموحدين الدروز، عن غيرها لدى بقية الطوائف الإسلامية، وذلك بحسب قانون الأحوال الشخصية رقم 59 لعام 1953 المستمد من أحكام الشريعة الإسلامية. ولكن تختلف طائفة الدروز عن بقية الطوائف بخصوص أحكام الوصية.
أحكام الوصية عند الدروز
في المذهب الدرزي تُعتبرُ الوصية فرضاً وواجباً على كل مؤمن. ولذا منحت المادة 307 من قانون الأحوال الشخصية رقم 59 طائفة الدروز حق تنظيم بعض مسائل الأحوال الشخصية الخاصة بهم، وأقرت بالوصية. ويعني ذلك منح الموصي الحق في توزيع ماله بالكيفية التي يراها مناسبة تحت بند الوصية.
ويرتبط ذلك عند الدروز بإرادة الشخص أساساً، فله أن يوصي بالميراث لمن يشاء ويحرم من يشاء. المادة 307 فقرة ح من القانون 59 تنص: “تنفذ الوصية للوارث ولغيره، بالثلث وبأكثر من الثلث”. وحكم الوصية لدى الدروز هو الأولى بالتنفيذ قبل أحكام الميراث.
ولا بد لتنفيذ الوصية من استمرار بقائها صحيحة من وقت إنشائها حتى موت الموصي. إذ تبطل الوصية في حالات متعددة، منها رجوع الموصي عن وصيته، أو فقده لأهليته العقلية، أو موت الموصى له، أو هلاك الموصى به قبل وفاة الموصي.
اختلاف الدين أو الملة بين الموصي والموصى له لا يعد مانعاً لتنفيذ الوصية، إذ أن رغبة الموصي هي المعيار الأول في اختيار كيفية توزيع ماله من بعده.
آليات تطبيق أحكام الوصية عند الدروز
يجب تثبيت الوصية تمهيداً لتنفيذها. أي أنها لا تصبح نافذةً قانوناً إلا بعد صدور حكمٍ قضائي بذلك. وهنا، يجب على الموصى لهم، أو أحدهم، رفع دعوى قضائية بطلب تثبيت الوصية أمام المحكمة المذهبية للموحدين الدروز في مركز مدينة السويداء، أو أمام المحكمة المذهبية الثانية في أشرفية صحنايا بريف دمشق.
والخصوم في هذه الدعوى هم جميع الموصى لهم، وجميع الورثة غير الموصى لهم، وذلك بهدف تمكينهم من إبداء معارضتهم على تثبيت الوصية.
وبعد إبداء أطراف القضية أسانيدهم ودفوعاتهم، وكافة الأدلة المتاحة لديهم، يجب على قاضي المذهب إصدار حكمه الفاصل في موضوع الوصية. فإما أن يثبتها ويحكم بصحتها، أو أن يرُدّ دعوى تثبيتها فتطبّق حينها أحكام الإرث وتعتبر الوصية كأنها لم تكن أصلاً.
وفي الحالتين، يعتبر الحكم قابلاً للطعن أمام الغرفة الشرعية في محكمة النقض في العاصمة دمشق، والمختصة بقضايا الأحوال الشخصية. ويجب أن يحصل الطعن خلال ثلاثين يوماً من تبليغ الخصوم بالقرار.
وفي حال صدّقت محكمة النقض القرار المثبّت للوصية، يكتسب الحكم الدرجة القطعية ويصبح قابلاً للتنفيذ أصولاً أمام دائرة التنفيذ المدنية والشرعية التابعة لوزارة العدل. وتشرع الدائرة في إجراءات تنفيذ القرار بمخاطبة السجل العقاري، بغرض نقل الملكية العقارية للموصى لهم، وفقاً لمضمون الحكم.