مفتاح: الموافقات الأمنية على العمليات العقارية
ما زالت الموافقة الأمنية المسبقة شرطاً لازماً لإجراء المعاملات العقارية في سوريا، أو المعاملات المرتبطة بها مثل الوكالات العامة والخاصة.
وشرط الحصول المسبق على الموافقة الأمنية مُطبّقٌ على الإجراءات المرتبطة بنقل ملكية عقار ما، كالبيع والفراغ وإزالة الشيوع، ومعاملة حصر الإرث، وبيع العقارات بالمزادات العلنية. وكذلك استخراج براءة ذمة للعقار من مديريات المالية في المحافظات تحتاج أيضاً إلى موافقة أمنية. كما يجب الحصول على الموافقات الأمنية على عمليات مرتبطة بإجراءات البيع ونقل الملكية، مثل الوكالات العامة والخاصة “الداخلية” أي تلك التي يتم تنظيمها في مناطق سيطرة النظام.
في العام 2018، أصدرت وزارة الداخلية أمراً رقمه 984\4\2 نصت فيه على استثناء بعض الوكالات الخاصة الخارجية، أي التي يجري تنظيمها في السفارات السورية في الخارج، من شرط الحصول على الموافقة الأمنية. ومن هذه الوكالات الخاصة المستثناة، تلك المرتبطة بتسجيل وقائع الأحوال المدنية والشخصية، وتلك المرتبطة بالمراجعات الإدارية لشعب التجنيد، وغيرها.
الملفت أن شرط الحصول على الموافقة الأمنية أضيف مؤخراً إلى المزيد من الاجراءات. مثلاً، نهاية آب الماضي، أصدرت وزارة العدل، التعميم رقم 22، الذي جعل من الحصول على الموافقة الأمنية شرطاً لإتمام إجراءات دعوى تثبيت الوفاة في المحاكم الشرعية. وكانت وزارة العدل قد أصدرت في أيلول 2021، التعميم رقم 30، الذي ربط إصدار إصدار الوكالة القضائية لإدارة أموال الغائب أو المفقود بشرط الحصول المسبق على الموافقة الأمنية اللازمة.
وفي الأصل، أضاف قرار مجلس الوزراء رقم 4554 في آب 2015 الموجه لوزارة الإدارة المحلية، البيوع العقارية للمساكن والمتاجر في المناطق المنظمة وغير المنظمة، للإجراءات التي تتطلب موافقةً أمنية.
وعملياً، يتقدّم صاحب العلاقة إلى الفرع الأمني المسؤول عن المنطقة التي يقع فيها العقار، بطلب للحصول على إذن يتيح له استكمال العملية العقارية الخاضعة لشرط الموافقة الأمنية المسبقة. ويتم تقديم الطلب بشكل مباشر، أو عن طريق البريد الإداري الخاص بالمؤسسات الرسمية.
وبعد ذلك، يتكفل ذلك الفرع الأمني بمراسلة بقية إدارات وشعب وفروع الأجهزة الأمنية، للتأكد من عدم وجود أي استدعاء أو ملاحقة بحق صاحب العقار. وبعد ذلك تجري دراسة ملف المتقدم في الفرع الأمني، ليعود الطلب بالموافقة أو الرفض.
وغالباً ما تتولى فروع شعبة الأمن السياسي التابعة لوزارة الداخلية عملية إصدار الموافقات الأمنية. كما يمكن أن تقوم قوى عسكرية أو فروع أمنية محددة، يقع العقار في منطقة نفوذها، بإصدار الموافقات الأمنية. مثلاً، الفرقة الرابعة من الجيش السوري، التي يقودها ماهر الأسد، هي المسؤولة عن منح الموافقات الأمنية عند التصرف في عقارات ضاحية قدسيا في ريف دمشق.
كما أن المفارز الأمنية الموجودة ضمن القصور العدلية، وتجمعات المحاكم وكُتّاب العدل، تقوم بدورها بالاستعلام عن صاحب العقار، في الإجراءات التي ليس فيها تعميم يشترط الحصول على موافقة أمنية مثل تجديد الوكالة العامة. وعملية الاستعلام هذه معروفة محلياً باسم “التفييش”، وتتضمن البحث في قاعدة بيانات أمنية عن الشخص المعني.
وتتنوع أسباب عدم منح الموافقة الأمنية؛ ومنها وجود الشخص المعني في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، أو أن يكون خاضعاً للمحاكمة في قضية جنائية، أو أن يكون العقار مرهوناً لصالح أحد المصارف، أو لوجود قرار بمنع السفر بحقه أو حتى أحياناً بسبب وجود مخالفة مرورية غير مدفوعة. هذا، بالإضافة إلى الأسباب السياسية؛ كأن يكون الشخص المعني معارضاً سياسياً، أو أن يكون مطلوباً لأحد الأجهزة الأمنية، أو أن يكون خاضعاً للمحاكمة أمام “محكمة الإرهاب” الاستثنائية.
ومن الجدير بالذكر أن إنجاز المعاملات العقارية والتوكيلات قبل العام 2011 كان يشترط الحصول على “وثيقة غير محكوم” من أقسام الأمن الجنائي التابع لوزارة الداخلية، والتي تعتبر شكلاً من أشكال الموافقة الأمنية. قبل ذلك، فرض قانون تنظيم الملكية العقارية في المناطق الحدودية، الصادر بالمرسوم رقم 41 لعام 2004 وتعديلاته، الحصول على موافقة أمنية قبل إجراء أي من التصرفات القانونية في الملكية العقارية في المناطق الحدودية. وتصدر الموافقة الأمنية بقرار من وزير الداخلية، بناءً على اقتراح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، وموافقة من وزارة الدفاع.